الأحداث الغامضة التي تشهدها الخطوط الجوية السودانية منذ سنوات مضت كانت إشارة واضحة تحذر بسقوط الخطوط في هاوية النهاية فالفساد الضارب بأطنابها بجانب الغموض الذي يكتنف حقيقة تبعيتها لجهات بعينها عجلت بالناقل الوطني إلى الوصول إلى هذه النهاية، ففي وقتٍ حملت التطمينات بعودة سودانير إلى أحضان الحكومة بتوقيع مذكرة تفاهم مبدئية مع مجموعة من المستثمرين العرب بغرض بيع الخطوط الجوية السودانية ضمن سياسة الخصخصة في ظل تأكيدات باحتفاظ الحكومة بالنسبة الأكبر عند إجراء عملية البيع لاعتبارات سيادية إلا أن هذه الخطوة صنفت لاحقًا بأنها عبارة عن مسكنات تم اللجوء إليها لتخفيف الجراح العميقة التي عانت منها الخطوط منها التجاوزات الكبيرة للشركة وبالتالي ذهاب هذه التصريحات أدراج الرياح إلا أن ما أعلن عنه مؤخرًا عن وجود مديونيات خارجية متوارثة جراء الخصخصة وصفت بالعاجلة والبالغة «44» مليار دولار وملاحقات قانونية من قِبل شركة اسكنا لجهة عدم إيفاء سودانير ديونها للشركة والبالغة خمسة ملايين دولار على مدى عشر سنوات بات يهدد بإيقاف الناقل الوطني من التحليق مجددًا وفي المقابل بلغت مديونيات سودانير الحكومية (9) ملايين دولار، بينما بلغت مديونية المحطات الخارجية (2.260.000) دولار كلها عوامل مجتمعة أدت إلى تدهور رمز وقومية السودان تتمثل في أن الشريك أصبح غير قادر على العطاء من أجل تطوير الشركة، بالإضافة إلى أن الحظر الأمريكي على شراء الطائرات وقطع الغيار الذي تمدد بحيث يشمل أي صناعة يمثل المكون الأمريكي فيها 10% كان له أثر سالب على مشاريع تأهيل أو تطوير الشركة إضافة إلى التلاعب في ساعات إيجار الطائرات في سودانير التي تملك 10 طائرات 6 منها معطلة وتقوم الشركة باستئجار طائرات من شركات عالمية لسد الحاجة والذي يصحبه عدم انتظام السفريات وانعدام الرقابة والمحاسبة وتأخر صرف المرتبات وإهمال العاملين بسبب انشغال المديرين في مأموريات ومهام ليست لها علاقة بالعمل كل هذه الحقائق توكد أن مناداة المسؤولين التي ملأت الدنيا ضجيجًا بإعادة مؤسسات فاعلة في الدولة وفي الاقتصاد الوطني إلى سيرتها الأولى لا سيما وسائل النقل التي أفقدت الخزينة العامة خلال الفترة الماضية موارد مالية كبيرة أنها أحلام ليس لها علاقة بالواقع. الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي بروفيسور عصام الدين بوب وصف الإعلان عن ديون الخطوط الجوية السودانية بالأمر المدهش لجهة عدم معرفة تبعيتها لجهات محددة وبالتالي جهل تبعية الإدارة فيها، واعتبر ذلك العائق الكبير في طريق أي إصلاح هيكلي للشركة بصورة واقعية، واصفًا الوضع الحالي للشركة (بجنازة البحر) وأكد لدى حديثه ل (الإنتباهة) عدم معرفة أصول الشركة السائلة والثابتة بجانب عدم معرفة المطارات التي يمكنها الهبوط فيها، لافتًا إلى حرمانها من شهادة إدارة الطيران العالمية بجانب عدم امتلاكها طائرات قابلة للطيران، ويرى الخبراء في المجال أن تطوير الناقل الوطني مرهون بالخروج من نفق الإخفاقات المتتالية، وأكدوا أن ما يثار حول تأثر سودانير بقرارات المقاطعة الاقتصادية التي تفرضها الدول الغربية لم يكن السبب لجهة أن الانتهاكات التي تحدث في الشركة والتجاوزات الواضحة أكبر بكثير من نفق العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد وطالبوا بإيجاد حلول وقرارات حاسمة تساهم في إنقاذ الشركة من الانهيار.