كتب لوكا بيونق على موقع «سودان تربيون» مقالاً بعنوان: «زيارة البشير.. صراع أخلاقي لدولة الجنوب واختبار دبلوماسية وقيم الإمة الجديدة» قائلاً: «إن القمة المقررة بين الرئيسين البشير وسلفا كير كان من المفترض أن تعقد منذ أبريل الماضي إلا أن أحداثاً جرت بين البلدين وتمثلت في إغلاق إنتاج النفط والهجوم على هجليج، ومن ثم إغلاق الحدود بين البلدين قد أدت إلى تأجيلها، كما أن الغضب الذي استولى على البشير عقب الهجوم على هجليج جعله يظهر الوجه الحقيقي لعنصرية الشمال الأمر الذي أغضب شعب الجنوب وهو ما يتطلب كثيراً من الوقت والجهد لإصلاحه وإعادة الثقة بين أبناء الشعبين، وبالرغم من هذا التدهور المريع في العلاقات فإن هناك بعض التطورات الإيجابية تمثلت في التوقيع على الاتفاقية الأخيرة في أديس أبابا والتي ترتب عليها فتح الحدود بين البلدين واستئناف عمليات ضخ النفط، الأمر الذي حصل على مباركة إقليمية ودولية واسعة شكّلت دعماً قوياً لمصداقية البشير التي كانت محل شك من مختلف الدوائر، وانتقد المقال مبالغة الخرطوم المفرطة للمكاسب التي حصلت عليها من الاتفاقية بعد أن أكدت للرزيقات الرُّحّل حصولهم على ال«14 ميل» فضلاً عن أنها دعمت توقعات المسيرية الرحل بالتصويت في استفتاء أبيي برفضها مقترح لجنة الوساطة الإفريقية الخاصة بالوضع النهائي للمنطقة، وتمنى رئيس الوفد المفاوض إدريس عبد القادر زيادة الحريات الأربع لتصبح أربعين حرية، مؤكدًا حصول السودان على «7» مليارات دولار خلال ثلاث السنوات والنصف من اتفاقية النفط وحدها، ويمضي المقال ساردًا وفي الوقت الذي احتفل فيه نظام الخرطوم بالفوائد المترتبة من الاتفاقية ساد شعور بالإحباط والغضب وسط عدد كبير من أبناء الجنوب وبخاصة في المدن الرئيسة بسبب إحساسهم بضعف الفوائد التي حصلت عليها دولتهم وبخاصة أبناء منطقة «الميل 14» وهجليج وأبيي، الذين نظروا للاتفاقية بعين الغبن، كما أن كثيرًا منهم ينظر إلى اتفاقية الحريات الأربع على أنها عودة السيطرة لجلابة الشمال مع غياب تام لحسم ملف الوضع النهائي لمنطقة أبيي والمناطق المتنازع عليها، الأمر الذي انعكس على الترحيب الضعيف للوفد المفاوض في مطار جوبا، وعليه فإن المشاعر السالبة التي يكنها الشعب الجنوبي للرئيس البشير ونظامه في الخرطوم فضلاً عن الجدل القائم حول مطالبة المحكمة الجنائية بالقبض عليه وتسليمه تجعله غير مرحب به في جوبا. ومع كل ذلك فإن جنوب السودان بوصفه عضواً في الاتحاد الإفريقي لديه التزامات معينة تجاه حماية الرؤساء الموجودين على سدة الحكم وبحماية الرئيس البشير على وجه الخصوص واحترام مبادىء القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي والذي جاء في المادة 2 «1» من قانون اتفاق التعاون المشترك، إذ يلزم هذا القانون جميع أعضاء الاتحاد الاإريقي بالامتثال لسياسات وقرارات الاتحاد والتي من أهمها عدم التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية فيما يخص قبض وتسليم الرئيس البشير للمحكمة، هذا فضلاً عن أن دولة الجنوب قد ألزمت نفسها تحت المادة 5 «2» من اتفاقية التعاون بإنشاء ودعم آليات قابلة للتطبيق لإدارة العلاقات الثنائية مع السودان من خلال اجتماعات القمة العادية لرؤساء الدولتين، وعليه يتعين على دولة الجنوب الترحيب بالبشير في جوبا لعقد قمة مع الرئيس كير دون القبض عليه وتسليمه للجنائية، حيث طالب الاتحاد الاإريقي في اجتماعه الأخير البلدين بالتوصل إلى توافق في ملف ابيي في غضون ستة اسابيع واتفاق آخرحول بقية المناطق المتنازع عليها خلال اسبوعين، وعليه فإن القمة توفر فرصة ذهبية لحسم ملف أبيي والحدود.. ويمضي المقال قائلاً:« وعلى كلٍّ فإن الجدل بين الاتحاد الإفريقي والدول الأعضاء الموقعة على ميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية وبخاصة حول مكان انعقاد القمة كان لا يزال يشكل معضلة قانونية، ولعل ذلك يظهر جلياً في حالة ملاوي والتي تسبب سماحها للرئيس البشير بحضور قمة الكومسا في ديسمبر 2011 في نزاع قانوني، ويرى كاتب المقال أنه وبالرغم من أن قرار المحكمه الجنائيه قد تم تحدية بواسطة لجنة الاتحاد الافريقي فإنه لا يزال يشكل معضلة أخلاقية للدولة الجديدة غير الموقعة على نظام روما الأساسي، مؤكدًا على أهمية اجتماع الدكتور رياك مشار نائب الرئيس بالمدعية العامة للمحكمة الجنائية في نيروبى بشأن زيارة الرئيس البشير قائلاً:« إنه قرار صائب كما أنه يتفق مع ميثاق روما الأساسي الذي ينص على أنه لا يجوز للمحكمة طلب تسليم أو المساعدة في تسليم الدبلوماسيين أصحاب الحصانة أو ممتلكاتهم والذين ينتمون إلى دولة أجنبية دون الحصول على موافقة بلدانهم بإسقاط الحصانة عنهم» ويختم الكاتب مقاله قائلاً: « بالرغم من أن المعضلة القانونية والأخلاقية التي تحيط بزيارة البشير إلى جوبا فضلاً عن المشاعر السالبة التي يكنّها شعب الجنوب له فإنه ينظر لهذه الزيارة على أنها خطوة إيجابية في بناء الثقة لإيجاد حلول نهائية بشأن القضايا محل الخلاف، كما أنها فرصة سانحة ليعتذر الرئيس البشير لأبناء الجنوب عن تصريحاته السالبة.