قديمًا قالت «أمامة بنت الحارث» في وصيتها المشهورة لابنتها قبل زفافها «تفقدي لموضع أنفه والتعهد لموضع عينه فلا تقع عيناه منك على قبيح ولا يشم منك إلا أطيب ريح وإن الكحل أحسن الموجود والماء أطيب الطيب المفقود» فإن هذه الوصية لا تعني التزين للزوج وإرهاقه ماديًا بشراء وسائل الزينة الحديثة، ورغم أن حب الزينة من فطرة النساء فإن اهتمام المرأة بالزينة كثيرًا ما يتأثر بمرحلتها العمرية، ففي مرحلة قبل الزواج تحرص الفتاة على أن تكون الأجمل والأحلى في عين خاطبها، لكن أهمية هذا الحرص تتراجع بعد الزواج بتعدُّد المسؤوليات، وما بين هذا وذاك تتطلب رعاية الأطفال وتربيتهم وقتًا إضافيًا وجهدًا مضاعفًا من الزوجات إلى جانب الجهد المبذول ضمن أعباء المنزل اليومية وغيرها مما يؤثر على اهتمام الزوجات بأزواجهن وأناقتهنَّ والمحافظة عليها مما يسبِّب مقتاً وتذمراً للأزاوج الذين يشعرون أن اهتمام الزوجة تحوَّل عنهم خاصة بعد الإنجاب «الملف الاجتماعي» لامس أطراف القضية مع أصحاب الشأن وخرج بالآتي: لم يعد لديَّ وقت كافٍ تقول ندى الأمين «ربة منزل» وهي متزوجة وأم لطفلة: أعترف أن تكالب أعباء المنزل مع تربية طفلتي بعد إنجابها أثقلت كاهلي ولم أعد أعتني بزوجى وأهتم به، وأهمل نفسي أيضًا بل لم أعد أبالى بأن يراني زوجي في ملابس مميزة بعد أن أنجبت طفلتي، ليس لديَّ الوقت الكافي، فوقتي جله ما بين مراعاتي لطفلتي والسهر عليها وتغيير ملابسها والاعتناء بنظافتها وطعامها، والوقت المتبقي خصصته للمنزل ولمهامه اليومية من كنس وغسيل وطهي وترتيب وتنظيف مما أثر على عدم الاعتناء بزوجي كما يجب، وهذا ألاحظه من تذمره المستمر واتهامة لي بإهماله وإهمال نفسي التي نسيتها تماماً. بمثابة الدرس وتحكي «غادة أزهري» موقفًا حدث لها مع زوجها في أحد المطاعم عندما أخرجها وأطفالها الثلاثة لتناول العشاء في الخارج وكانت طوال فترة بقائهم في المطعم تؤكِّل طفلها الصغير وتنادي الكبير وتهتم بالثالث ولم تنتبه إلى زوجها فتضايق من ذلك كما أنه انتقد عدم اهتمامها به، وتقول غادة إن تلك الليلة كانت بمثابة الدرس لها فحاولت بعدها أن تصحِّح من ذلك وأن تعتني بذاتها بصورة أكبر لامتصاص غضب زوجها وتذمره الذي صارحها بأسبابه. بحثًا عن خطيب وترى إلهام عبد العزيز «موظفة» أن طبيعة الإنسان التغيُّر وتقلُّب المزاج، والمرأة إنسان لها اهتماماتها ورغباتها وأهدافها التي تتغير كل فترة، فقبل الزواج قليلاً ما نجد فتاة تهوى العمل المنزلي وتعشق دخول المطبخ بل أغلب الفتيات تقضي بعض ساعات اليوم أمام المرآة تتزين وتتجمل لخطيبها أو بحثاً عن خطيب، وبعد الزواج تبدأ مسؤوليات جديدة تأخذ حيزًا من اهتماماتها على حساب زوجها واهتمامها به وبعد إنجاب الأطفال تزداد المسؤولية فيصبح الأولاد والبيت من أهم أولوياتها