هل تذكرون كيف قدّم باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية الذي يزور الخرطوم هذه الأيام بدعوى «كريمة» من نظيره التفاوضي السيد الوزير إدريس، كيف قدم رئيس الجمهورية عمر البشير يوم احتفال جوبا بانفصال جنوب السودان؟! لم يكن تقديمه للرئيس السوداني لائقاً.. وقبل هذا رفض أن يذكر اسمه ضمن رؤساء الدول الذين قدّمهم للجماهير الجنوبية المحتشدة حتى وجّهه نائب رئيس حكومة جنوب السودان رياك مشار حينما اقترب من المنصة. ولاحقاً في نفس الاحتفال قام مشار بمعالجة التصرف الأحمق الذي بدر من باقان، وقد أوفى مشار وهو يقدم الرئيس البشير عوضاً عن باقان الذي صعب عليه أن يكتم الحقد والشر وهو في لحظة ينبغي أن تُعلى فيها اللغة الدبلوماسية على التعامل بالسلوك العنصري البغيض. لكن ما الغريب في أن يصدر مثل هذا التصرُّف من باقان الذي ودَّع الخرطوم بكلمات حقيرة حينما قال «ارتحنا من وسخ الخرطوم».. وقال :«فارقنا العبودية». ولو كان في السودان عبودية كيف وقعت الحكومة على اتفاق مع حركة قرنق ينص على رفع يد الرئيس السوداني من الجنوب قبل إجراء الاستفتاء حول تقرير مصيره بأكثر من ست سنوات؟! أين العبودية إذن وقد اعترف الرئيس البشير بحق أن يعيش الشعب الجنوبي خارج سلطته قبل الانفصال وقبل الاستفتاء؟! هل هذا يمكن أن تفعله الحركة الشعبية مع القبائل الإستوائية التي تبغض القبائل النيلية؟! ثم أخيراً يقول باقان أثناء زيارته إلى الخرطوم «حضرنا إلى الخرطوم لتنفيذ الاتفاق وإزالة العقبات».. انتهى والسؤال هنا أي عقبات يتحدّث عنها باقان أكثر من ارتباط قوات قطاع الشمال بحركته الحاكمة في جنوب السودان؟! وأي عقبات أكثر من مشروع تدريب قرابة ثلاثة آلاف متمرد سوداني في أراضي دولته؟! وأي عقبات أكثر من استباحة الجيش الشعبي للأراضي السودانية من خلال الفرقتين التابعتين للجيش الشعبي، وهما التاسعة والعاشرة في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وما جعلهما الأشهر بين فرق الجيش الشعبي الأخرى هو وجودهما في أراضٍ سودانية. إذن كيف سيكون هذا التنفيذ الذي يتحدّث عنه الضيف «الساخر»؟! إن على باقان أموم أن يدرك ويفهم أن مشكلة السودان التي تهب رياحها من دولة جنوب السودان هي وجود الحركة الشعبية في الحكم هناك، وأن حلها مربوط بربيع إفريقي. ثم إن باقان أموم مطالب بأن يعتذر للشعب السوداني بعد أن أساءه ووصفه بالوسخان حينما قال «ارتحنا من وسخ الخرطوم».. وأن يتراجع عن الحديث عن عبودية في السودان، وإلا فإنه يريد أن يقحم فيها أبناء دولته من خلال الحريات الأربع حتى بعد الانفصال.. إن المواطن الجنوبي كان يتمتع بحقوق مواطنة بالتأكيد ستكون أفضل من مزايا الحريات الأربع لكن باقان كان يعتبره يرزح تحت العبودية. ترى كيف ستكون حالة المواطن الجنوبي بعد الانفصال إذا كان باقان صادقاً فيما ذهب إليه من تخرصات لئيمة؟! المواطن الجنوبي هنا يفضّل العيش على دولة باقان أموم بعد أن اكتشف أنها امتداد إستراتيجي لإسرائيل ما يعني اهتمام الحركة الشعبية فيها بمواطنين غير المواطنين الجنوبيين كاليهود في فلسطين مثلاً، لأن الغرب لا يهتم بأمن واستقرار الجنوب بل بمواقف الحركة الشعبية تجاه قضايا لا علاقة لها بالشعب.. حتى زيارة باقان للخرطوم يبقى ارتباطها بالأجندة الغربية هو الأقوى.. أما شعب الجنوب فلا عزاء له، وأما شعب السودان فليستعد لقرابة ثلاثة آلاف متمرد تدربهم جوبا.