الزوج القوي المسيطر هو الذي تعودنا أن نراه في كل بيت سوداني.. ولكن في زمننا هذا اختلفت الأوضاع واختفى هذا الزوج وظهر بدلاً منه الرجل الطيب المتفاهم المعتدل الذي تنازل تلقائيًا وبرضاه عن جزء من مكانه داخل البيت لتشاركه فيه المرأة.. تُرى ما سبب حدوث ذلك؟ وكيف تنازل الرجل طواعية عن دوره للمرأة؟ وهل لهذا الوضع الجديد في بيوتنا تأثير على الأبناء؟؟. إن العلاقة بين الزوجين قد اختلفت عن الماضي وذلك؛ لأن الحياة العامة قد اختلفت أيضًا.. وتعددت الأدوار التي يقوم بها الرجل والمرأة والتي جعلته يقسم شخصيته وقوته مناصفة بينه وبين زوجته ويتنازل عن أوامره ونواهيه ويمسك العصا من منتصفها. إذا كانت هذه الصورة قد ظهرت أخيرًا وتسللت في هدوء إلى داخل بيوتنا.. فما دور الأولاد وتأثير ذلك عليهم وعلى شخصيتهم هل تنازلوا هم أيضًا عن دورهم؟؟. إن دور الأب الذي بدأ يتغير وشخصية الرجل قد تتغير داخل المنزل.. فلم يعد ذلك الأب بجبروته وقوته.. هذا الوضع فرض نفسه نتيجة متغيرات العصر منها خوض المرأة ميدان العمل وأخذها دورًا مماثلاً ومقاربًا لدور الزوج أو الرجل ومساهمتها بدور إيجابي وفعال جدًا داخل المنزل.. ليس فقط في تربية الأولاد!! لكن في الحصول على مصدر الرزق! هذا الوضع جعل دور الزوج يتقلص وهذه المشاركة في المسؤولية المادية جعلت طبيعة الزوج تتغير تمامًا فأصبح لا شعوريًا أكثر تسامحًا وتساهلاً في السماح للزوجة أو للبنت بأن تلعب نفس أدواره. إن طبيعة الرجل في حد ذاتها قد تغيرت داخل المنزل ولكن هل هناك عوامل آخرى أدت إلى ذلك.. الإجابة وبكل بساطة أن هناك عدة عوامل أدت إلى هذا الوضع! أكثرها تأثيرا أن الديمقراطية قد سادت الجو الأسري مثلما سادت العالم كله.. وأساليب الحكم التي تغيرت قد أثرت حتى في أسلوب معيشتنا.. ومن هنا نقول إن طبيعة العصر قد فرضت ذلك وبالتالي اختفت تمامًا صورة الأب والزوج المتسلط وأصبحت الحياة مشاركة وإسهامًا متساويًا ومتبادلاً.. كذلك يمكن القول إن الرجل بدأ يتساهل ويتنازل عن دوره؛ لأنه شعر أن مسؤوليات الحياة فوق طاقته. المسؤوليات أصبحت كثيرة والحياة أصبحت أكثر تعقيدًا.. ففي الماضي كان يستطيع أن يتعامل مع الحياة بقوة ومقدرة ويمكنه أن يكفي حاجة عائلته تمامًا وبالتالي يستطيع أن يجعل المرأة تلزم دورها وتأخذ مكانها في تربية الأولاد والاهتمام بالمنزل.. ولكن اليوم يشعر الرجل بقدر من العجز لذلك يتنازل وهذا التنازل جعل الزوجة تأخذ دورها وجزءًا من دورها ويا له من تنازل؟!!!..