مما يزيد تذمر زوجها من إهماله وإهمال مظهرها وزينتها أيضًا. بين أمرين أحلاهما مُر «أنتِ تغيَّرتِ هذه ليست الفتاة التي تزوجتُها» كلمات يقولها أغلب الرجال لزوجاتهم بعد الإنجاب بإهمال أزواجهنَّ مما يسبِّب ضيقاً وتأففاً للزوج، هكذا ابتدرت «سُهى عبد الرازق» حديثها، قائلة: تتراكم المسؤولية عند الزوجة برعاية أطفالها ويظهر ضيق الزوج بإهمالها له والقيام بواجباتها تجاهه كما أيضًا تهمل نفسها ومظهرها الخارجي بتكريس وقتها لأطفالها ولعملها إذا كانت موظفة فيصبح الرجل بين أمرين أحلاهما مُر. توظيف وقتها وذهبت آلاء محمد إلى أن التربية والتنشئة قد تكون سببًا في الإهمال فتقول: عدم تربية الأطفال وخصوصًا الفتيات بقيمة الأشياء المهمة في حياتها كاستغلال الوقت وتقسيمه بين المسؤوليات المطلوبة منها من مذاكرة ومساعدة في أعمال البيت وإعدادها لمرحلة الزواج مبكرًا وتدريبها حتى تستطيع أن توظف وقتها لتقسمه ما بين رعاية زوجها وأولادها في المستقبل فلا تجور مسؤولية على حساب أخرى. المسألة نسبية لمعرفة رأي آدم بهذا الموضوع كان لا بد لنا من وقفة معهم.. فمن جانبه يقول طارق عبد الرحيم «موظف ومتزوج» إن الكثير من الرجال الذين يعرفهم يتحدثون عن تغير الزوجة بعد الإنجاب وكيف أن اهتمامها بذاتها يقل بصورة مزعجة للبعض، لكن تبقى المسألة نسبية فبعض الزوجات قادرات على التوفيق والاهتمام بذواتهنَّ إلى جانب الاهتمام بتربية أبنائهنَّ فيما على الزوج الذي يرى في زوجته نقصانًا في جانب ما يجب أن يخبرها بذلك لتدارك الأمر وألّا يبقى متذمرًا دون علمها. الإحساس بالطمأنينة إلى ذلك يقول محمد إسماعيل أستاذ الطب النفسي إذا كان الزواج يمثل قيمة حقيقية للمرأة وهدفًا أسمى فإن قدرًا كبيرًا من الاستقرار سوف يشمل حياة المرأة لمجرد أنها أصبحت زوجة، وهذا يحقق لها إرضاء نفسيًا وسعادة حقيقية.. ولهذا قد تسترخي إلى الحد الذي قد يبدو في عين الزوج أنه تغير وإهمال وعدم عناية، بينما في حقيقة الأمر هو ليس إهمالاً عن عمد ولكنه قدر عال من الطمأنينة، أي ضمان ثبات العلاقة واستقرارها حيث لا يصبح هناك ضرورة للمظاهر الشكلية البراقة ولا حاجة أيضًا إلى الإبهار مثل العناية بمظهرها ووزنها وشياكتها، ويضيف أستاذ محمد أن هناك امرأة ينطفئ وهجها بعد الزواج وخاصة إذا كانت قد بذلت مجهودًا للحصول على زوج، وبعد الزواج يصيبها الفتور العاطفي ويتراجع اهتمامها بكل ما يخص الزوج، وتنشغل بالأطفال أكثر من زوجها، وأخيرًا يهمس محمد إسماعيل في أذن كل الأزواج أن العلاقة الزوجية رباط مقدس وأن يحرص كل طرف على الآخر لإسعاده وعلى استمرار الحب في البيت، فالزواج مودة ورحمة ولا تبخل على زوجتك بكلمة حب ومدح، حاول أن تغير الشكوى والسخرية إلى مودة وحب وستجد التغيير الذي تنشده لسعادة الأسرة واستقرارها.