قبل أكثر من عامين تقريباً كنت في زيارة لمحلية أم القرى بولاية الجزيرة وصدمتُ ومرافقي من بعض مدارس المحلية حيث يجلس التلاميذ على الأرض وبعض الفصول تعاني كثيرًا من تردي بيئتها وكذلك سكن المعلمين الذين اشتكوا في ذاك الوقت من المعاناة الكبيرة التي يواجهونها في سبيل الحصول على الخدمات الضرورية، وبعد نهاية زيارتنا تلك عرضنا كل تلك العقبات على معتمد المحلية في ذلك الوقت يوسف الزبير ووضع أمامنا الكثير من الخطط الطموحة التي سوف تنفذ في القريب العاجل إن كان في التعليم أو الصحة أو غيرهما من الخدمات وارجو أن يكون أهلنا في أم القرى استمتعوا بتلك الخدمات التي كانت على الورق في ذاك الزمان، ولكن ما دعاني لتذكر هذا الواقع المرير الذي عاشه أهلنا في أم القرى هو تلك المدرسة التي تقع في قلب حاضرة الجزيرة «ودمدني» تلك المدرسة التي تعاني كثيرًا في بيئتها التعليمية جعلتني أفكر في أبنائنا التلاميذ في مختلف أرياف وبنادر السودان الذين يجدون معاناة كبيرة في سبيل الحصول على تعليمهم، فإذا كانت هناك مدرسة في حي المنيرة بود مدني يجلس بعض تلاميذها في الأرض وتحت رواكيب لا تستطع حمايتهم من رذاذ المطر وليس حباته الكبيرة فكيف هو الحال عند تلاميذ أم القرى والربع وأرياف المناقل و... و... وقائمة طويلة من قرى الجزيرة غربها وشرقها، جنوبها وشمالها. وإن كانت الجزيرة هذه الولاية المعطاءة التي تعتبر العاصمة الثانية بعد الخرطوم يعاني أهلها في التعليم وغيره من الخدمات فكيف هو الحال في بقية ولايات السودان، التي تبعد كثيراً عن الخرطوم ويبعد ريفها كذلك عن الخدمات، وكذلك في وقت سابق عرضنا عبر «الانتباهة» معاناة بعض مدارس كوستي وود شريفي بكسلا، ومعاناة أبناء حي المنيرة لا تقل عن ما عرضناه من ترد مريع للبيئة المدرسية، ولا ادري ماذا تفعل حكومات تلك الولايات إن كان التعليم يعاني؟ وماذا تفعل إن كانت العديد من الخدمات منعدمة؟، وماذا تفعل إن كان المواطن يتذوق المُر من أجل أن يجد خدمات صحية؟ إن ما شاهدته في زيارة عابرة للمدرسة التي تقبع في حي المنيرة جعلنا نخطط لفتح تردي الخدمات المختلفة في ولاية الجزيرة خلال الأيام المقبلة وسنحاول الوصول إلى القرى البعيدة في الولاية لعرضها للرأي العام والمسؤولين في المركز لعلهم يلحقون بعض الأجيال من الضياع..