بالرغم من أن المفروض هو ألا يثير أي مسؤول من حكومة دولة جنوب السودان أي حديث حول الاعتداء الإسرائيلي الأخير على السودان في سياق الكلام عن العلاقات بين الخرطوموجوبا، باعتبار أن مشروع التطبيع ليس فقط بين الأخير وتل أبيب، وباعتبار أنه لا داعي أصلاً لإثارة الحديث ما دام أن البلدين بينهما اتفاقية وقعا عليها في أديس أبابا وهذا بالطبع يلزم المصداقية، إلا أن وزير الإعلام في حكومة جوبا الدكتور برنابا مريال بنجامين أطلق تصريحاً يفيد بأنه يستبعد أن يؤثر الاعتداء الإسرائيلي على مصنع اليرموك في العلاقات بين الدولتين، وقد قال: «ليس لدينا دخل في إسرائيل وما حدث يخص الخرطوم وتل أبيب».. انتهى. والسؤال هنا لماذا هذا الحديث أصلاً وما الداعي له؟!.. وحتى إذا ما وُجِّه إليه سؤال حول هذا الأمر ينبغي أن تكون إجابته هي أن هذا السؤال غير سليم ولا يستقيم في أي سياق نتحدث فيه عن العلاقة بين الخرطوموجوبا.. ثم إن مثل هذه المسائل تندرج في ملفات الأسرار الاستخباراتية ولا يمكن أن ينتظر من مسؤول حكومي في جوبا أن يقول بأن لهم صلة بالعدوان الإسرائيلي، سيكون السؤال ساذجاً طبعاً. ويمكن أن يجيب عن مثل هذا السؤال أشخاص لهم خبرات قتالية ومحايدون فمثل هؤلاء يمكن أن تكون استنتاجاتهم قوية، مثل نائب رئيس حكومة قطاع غزة في فلسطين الدكتور محمود الزهار الذي قال: «لا أستبعد انطلاق الطائرات التي هاجمت مصنع اليرموك من دولة جنوب السودان». فهذا بالطبع استنتاج قوي مبني على معطيات، وربما تكون هناك معلومات متسربة، ومعروف أن الزهار من الشخصيات المتمرسة في العمل القتالي ويكفي أنه نائب زعيم حركة المقاومة الإسلامية حماس المنتخبة من أغلبية الشعب الفلسطيني.. والمثل البريطاني يقول «عدم الوضوح يصنع الوضوح».. ثم إن علاقة جوباوالخرطوم تبقى أهميتها في الجانبين الأمني والاقتصادي، وإذا لم تتحسن الأوضاع الأمنية على الحدود ويُحسم وجود «قطاع الشمال» تماماً، وتوفي جوبا بالتزاماتها المالية مقابل عبور نفطها بالأراضي السودانية، فلا معنى لهذه العلاقة ولا ضرورة لها، ولن يكون هناك فرق بين جوبا وصديقتها تل أبيب. لا تهم زيارة سلفا كير إلى الخرطوم أو زيارة البشير إلى جوبا، وإنما يهم عودة الأمن والالتزام بدفع رسوم عبور النفط. ولا نستبعد أن يكون في إطار العلاقات «الشاملة» بين جنوب السودان وإسرائيل أي شيء. إسرائيل أصلاً دولة غير شرعية ولا يجوز إنسانياً وأخلاقياً التطبيع معها، لأن هذا يعني قبول الاحتلال والمجازر والقتل من جانب اليهود الذين يحكمون دولة الكيان اليهودي في فلسطين. وليس هناك حرب قامت بين جوبا وتل أبيب ولم تحتل الأخيرة أرضاً للأولى حتى يكون هناك اضطرار أو نوع من ذلك للتطبيع مع دولة غير شرعية، وهي إلى زوال بإذن الله.. ما دعانا إلى الكتابة عن هذا كله هو أن بعض عناوين الصحف تقول إن جوبا ترحب بزيارة البشير وتنفي صلتها بقصف اليرموك.. والسؤال لماذا النفي أصلاً؟! وسام الأمانة لسفير الأمانة جاء في الأخبار أن جمعية المهندسين السودانيين منحت المواطن السوداني المقيم بالمملكة أحمد محمد أبنعوف وسام «الأمانة» للعام 2012م وذلك لما قام به من عمل نبيل، فقد عثر على مبلغ 500 ألف ريال سعودي ومجوهرات وذهب تفوق قيمته المليون ريال سعودي، وقام بتسليمها لمركز شرطة العزيزية بالرياض.. ببساطة نقول إن الأخ ابنعوف إنسان مؤمن فطن كيس يرجو لقاء ربه، يتذكر أنه سيموت حتماً ويلقى الله الذي إن شاء أعطاه جنة عرضها السماوات والأرض وهو في دار الخلود، وهكذا تكون محسوبة صاح «والدنيا دي موت فيها فايدة ما في إلا بالأمانة والصدق والمسألة حسابات من خلال حقيقة موت فيها».