الاعتداء الإسرائيلي على مجمع التصنيع الحربي لم يكن وليد لحظة ولا خبط عشواء وإنما نتاج لتخطيط طويل ودراسات متأنية، وقوى استخبارية عديدة ومعلومات، وكما كان وراء قصف الولاياتالمتحدة لمصنع الشفاء.. وفق معلومات تلقتها من عملاء بالداخل والخارج بهدف إحراج الحكومة وإسقاطها ليعود هؤلاء على ظهور الدبابات الأمريكية حكاماً يجثمون على صدر الشعب السوداني الذي قال وأكد قولته بالعمل من خلال انتخابات حرة وديمقراطية وشفافة.. يأتي العدوان الإسرائيلي على ذات الشاكلة إذا كان تحليلي هذا سليماً وهو قائم على احتمالات وقرائن ومؤشرات.. فقد يئس ما يسمى بقطاع الشمال من إزاحة نظام الإنقاذ سواء أكان عن طريق إثارة الحروب في دارفور أو شرق البلاد أو جنوبها.. بل وكانوا يتوقعون انهيار النظام باختيار الحركة الشعبية للانفصال.. فعزفوا هم وسدنتهم بالداخل على الانفصال وأن النظام بسياساته قاد البلاد إلى الانقسام بينما هذا المبدأ كان قد أُقر في مؤتمر القضايا المصيرية في أسمرة عام 1994 وبحضور ومشاركة جميع الأحزاب المكونة للمجتمع الديمقراطي.. فحق تقرير المصير لم يكن من مبادرات ثورة الإنقاذ ولم تكن الحكومة واضعة في حساباتها فصل هذا الجزء من السودان ولكن هي سيناريوهات يضعها العدو في ردهات الصالونات ويتوقعون على إثرها انهيار النظام وقيام فوضى عظيمة في السودان تقود مباشرة إلى تفتيت وحدة البلاد فتذهب فيها السودان الدولة العربية الإفريقية الكبيرة ذات الموارد الطبيعية الكبيرة وكان قصف مصنع الشفاء واحداً من السيناريوهات.. ثم جاء قصف اليرموك للسلاح التقليدي المصادق به في القانون الدولي.. الحكومة أبلغت المؤسسات الدولية الحارسة للقانون الدولي بتفاصيل الاعتداء وكيفية تحققه، وإسرائيل اعترفت وبشّرت بنجاح العملية العدوانية والتسريبات التي صدرت عن الدولة الصهيونية كلها تؤكد تورُّطها في العملية، وهي العملية الرابعة بالنسبة لإسرائيل باختراق سيادتنا الوطنية والقيام بعمليات قصفيه بحجة أن هناك عمليات لها صلة بقطاع غزة وحماس.. وعلى الرأي العام السوداني قوى سياسية ومنظمات مجتمع مدني المضي قُدُماً في كشف جوانب هذا العدوان الغاشم ونحن لسنا دولة يستهان بها لكي تخرق إسرائيل القانون الدولي وتعتدي علينا لأربع مرات متتالية دون أن تحرك المنظمة الدولية ساكناً.. بينما أن الدنيا كان ستقوم ولا تقعد إذا حدث العكس وكان الهجوم على إسرائيل المعتدية دائماً وعلناً على الدول والشعوب.. وهذا الموقف من المنظمة الدولية سيعود على العالم بالخراب والدمار إذا لم تكن هناك عدالة دولية، لأن الدول الأعضاء في المنظمة الدولية متساوية الحقوق أمام القانون.. وإذا اختلت هذه المعادلة فإن الخراب سوف يحل بالمنظمة ويتحول العالم إلى غابة وصراع بين القوى المختلفة.