لطالما ظلت تلك المدينة المحاطة بالجبال من كل النواحي هدفاً لما يسمى قطاع الشمال. ومع استمرار القصف حتى أيام العيد تؤكد مدينة كادوقلى عاصمة الولاية أنها لا تزال عصيةً وهدفاً عسيراً على قطاع الشمال، الذى ظل يقصف المدينة طوال الأسابيع الماضية، وبالأمس ومع استمرار القصف، قامت القوات المسلحة بتدمير خمسة معسكرات للجيش الشعبي بمنطقة الدندر وشرقي المدينة التى كانت تنطلق منها عمليات القصف بالكاتيوشا على مدينة كادوقلى فى الأيام الماضية، إذاً، يبقى السؤال: هل لا يزال قطاع الشمال يسعى للاستيلاء على حاضرة المدينة، ولماذا الاستمرار فى قصف تلك المدينة دون غيرها؟ تأتي الإجابة من الخبير العسكري اللواء «م» عباس إبراهيم الذى عاش فى المدينة قبيل انتهاء خدمته العسكرية، وذهب عباس خلال مهاتفته «الإنتباهة» أمس أن استمرار القصف المتكرر بين كل فترة لا يخرج من كونه ارسال رسالة من قطاع الشمال فحواها أنهم لايزالون موجودين على الساحة، بعد أن غابوا عن ساحة التفاوض والاتفاقيات التى أُبرمت بين البلدين، وبعد أن أصبحوا فى عزلة سياسية، إضافة إلى أن القطاع أراد أن يثبت أنهم فى وضع قوة، ولهم تأثير على أرض المعركة. فاستمرار القصف على المدينة التى تعتبر عصب الحياة بالنسبة لولاية جنوب كردفان لأهميتها الاستراتيجية- والحديث لعباس- الذى يؤكد أن هدف الحركة هو إنهاك القوات المسلحة التى ظلت ترد على كل الاعتداءات بمثلها، ولم يستطع قطاع الشمال أن يكسب أية جولة لصالحه، ولكن هذا الاستمرار جعل من الحركة كأنها تريد أن ترسل رسالة أن المدينة لم تعد آمنة مما جعل الكثير من سكانها يغادرونها إلى مناطق أكثر أمناً. وحول وجود فراغ أمني بالمدينة، ذلك الهاجس الذى أرّق مضاجع المواطنين بعد القصف المستمر طوال الأسابيع الماضية، نفى والي جنوب كردفان بجملة مقتضبة«لا اتفق مع هذا الرأي، فلا وجود لثغرة أمنية لأن جميع الخطط الأمنية ليست مطلقة»، مضيفاً أن هذا الهجوم من شأنه أن يدعو الجميع إلى تطوير خططهم يوماً بعد يوم، وساعة بعد أخرى، وقال: «لن يستطيع القطاع أن يحقق هدفه أو أن ينال من المدينة». الوالي كان قد أكد فى تصريحات صحفية أن عاصمة ولايته ستظل عصية على الفلول، وقادرة على تجاوز الأحزان، لأن هذه هي ضريبة الحرب وأن قواتهم تبذل جهداً كبيراً وبدرجة عالية من الكفاءة لصد الهجمات. ووصف العمل أنه بائس ولا قيمة عسكرية له، غير أنه عاد وقال «لكنه مقلق للمواطن». واعتبر أن الرسالة المقصودة من قبل قطاع الشمال إيصال رسالة مفادها «نحن هنا». مشيراً إلى أنه تم التعامل مع الحدث في حينه. وبحسب مراقبين فإن القطاع ظل يستخدم تكتيكاً أصبح معروفاً لدى الكثيرين، وذلك باستهداف المناطق ذات الكثافة السكانية، وذلك لجذب أنظار العالم والإعلام. وبحسب والي الولاية فأن منهج الحركة الشعبية قطاع الشمال- في حربها هو منهج حرب العصابات والتداعيات التي أعقبت اتفاق أديس أبابا، وضعت الحركة في «حالة يُتم ومصير مجهول لذلك كان لا بد من الصراخ وإرساله رسالة لا مستقبل لها». واتفق مع الوالي القيادي بالمؤتمر الوطنى د. قطبي المهدي الذي قال: «إن إقدام الحركة على ضرب كادوقلي خطوة غبية جداً». وطالب بفرض عزلة سياسية على قطاع الشمال بالحركة الشعبية، وأوضح أن قصف كادوقلي بسبب خسارة القطاع لكل طموحاته في اتفاق أديس أبابا. وأنّ تصرفات قطاع الشمال بالحركة الشعبية يستوجب فرض عزلة كاملة عليه، مطالباً بتحرك حكومي وشعبي ضد القطاع وممارساته.