تتطلّب المرحلة المقبلة من الحكم في النيل الأبيض اختيار جهاز تنفيذي واع بمتطلبات الجمهورية الثانية، خاصة أن بحر أبيض تشهد حالة استقرار غير مسبوقة بفضل سياسات الوالي يوسف الشنبلي، هذا الاستقرار هو الآن في بدايات حكم الشنبلي الذي تجاوز العام، فقد وصل للسلطة في أبريل من العام الماضي حاصداً أصوات «273» من جملة الناخبين في الولاية الذين يتجاوز تعدادهم المليون نسمة مقابل منافسه من المؤتمر الوطني إبراهيم هباني. كانت بحر أبيض معروفة في المركز دون غيرها من باقي الولايات بموضة الحافلات التي تحمل السياسيين في كل أزمة سياسية صغيرة أو كبيرة، وبالمذكرات التي تتطاير من فوق «ترابيز» المسؤولين في الخرطوم ضد الولاة، كما عُرفت بحر أبيض «بالجاغوارات» وهم الكباتن الذين كانوا يمثلون مصدر إزعاج سياسي للولاة لا سقف له. غير أن النقطة المحورية الآن تتمثّل في نتائج الانتخابات التي نقلت الولاية للأفضل وطالما أن البلاد كلها مقبلة على تغيير وتقليص في الأجهزة التنفيذية فإن على الشنبلي تقع مسؤولية جسيمة والنيل الأبيض لا تزال تحتاج للعدالة في الحكم وفي الوظيفة العامة وفي الموازنة في توزيع الخدمات بين أنحاء الولاية كخدمات الصحة والطرق والمياه والتعليم؛ لأني أجد اليوم من يتململ من سياسات توزيع الخدمات. فإن الفشل في إعادة توزيع التنمية بالصورة العادلة له مضار قيمتها السياسية خطيرة تنعكس على مجمل الأوضاع في الولاية. وأعتقد أن السيد الوالي نجح إلى حدٍ كبير في توجيه أدوار «الجاغوارات» فهؤلاء الحاجة إليهم لا تنتهي بسبب تأثيرهم في القواعد التي ترى أن لجهدهم قيمة فقد نجح الوالي في تطويع جهودهم من خانة المنافسة والمشاركة إلى خانة التعاون للمصلحة العامة وبإمكاننا رؤية ذلك في الاستقرار الذي تشهده الولاية، حيث أمكن الاستفادة من تحويل جهد هذه القيادات من إطار القبيلة الضيّق إلى رحاب الحزب الواسع. ويبقى الأهم هنا أن التواصل الذي حقّقه الوالي وحكومته مع القضايا القومية والجهد الذي بُذل في حجم التدفقات المالية للولاية جعل الولاية تمثل حضورًا جيدًا في أجندة المركز بعد سنوات من الإهمال والغياب مما جعل الولاية تغادر المحطة المنكوبة وتتعافى ولو بقدر من الروح الشيطانية والانهزامية.