ضحك عبد الكريم كثيراً قبل أن يعلق على تعبيد بعض الطرق الداخلية بولاية القضارف، فأما تعليقه فانصب حول سهولة عبوره إلى عدد من مناطق بلدية القضارف دون أن يحمل هموم (الوحل) في الخريف أو المطبَّات في غير الخريف الذي كان مبشراً في هذا العام في القضارف وغيرها من ولايات السودان، وأبدى عبده كما يناديه أصدقاؤه ارتياحه من تعبيد الطرق الداخلية وهو السائق البسيط الذي يحمل هموم الإسبيرات وتعطل مركبته «التي يأكل بها عيشًا»، ونعود لضحكته التي أصررنا عليه لتفسيرها فقال: (لو كنا نعلم أن استقالة كرم الله ستأتي إلينا بكل هذا الخير الوفير لرفعنا الأكف لله داعين أن يذهب عنا منذ توليه منصبه).. وإن كان عبد الكريم يرى في ذهاب كرم الله خيرًا للولاية فإن هناك بعض أهل الولاية يقفون إلى جانب كرم الله ويساندوه حتى بعد تركه لمقعده الذي أثار من خلاله الكثير من الجدل، بل إن بعض الأحزاب المعارضة تعمل جاهدة لدعم كرم الله في الانتخابات المقبلة حتى يأتي مرة أخرى لحكم الولاية ولكن في هذه المرة من باب المرشح المستقل وليس مرشح المؤتمر الوطني وربما يجد كرم الله الكثير من الدعم حتى من غير الأحزاب المعارضة، فالولاية بها الكثير من البسطاء الذين يحملون الجميل لكرم الله المزارع وليس السياسي ومنهم من ينتظر أن يرد له الجميل بإعطائه صوته في الانتخابات المقبلة. إن ولاية القضارف عانت كثيراً خلال السنوات الماضية من تردي الخدمات المختلفة إن كانت في مجال الصحة أو التعليم أو غيرهما من الخدمات وإن كان الوالي السابق يرمي اللوم في هذا التردي على المركز وعدم إعطاء الولاية نصيبها من الناتج القومي كما يقول فإن الحكومة الانتقالية بدأت من حيث ينظر المواطن البسيط، فالولاية الزراعية الأولى في السودان يطمح أهلها في طرق معبدة ومدارس جيدة للتعليم ومشافٍ تتوفر فيها كافة مراحل العلاج. إن المرحلة المقبلة من حكم القضارف تتطلب شخصًا له المقدرة الفائقة على العمل وتحمل الصعاب، إلى جانب القبول من كافة ألوان الطيف السياسي، والأهم من كل ذلك القبول من المركز، ومن هنا تأتي صعوبة فوز كرم الله في الانتخابات خاصة إن كان منافسه رجلاً في قبول وحيوية الوالي المكلف الضو الماحي.