شابٌّ ذو خلق ودين ونسب تقدم للزواج من إحدى الفتيات التي وجد فيها ماينشده كل شاب في شريكة حياته ولكنه يقابل بالرفض من قبل الأسرة بحجة أنها الصغرى وأن شقيقتها الكبرى لم تتزوج حتى الآن.. زواج الأخت الكبرى قبل الصغرى واحد من الأمور المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالعادات والتقاليد، فقد تجد الأسر نفسها أمام واقع يفرض عليها زواج الصغيرات بينما تظل الكبرى في غرفة الانتظار تنتظر قدوم سعدها.. «الملف الاجتماعي» ناقش القضية مع عدد من المختصين وخرج بالتالي: أجرته: منى النور الخبر أفرحني وتروي «أحلام» والتي دخلت في العقد الثلاثين تجربتها ضاحكة، تقول: على الرغم من شهادة الجميع بجمالي وحسن الأخلاق وخفة دمي فقد تزوجت شقيقاتي الصغيرات، وقناعتي أن هذا نصيبهنَّ وفي التجربة الأولى لم يكن وقع الخبر عليَّ قاسيًا ولكنني شعرت بصعوبة الأمر على والدي خاصة فهو تربطني به علاقة صداقة أكثر من الأبوة، فقد أحضرني في جلسة انفرادية طويلة وقام بعمل مقدمة طويلة وعريضة عن القسمة والنصيب في الزواج وفي أن الله يخبئ لي الخير في تأخر الزواج ولكنه تفاجأ بردة فعلي الباردة تجاه الموضوع والفرح الذي غمرني بهذا الخبر مما أدخل الفرح إلى قلبه هو الآخر، وبالتالي لم يكن صعبًا عليه إخباري للمرة الثانية بزواج أختي الصغيرة، ولكن الأمر كان به شيء من الصعوبة بالنسبة لي فقد قتلني أهلي وأقربائي بنظراتهم وتساؤلاتهم مما أحرجني بشدة وصرتُ أتحاشى الذهاب إلى المناسبات حتى لا اصطدم بنظراتهم الجارحة، ولذلك أقول لك بكل صدق إن المجتمع هو الجاني الأول والأخير على الأخت الكبرى. تفكير عقلاني ويعزو الأستاذ مختار عجبنا «معلم» ربط تزويج البنت الصغرى قبل الكبرى يرجع إلى أعراف وتقاليد توارثتها الأجيال داخل المجتمعات، ولكن الواقع اليوم عكس ضرورة تجاوز هذه المسألة لأسباب اجتماعية وأخلاقية، وأصبحت الأسر تفكر بعقلانية أكثر بعيدًا عن العاطفة، فمن غير المعقول تكبيل مصير أخواتها الصغيرات ووقوفها حجر عثرة أمام سعادة أخواتها الأخريات لبناء وتكوين بيت عائلي واستقرار أسري ووضعهنَّ تحت شعار العرف والتقاليد والعادات والأصول، فقد تغيّر الزمن وأصبحت الأم تفكر قبل الأب في ابتكار أساليب لتزويج بناتها خاصة الكبرى، ويرمي اللوم على المجتمع الذي ينظر للمرأة كبضاعة لها مدة صلاحية مما يُدخلها في حالة من القلق النفسي مع تقدمها في العمر تخوفًا من أن يفوتها القطار متناسين أن الزواج قسمة ونصيب. ذهبت إلى الشيخ مع أن كل شيء قسمة نصيب، ولكن زواج الصغرى قبل الكبرى يجعل الكبرى في حالة نفسية صعبة حتى إذا كانت لديها قناعة بذلك، هكذا ابتدرت «إخلاص صديق» حديثها، وترجع بذاكرتها إلى الوراء قليلاً وتضيف: روى لي أحد المشايخ قدوم إحدى الفتيات تقدم بها العمر تطلب منه منع زواج شقيقتها الصغرى والذي تبقى له يوم واحد بأي ثمن يطلبه، وقالت إن السبب في ذلك يرجع إلى نظرة المجتمع لها وخوفها من ملاحقة أسرتها لها، فقام الشيخ بدوره بتقديم النصح لها وتذكيرها بأن القسمة تلعب دورًا كبيرًا في الزواج وأن عليها الصبر لتجاوز هذه المحنة برغم قسوة الأمر على نفسها، فعادت إلى صوابها وأعربت عن أسفها لإقدامها على هذه الخطوة غير الموفقة. أبكي بشدة فيما تجزم إسمهان علي «موظفة» بأنها تدعو المولى وتضرع إليه ألّا تتزوج شقيقاتها الصغيرات قبلها، فقد لا يمكنها التكهُّن بردة فعلها إذا حدث هذا الأمر، وتقول ضاحكة قد أخرج من المنزل لساعات طويلة أهيم في الشوارع أو أدخل في غرفتي وأبكي بحرقة برغم قناعتي التامة أن الزواج قسمة ونصيب، ولكن المجتمع لن يرحمني، فهناك من يعملون على إخراج الشائعات خاصة في أمر الزواج. قلق واكتئاب وأكدت الاختصاصية في علم النفس د. إبتهال أحمد أن زواج الأخت الصغرى قبل الكبرى له الكثير من الأبعاد النفسية والاجتماعية على الأخت الكبرى، فقد تعيش في مشكلات نفسية قاسية من القلق على مستقبلها المظلم، وتعيش حالة من الاكتئاب النفسي، إذا لم تتقبل موضوع الزواج، كذلك نجد أن المجتمع يلعب دورًا كبيرًا في قضية الزواج فنجده يطارده بنظراته، والسؤال المتكرر عن عدم زواجها برغم زواج الصغريات مما يدخلها في مشكلات نفسية، وعلى رب الأسرة أن يعمل على خلق بذرة الثقة في نفسها وتذكيرها بالقسمة، كذلك عليه أن يعالج القضية بحكمة فلا يصح له أن يرفض زواج ابنته من شاب ذي دين وخلق بحجة عدم زواج أختها الكبرى وأن يتقبل الواقع مهما كان قاسيًا على ابنته.