تذكرت لقطة من سلسلة «متاعب»، وأنا استمع لهمهمات الغضب في صف الكهرباء الطويل من مواطنين اضطروا إلى دفع «45» جنيهاً رسوم مياه، مع فاتورة الكهرباء. والبعض يتوعد بفتح صنبور المياه طوال اليوم لأن المبلغ يفوق استهلاكه بكثير، أسوة بما فعله الممثل في متاعب، حيث سئم من قطوعات الكهرباء المستمرة مما جعله يضيء المنزل كله حتى الكشافات عندما عاد التيار الكهربائي في«فش غبينه ضد ناس الكهرباء»! ويبدو أن الفشل الذي منيت به فكرة تركيب عداد دفع مقدم، هي التي جعلت الذهنية التي تضيّق على المواطن تبتكر خاصية التخفي خلف فاتورة الكهرباء في سياسة لي ذراع رفضها المواطن واحتج عليها، ولكن للأسف الكهرباء ليست من السلع التي قد «يحردها» المواطن، واضطر كثيرون إلى شرائها الشهر الماضي، بينما شهد بداية الشهر الحالي غضباً وسخطاً من المواطنين خصوصاً سكان الشقق، لأنهم الفئة المتضررة التي تشغل حيزاً لا يزيد عن «100» متر، وتدفع مثلها مثل الذي يشغل منزلاً من أربعة طوابق! وعلى الرغم من التصنيف الأخير للشقق بأن تدفع «25» جنيهاً للدور العلوي، و«45» للدور الأرضي، وهو مجحف أيضا إلا أنه لم ينفذ أيضا ووجد المواطن نفسه في صف الكهرباء يناضل ليحصل عليها مدعومة بداية الشهر، ولكن بجباية شهرية عبارة عن فاتورة مياه قد لا يستهلك نصفها أو ربعها. وفي وقت صدور القرار انتقده قانونيون واقتصاديون واعتبروه مخالفاً للدستور وقانون الهيئة، ويؤدي إلى فقدان الإيرادات والمشتركين، فيما أكد المجلس التشريعي لولاية الخرطوم تمسكه بتجربة دمج فاتورة المياه مع فاتورة الكهرباء. وأكد مسؤول الدائرة القانونية بجمعية حماية المستهلك والمستشار القانوني مولانا عمر كباشي أن دمج فاتورة المياه مع الكهرباء مخالف للدستور وقانون الهيئة لسنة 2002م، واعتبره وسيلة ضغط لا أخلاقية، ولا يوجد أي نص يلزم المستهلك، واعتبره عقداً مخالفاً للقانون والدستور، وطالب المواطنين بوقفة جادة لمقاضاة هيئة المياه والكهرباء. وأكد مدير شركة «تابس» للتحصيل عبد الباقي عبدالرحمن، أن إصدار مرسوم بدمج فاتورة المياه مع الكهرباء مخالف للدستور، ويخالف قوانين الهيئة، مشيراً إلى خسائر بعض الشركات. وكانت الشركات العاملة في تحصيل فاتورة المياه والبالغة أكثر من (20) شركة، استنكرت قرار والي الخرطوم القاضي بدمج فاتورة المياه بالكهرباء، ووصفوا القرار بالظالم. في وقت أكدوا فيه أن القرار يسهم في تشريد أكثر من «6» آلاف عامل في ظل ارتفاع عدد نسبة البطالة في الدولة. المرافق الخدمية هي التي تشعل النيران وخصوصاً عندما يصحبها ضغط ولي ذراع، كما يحدث الآن خصوصاً لأصحاب الشقق، فلماذا تدفع بناية بها «6» مستأجرين ضعف ما تدفعه بناية أخرى لا يشغلها سوى صاحبها؟بعض القرارات تنزل إلى أرض الواقع دون دراسة للمتضررين الذين مطلوب منهم «لحس الأصابع» وتقديم الشكر! البعض يراها عملية امتصاص لعرقهم، والبعض يرى أنهم يتحملون عبء الفاتورة نيابة عن آخرين. فالبعض قد يشترى أكثر من قيمة استهلاكه بل حتى إذا كان غائباً عن منزله أو إذا كان عدد أفراد أسرته معدوداً، فهل تستهلك أسرة قوامها «10» أشخاص ما يستهلكه شخصان؟ إذا أرادت الحكومة تحصيل فاتورة مياهها، فلتبحث عن طريقة أخرى لا تأخذ بها أكثر من حقها! كل هذا اللغط كان يتم بين الصفوف التي كلما وصل شخص إلى الشباك فجع بمبلغ «45» جنيهاً . إذن كيف يكون المخرج، في ظل موافقة المجلس التشريعي علي استمرار هذه الخطوة؟ إذن من المتوقع أن يستمر الجدل حتى إشعار آخر.