في هذه الأيام كثر الحديث عن الحركة الإسلامية في السودان هل هي حركة مجتمع؟ هل هي حركة ذابت في المجتمع؟ أم هي أخذت إجازة مفتوحة عقب البيان الأول للانقاذ؟ أم هي حركة تجديدية؟ أم هي حركة فكرية أصولية مستمدة من الكتاب والسنة والقرآن دستورها؟ أم هي حركة أصبحت في عداد المفقودين؟ أم هي حركة ستلمم أطرافها وتنبذ العصبيات والجهويات والانقسامات والتهميش وتعود سيرتها الأولى لتستظل بظلال القرآن ومعالم في الطريق والمستقبل لهذا الدين وفي التاريخ فكر ومنهاج والعدالة الاجتماعية في الإسلام ومن نحن ولمن ندعو والأسر والتعارف والبرنامج التربوي والاجتماعي والاشتراكات الشهرية وصيام الإثنين والخميس وقيام الليل وقراءة الورد اليومي والأذكار.. ويا أخي في المشرق في المغرب أنا منك أنت مني.. أنت لي.. لا تسأل عن جدي عن حسبي عن نسبي.. إنه الإسلام أمي وأبي.. ومسلمون مسلمون.. حيث كان الحق والعدل نكون.. نرتضي الموت ونأبى أن نهون.. في سبيل الله ما أحلى المنون. وما لفت انتباهي أن الحركة الإسلامية لأول مرة في تاريخها تعقد مؤتمراً صحفياً وتعلن فيه للقاصي والداني ولكل الشعب السوداني ضربة البداية لقيام مؤتمرها في منتصف نوفمبر القادم وقيام مؤتمراتها القاعدية بالأحياء والفرقان والمناطق والمحليات والولايات وسط تكهنات في الأوساط الإسلامية والإسلاميين الملتزمين على وجه الخصوص أن لا ينجح هذا المؤتمر ويؤدي أهدافه المرجوة إذا كنكش المكنكشون لأن في المؤتمر الصحفي رئيس مجلس الشورى أعلن عن إبعاد عدد كبير من عضوية الحركة الأصل في إشارة إلى بداية الشتات والانقسام قبل عقد المؤتمر. فالحركة الإسلامية ليست ملكاً لأحد ولا حكراً على فئة معينة فكل من ارتضى بطرحها وأهدافها وبرنامجها التربوي والاجتماعي ووفق ما جاء في الكتاب والسنة فهو عضو.. ولكن أن يتم تصنيف الناس وعلى حسب الأهواء والأغراض التي لا تسمن ولا تغني من جوع فهو معول للهدم وليس للإصلاح وتضميد الجراح «الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين». وبقراءة متأنية وبنفس طويل توصلنا إلى بعض الآراء الإخوانية الحريصة جداً على رتق النسيج الاجتماعي للحركة الإسلامية وتوحيد الكلمة والصف.. فهنالك من الإخوان من يرى أن عضوية الحركة الإسلامية هي العضوية القديمة الملتزمة أي ليس هنالك قصر ومنشية بل حركة إسلامية موحدة دستورها كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.. وسنة رسوله الكريم محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.. والقرآن أنزله الله على رسوله بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمنًا عليه وقال له «فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق».. «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون».. «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هو الظالمون».. «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون».. أفحكم الجاهلية يبغون؟ ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون؟».. وكذلك تتوافى الديانات كلها على هذا الأمر، ويتعين حد الإيمان وشرط الإسلام، سواء للمحكومين أو الحكام.. والمناط هو الحكم بما أنزل الله من أحكام، وقبول هذا الحكم من المحكومين، وعدم ابتغاء غيره من الشرائع والأحكام. وهنالك من الإخوان من يرى أن الحركة الإسلامية وعاء جامع تجمع كل الإسلاميين بمختلف مشاربهم وعلى سبيل المثال تجمع الصوفية والختمية والأنصار وأنصار السنة والإخوان المسلمين وكل من يرتضي بالكتاب والسنة فكراً ومنهاجًا أي حركة مجتمع شاملة.. وفئة أخرى ترى أن الحركة الإسلامية وبمجرد استلامها للسلطة في الثلاثين من يونيو 1989م أي بمجرد أن أذاع العميد الركن عمر حسن أحمد البشير البيان رقم واحد فإن الحركة الإسلامية قد انتهى دورها كحركة كانت تجاهد وتقاوم من أجل تحكيم شرع الله في الأرض أي الانتقال من فقه الحركة إلى فقه الدولة بمعنى أوضح أن الحركة الإسلامية ذابت في المجتمع وكل أفراد الشعب السوداني التزموا بالبرنامج المطروح «برنامج الدولة» وطبقوه لأرض الواقع في حياتهم اليومية بمعنى طبقوا برنامج الحركة الإسلامية بداية بمسيرة الجهاد والاستشهاد والمشروع الحضاري ولذا كله أصبحوا تلقائياً حركة إسلامية وهذا مما يسد الطريق أمام أي جماعة تدّعي أنها حركة إسلامية دون سائر المجتمع السوداني. وهنالك من الإخوان من يقول بأن تفرز الكيمان بين المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية بمعنى كل عضو في الحركة الإسلامية هو تلقائياً عضو في المؤتمر الوطني وليس كل مؤتمر وطني حركة إسلامية أي أن الحركة الإسلامية هي الوعاء الجامع لحركة المجتمع.. بل هنالك من يلتزم ببرنامج الحركة ولا يلتزم ببرنامج المؤتمر الوطني وهنالك من يلتزم ببرنامج المؤتمر الوطني ولا يلتزم ببرنامج الحركة الإسلامية وهنالك من يجمع بينهما الاثنين وهنالك من يرفض هذه الخيارات تماماً ويتمسك بحركة إسلامية ولا شيء سواها ومعظم هؤلاء قد استوعبهم الرصيف ويقفون فُرجى على ما يحدث في الساحة.