تأسس مستشفى نيالا التعليمي بولاية جنوب دارفور منذ العام «1939م» في عهد المستعمِر الإنجليزي وشهد نوعًا من التطور خلال عقود من الزمان الماضية باعتباره المرجعي الوحيد بولايات دارفور بل كان يستقبل مرضى من بعض دول الجوار الإفريقي إلا أنه فى الآونة الأخيرة شهد إهمالاً واضحًا من قبل الحكومات التى تعاقبت على حكم الولاية ومر بظروف بالغة التعقيد كادت أن تدخله فى غرفة الإنعاش والموت البطيء طوال العشر سنوات الماضية وحتى يومنا هذا فالمستشفى الذي يسع ل«400» سرير ويوجد به «23» اختصاصيًا بمختلف التخصصات لكن صورته الماثلة للعيان اليوم لا ترقى لأن يكون مستشفى في ولاية بحجم جنوب دارفور ومدينة مليونية كنيالا فكل شيء فيه يمضي للخلف ورغم أنه تعافى بعض الشيء من موجة الإضرابات للأطباء التي شهدها هذا المرفق الحيوي قبل عامين لكنه يواجه كل يوم أزمات جديدة تلقي بظلالها عليه، فخلال الشهرين الماضيين استقبل عددًا من الحالات الطارئة منها حوادث سير بجانب حالات التسمم لتلميذات مدرسة محلية ياسين بشرق دارفور وأخيرًا وحتى الآن استقبال مرضى الحمى الصفراء التي ضربت عددًا من ولايات دارفور وأزهقت العديد من الأرواح وظل هذا المستشفى يعمل في صمت رغم شح إمكاناته لاستقبال أي طارئ وتلك الحالات إلى أن حباه الله ببنك مركزي للدم تبلغ تكلفته حوالى مليارين بدعم من الصحة الاتحادية، وهذا لم يأتِ إلا بعد موجة الحمى الصفراء بالمستشفى يعاني من مشكلات الصرف الصحي حتى أصبح البعض يُطلق عليه ناقل العدوى بجانب مشكلات المياه والكهرباء والنقص في الكوادر والمستهلكات الطبية وغيرها وقد كنت شاهدًا عندما ذرفت عضو مجلس الشيوخ الإيطالي ورئيسة منظمة «إيطاليون من أجل دارفور» انتونيلا نابولي الدموع عندما وقفت على غرفة الإنعاش بالمستشفى وعبر حوادث الأطفال في زيارتها الأخيرة لنيالا برفقة رجل الأعمال الإيطالي السيد ماركو الذي هو الآخر تكفل بعلاج أربعة أطفال حالات صعبة بالخارج وعندها أعلنت نابولي أنها ستحدث نقلة نوعية في هذا المستشفى، وكشف المدير العام لمستشفى نيالا التعليمي الدكتور عمر يعقوب أحمد ما يمر به المستشفى من ظروف بالغة التعقيد، وقال إن المستشفى به «400» سرير و«23» اختصاصيًا وحوالى «125» من الممرضين والأطباء العموميين والامتياز ونواب الاختصاصيين لكن هنالك نقصًا حادًا في الكوادر إذا ماقورن الموجود بتعداد سكان الولاية لأن المستشفى هو المرجعي الأول ويدلل على ذلك الأحداث التي تقع بالولاية مبينًا أنه بجانب ذلك يحتاج ل«100» طبيب عمومي و«2» اختصاصي أطفال و«2» نساء وتوليد ومثلهم جراحة بجانب اختصاصي أنف وأذن وحنجرة ومثله جلدية كاشفًا عن عدم وجود اختصاصيين، وقال إنهم يواجهون مشكلة فعلية تتعلق بدفع فاتورة الكهرباء حيث إن المستشفى يستهلك حوالى اثنين الف جنيه يوميًا للكهرباء وقال إن أكبر مؤرق لهم مشكلات الصرف الصحي مع انعدام عربة للشفط بالمستشفى فهي قضية تتطلب تضافر الجهود لوضع المعالجات الجذرية لها، وأشار إلى أن الثقافة العامة لبعض المواطنين وتعاملها الخاطئ من الدورات أدت إلى تدهورها تمامًا لذلك اقترح أن تتولى شركة خاصة تأهيل تلك الدورات وإدارتها لأننا بإمكاناتنا المتاحة لا نستطيع لذلك ومشكلة المصرف الصحي وفقًا للدراسة المعدة لها حلها يكلف حوالى مليار جنيه لكننا إذا وجدنا عربة للشفط يمكن أن نقدم خدمة لا بأس بها، وقال إن التحدي أمامه أيضًا يكمن في كيفية تطوير وتأهيل قسم الأشعة الذي يعمل الآن بجهاز بدائي جدًا حال دون عمل الفحوصات المهمة المتعلقة بالأشعة داخل المستشفى كما أن قسم الإنسان متهالك يعمل بواسطة كرسي من الجيل الأول والعنابر جميعها تحتاج لعمل كبير وحتى المستشفى يفتقر للمكاتب الإدارية ولا توجد به أجهزة حاسوب للعمل في كل الأقسام الإدارية والطبية لافتًا إلى أن مشكلة المياه بالمستشفى أكبر مؤرق والشبكة الداخلية تأكَّلت وأدت إلى قطع المياه من بعض الأقسام، وقال إن المستشفى يعتمد حاليًا على عربة إسعاف واحدة فقط والأخرى متعطلة، وكشف د. عمر عن اتجاه لتقسيم المستشفى إلى أقسام قائمة بذاتها لتسهل عملية إدارتها من خلال الخطة المستقبلية لتصبح أقسامًا مطالبًا حكومة الولاية بأن تضع أمر مستشفى نيالا ضمن أولوياتها ووضع ملف لحل مشكلات توطين العلاج داخل الولاية، وقال: «إذا نظرنا للمواطنين الذين يذهبون للخرطوم بحثًا عن العلاج مكلف جدًا من الناحية الاقتصادية فيجب أن تؤهل لهم المؤسسات العلاجية بالولاية تفاديًا لتلك التكاليف الباهظة.