يموت الزوج فتجد المرأة نفسها في بيت خاوٍ ومسؤوليات كبيرة فتلجأ في كثير من الاحيان الى الزواج بآخر حتى تزيح عن كاهلها على الأقل الأعباء المادية خصوصًا اذا كانت الزوجة صغيرة في السن فغالبًا ما يتم تعويضها بشيقيق الزوج واحيانًا ترفض الزواج به وتتزوج آخر غريبًا ولكن الوضع السائد خصوصًا في السودان ان الزوجة تفضل ان تحتفظ بذكرى زوجها ولا تتزوج فتجد نفسها تحظى باحترام من اهل زوجها ولكنها تكابد الوحدة حتى لو كان من اسرة ميسورة.. «البيت الكبير» توقف مع هذه الظاهرة قليلاً.. في حالة رجاء كان السبب في بقائها ارملة ابنها الاكبر الذي رفض فكرة زواجها بقريب لهم ميسور الحال كزوجة ثانية ففضلت ان تربي اطفالها الاربعة بعرقها على ان تخسر ابنها. لا ارى احدًا يماثل زوجي الراحل.. من خلال عيون مختلجة تحدثت نجوى عن ذكرى زوجها الذي لم تتمكن من ادخال غيره بيتها بعد وفاته في حادث سير مفاجئ اردفت قائلة: هل يوجد رجل يوازيه في الدنيا؟ لن اخرب ذكرياتي معه بسبب آخر قد لا يكون مثله. بينما يرى الجنس الآخر ان المرأة لا يجب ان تدفن نفسها اذا مات زوجها بل ان تتزوج وتخرج نفسها من تعاسة لا آخر لها وحداد طويل.. يقول هاشم اذا كانت المرأة شابة وصغيرة عليها ان تتزوج وتحصن نفسها فهذا كفيل بان تنسى بعد فترة احزانها وتعاود حياتها الطبيعية على عكس الأرملة التي تظل وحيدة طوال حياتها وتظل اسيرة احزانها. وتناقض رأيه «حياة» وهي ام لاربع بنات ظلت بلا زواج بعد وفاة زوجها تقول: مات زوجي وبناتي مراهقات كيف أُدخل عليهنَّ رجلاً غريبًا؟ لن اثق به ولن ترتاح بناتي هن عرائس الآن أنا فخورة بعمري الذي لم يضع سدى. تحكي سليمة عن تجربة جارتهم التي تزوجت بعد وفاة زوجها فلما وصل ابناؤها الى المرحلة الثانوية رفضوا وجوده في حياتهم بإيعاز من جدتهم وهجروا المنزل الى ان تطلقت والدتهم فلا يمكن وضع الأطفال في كفة والزواج في كفة أبداً. ووضح في محاضرة د. بسام الشطى استاذ العقيدة والشريعة ان المجتمع يحكم على المرأة التي فقدت زوجها ان تعيش بدون زوج وتلاطم أمواج الحياة وحدها، واذا تجرأت وطلبت الزواج يكال لها الاتهامات، فيجب على المجتمع وجميع المجتمعات الاسلامية ان تعطي المرأة حقوقها الحقيقية، ونفهم جميعاً ان المرأة لها احتياجات عاطفية مثل الرجل تمامًا، ويجب ان تأخذ هذه الحقوق كاملة، بل ونساعدها على ذلك ونعي ونفهم ديننا وما لنا وما علينا، فحقوق المرأة ليست حقوقًا مزيفة تزيدها ألمًا وعبئاً ثقيلاً. أليست المرأة انسانًا مثل الرجل؟؟ بغض النظر عن احتياجاتها العاطفية التي قد ينكرها البعض بل ويجرمها، برغم ان الله خالقها هو اعلم بها، فهي انسان تريد من يُكمل معها مشوار الحياة، تحتاج الى رجل يساندها في رحلة العمر ويقف بجوارها ضد اخطار الحياة، فان الارملة ثيب ومن حقها ان تتزوج دون ولي، اي دون اذن من أهلها أو أهل زوجها، ولكن انظر اذا فعلت ذلك ماذا يقال عنها، وماذا يفعل أهلها وأهل زوجها وكأنها اقترفت جريمة نكراء أو كبيرة من الكبائر والعياذ بالله. ان الأرملة التي تحرم من الزواج وتقضي حياتها في تربية أولادها قد تصيبها الأمراض النفسية والجسدية، وقد تضطر الى الخروج أو العمل والاختلاط، وقد تقع فريسة للذئاب، وتكون أمًا مسيطرة أو حَماَ «أم زوج» متسلطة فتفسد حياة أبنائها، وذلك قد يكون ناتجًا عن شعور عقلي دفين ان أبناءها هم السبب في أنها حُرمت من الحياة، فتعاقبهم بطريقة لا شعورية. أتمنى من الله عز وجل ان يلقى كلامي فهمًا ووعيًا وان يتبناه الشرفاء المخلصون لأنها قضية بالغة الأهمية برغم سكوت المرأة عنها ضعفاً أو استسلاماً، وأحيانًا جهلاً منها بحقوقها التي يعطيها لها الله تعالى.