أوضاع ضبابية وصورة متحركة تعيشها كردفان هذه الأيام في مشهدها العام بشقيها الجنوبي والشمالي، ففي جنوب كردفان وفي غمرة انشغال الجميع بوقف نزيف الحرب وتحصين كادوقلي من دانات التمرد يخرج على الملأ صوت يطالب بإقالة الوالي أحمد هارون، كما أن شمال كردفان تباينت فيها الصفوف ومنذ مدة ليست بالقصيرة، لكن مؤتمر شورى الحركة الإسلامية الأخير الذي شهدته الولاية كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير فقد تشابكت الأجندة وتقاطعت، فالكل هناك استنفر علاقاته وجهوده للنيل من الآخر «الوالي ومناصروه، ومخالفو الوالي كل بدأ ينسج خيوطه لإحكم قبضته» ولعل والي شمال كردفان معتصم ميرغني كان شفافاً في مقابلته مع الصحيفة وهو يتمسك بموقفه القاضي بتعقيد الأزمة حتى النهاية مع من سمّاهم أصحاب الأجندة الخاصة في حكومته وحزبه وهو يقول:«لن يستمروا معي ولن أسمح لمن يريد قطع الطريق أمام إكمال دورتي كي يزيحني ويجلس هو رغم أنني قد أبديت عدم رغبتي الترشُّح من وقت مبكر كي يطمئنوا» ويؤكد معتصم أن إعفاء القيادات الدستورية بولايته سلطة أصيلة خاصة به بعد التشاور مع المركز، معتصم مضى على طريق التعديلات بصورة فشلت معها كل عمليات التطويق السياسي مما سمّاهم «الكباتن والفاقد الدستوري» من أبناء الولاية في المركز الذي قال إن بعض قيادات الولاية على تنسيق معهم ودون تدخلات من المركز، وها هو يصدق ويبدأ بحل أمانة الحزب وتغيير اللجان بالمجلس التشريعي ويمهله مدة أسبوع لتشكيل القيادة السياسية الجديدة، وقد وافق المكتب القيادي في اجتماعه الأخير على إبقاء رئيس المجلس التشريعي د.أحمد علي عبيد الله ونائباً واحداً له هو د. سليمان بلة، وتم الاستغناء عن النائب الثاني، كما سمّى المكتب رؤساء اللجان بعد تخفيضها من ستة إلى أربعة لجان مع الاستغناء عن نواب اللجان، والرؤساء الجدد هم: الشريف عبّاد، رئيساً للجنة التشريع والقانون، وفتح الرحمن خير الله جرجور، رئيساً للجنة المالية والاقتصاد والزراعة، وفاطمة سالم رئيساً للجنة التعليم والشؤون الاجتماعية والإعلام، إلى جانب أحمد محمد صالح الخديوي رئيساً للجنة الخدمات، خطوة حسبها البعض ضمن سياسة التقشف وتقليل الصرف المالي فيما يرى المراقبون أنها لا تشير إلى انفراج قريب لأزمة الولاية التي يقول الواقع إن صراخات ووفود سوف تغزو الخرطوم من عروس الرمال في مقبل الأيام وأن حالة استقطاب حاد ستشهدها شمال كردفان وسوف تأخذ عدة محاور واتجاهات ما لم يتم احتواؤها أو أن يتأنى «الوالي» ويتريَّث في الخطوة المقبلة وهي تغييرات الجهاز التنفيذي.. معتصم ميرغني قال في حديثه ل«الإنتباهة» إن سياسته هدفها تجديد الدماء في الحزب والجهازين التنفيذي والسياسي لمواجهة متطلبات المرحلة وأنه سيمضي في سياسة إصلاح الأمور بشكل تدريجي وبدون ردة فعل لإحداث ما سمّاه الإصلاح، غير أن نائب رئيس المؤتمر الوطني بمحلية أم روابة نصر الدين الوسيلة يرى أن الوالي معتصم لا ينوي السير على طريق التوافق بين أبناء الولاية وأنه يعمل على تصفية حسابات سياسية، مناشداً قيادة الحزب بالمركز للتدخل ووقف الأزمة من التمدد والانتقال إلى شرائح أخرى بالولاية، مبيناً أن معتصم يحمل معاول هدم بناء الولاية السياسي والاجتماعي بيده مستقلاً صمت المركز، أما في جنوب كردفان فما يزال الحديث متصاعداً في مناطق «الفولة والمجلد وبابنوسة والمقدمة» يطالب بعودة غرب كردفان معللاً بعدم الوفاء باستحقاقات تعويضهم فقدهم ولايتهم والمتمثل في تعطيل مشروعات هيئة غرب كردفان للتنمية التي قال رئيس مجلس إدارتها أحمد صلوحة إنهم خططوا لتنفيذ مشاريع طموحة تمكنوا من الوفاء ببعضها وهو «50» مدرسة أساس و«20» مدرسة ثانوية وعدد من الدوانكي والسدود، كما ساهموا في إنشاء عدد من كليات جامعة غرب كردفان بجانب مستشفيين في المجلد والنهود لكنه شكا من بطء إجراءات وزارة المالية وتجاوبها مع تمويل المشروعات في وقت تضاعف فيه دورها بعد انفصال الجنوب وأزمة أبيي والتوترات الأمنية بين الجنوب والشمال، ومضى صلوحة الذي تحدث في مؤتمر صحفي قائلاً :« التعامل مع وزارة المالية طريق شاق وعمل قاتل ولا أحد يتصور معاناة مسؤولي الهيئة في ملاحقة المسؤولين»، ومن كل ذلك يبدو أن الخاسر الأكبر هو المواطن الذي بدأ يتشكك وبعضه الآخر في مناطق غبيش وودبندة وأبوزبد والخوي وغيرها من مناطق غرب شمال كردفان ينادي بولاية النهود وبعض آخر تفرّغ لصراع شخصي مع قيادات ومسؤولين بالهيئة بجانب التقاطعات بين الهيئة وحكومات الولايتين رغم حجم التنسيق الذي قاله رئيس مجلس إدارة الهيئة.