عندما سألت مجموعة «السائحون» القيادي في الحركة الإسلامية د. غازي صلاح الدين في نقاشات اجرتها معه على صفحتها على الفيس بوك.. لماذا يبدو صامتًا عن الحق؟ اورد في ثنايا رده على السؤال ما نصه «لا أظنه يخفى عليكم أن من يتقدم بورقة من تسع صفحات تتضمن جملة من المقترحات الصعبة لن يُعتبر شخصاً محبوباً للغاية.. وعندما قدمت محاضرتي الطويلة في عام 2004 عن «إحياء العمل الإسلامي» والتي تضمنت مراجعات نقدية للعمل الإسلامي، لم تجعلني تلك المحاضرة شخصاً محبوباً للغاية، بل وظّفها من وظّفها لترويج تهمة السعي للانشقاق، وأعظم بها من تهمة! هذا عدا المذكرات الداخلية ومقترحات العمل الإستراتيجي التي أتقدم بها مراراً وتكراراً، وفي ظني أنها حتى وإن لم تُعتمد بصورة رسمية فإنها تظل معلقة في أذهان صانعي القرار ومؤثرة على خياراتهم. ثم هأنذا أمامكم أصدع بآرائي في صفحة مفتوحة أنا أعلم أنها مقروءة لمن أراد أن يتجسس على آرائي أو أن يكتب حولها التقارير، فكيف أكون جبانًا، أو متردداً، أو متملقاً، أو مداهناً». وقد فتح د. غازي بالفعل الأذهان بتلك العبارات على ظاهرة باتت بائنة في مجريات السياسة داخليًا وخارجيًا بشأن مقبولية الأشخاص ووكرههم وحبهم في الوسط السياسي ومسببات ذلك، وما يمكن ان يترتب على ذلك كإبعاد الأشخاص غير المحبوبين مثلاً او تدبير مكائد لهم تبعدهم من دائرة الفعل السياسي. وبالمقابل يتمتع الرئيس البشير بصفات عديدة جعلته محبوبًا لدرجة كبيرة وسط قيادات حزبه وعامة اهل السودان، تجلى ذلك في الالتفاف حوله في كثير من المواقف واحلك الظروف ابرزها قضية الجنائية وهو امر ادهش كثيرين خارج السودان الامر الذي جعل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي يستشهد به ابان الثورة الليبية وهو يقول مخاطبًا الشعب الليبي «السودانيون يأكلون الجراد ويدفعون الضرائب ومع ذلك يلتفون حول رئيسهم ويرقصون معه وانا وفرت لكم كل شيء» ومع ذلك فإن قيادة المؤتمر الشعبي لا تكنُّ له ودًا كما يظهر في كثير من تصريحاتها. ويظل د. نافع من ابرز قيادات الوطني التي لا تجد قبولاً بين قواعد وقيادات أحزاب المعارضة بسبب هجومه المتكرر عليها وتحديه لهم ووصفه لهم بأبشع الأوصاف. وكان من المشهور جدًا حب الإسلاميين لزعيمهم د. الترابي لدرجة لم يكن يتصور معها احد ان يتم اقصاؤه في يوم من الايام، ويرى كثيرون ان من انحازوا اليه تاركين عرض السلطة وملذاتها لم يفعلوا ذلك الا لحبهم له وصعوبة مفارقته، وتجسد حب الاسلاميين للترابي في محاولة كثير منهم تقليده حتى في طريقة التفكير والكلام والتصرف وغير ذلك. وسبق أن رد الامين السياسي للشعبي كمال عمر تباين المواقف وتوترها بين الترابي والصادق المهدي الى غيرة الأخير من الاول، وفيما معناه حالة من عدم الحب إن لم تكن المقت، وقال في حوار أُجري معه «لأن الترابي من المتقدمين فكريًا في حركة الإسلام، ما نتج عنه غيرة ومنافسة سياسية لأنه لديه مؤلفات ورصيد من الفكر لا حدود له، أمام رصيد ضئيل من المعرفة لدى القيادات الأخرى، وهو ما كان له حسد عميق في نفوس السياسيين تجاه الترابي، والصادق المهدي يغير من الترابي غيرة تاريخية.. ولو كنت محله كنت بغير من الترابي لأنه تفوق على الكل». وليس بعيدًا عن كل ذلك ما يجري بين المهدي وابن عمه مبارك الفاضل من تنافس يجعل كلاً منهما غير محبوب لدى الآخر ولدى مؤيدي كل منهما حيث يتمتع الصادق بحب وتأييد كبير من طائفة الانصار والتي تأصلت مسألة الحب في السياسة عندها بحب الامام وهو ربما ما جعل لفظ الحبيب من المصطلحات المتداولة لدى الأنصار. ويشار ان العميد محمد ابراهيم المشهور بود ابراهيم المتهم في المحاولة الانقلابية الأخيرة محبوب وسط المجاهدين وقوات الشعب المسلحة والدفاع الشعبي ويتمتع بثقة الرئيس، فهل يجعله اتهامه غير محبوب ام تشفع له تلك المحبة في ايجاد مخرج من هذا الاتهام؟ وكيف ستكون ردة فعله في حال تمت تبرئته تجاه اخوانه في الحركة والحزب؟ وفي مقاربة عن تفضيل العرب للرؤساء الامريكيين ترى الباحثة في معهد واشنطن مارغريت وايس ان المحتجين والثوار اظهروا أنهم يتطلعون إلى الولاياتالمتحدة للإلهام والدعم وأنهم يزدرونها عندما يعتقدون عدم تحقق هذا الدعم، واضافت انه ورغم الحماس المبدئي تجاه أوباما إلا أن سياسات رد الفعل المتنافرة تجاه الانتفاضات العربية جعلت بعض العرب يتذكرون بحنان سنوات بوش، ومضت في القول ان مصدرًا مصريًا قال لها «إن معظم المصريين بلا جدال قد كرهوا بوش لكن لم تكن هناك أيضاً محبة مفقودة نحو أوباما وعلاوة على ذلك أعرب عن اعتقاده بأن استطلاع رأي لنشطاء الديمقراطية المصريين سوف يكشف أن معظمهم يفضلون بوش على أوباما»، رغم ان بوش لم يكن محبوبًا لديهم ولن يكون.