لا يختلف اثنان في أن الجنوبي باقان أموم ما هو إلّا عميل أمريكي يعمل وفقاً لإرشاد وتوجيهات أسياده الأمريكان والصهاينة منذ نعومة أظافره وحتى فترة إشرافهم على قيام الحركة الشعبية لتحرير السودان والجيش الشعبي لتحرير السودان.. ولا يختلف اثنان في أن باقان أموم ربما قام «بردم» الأمريكان وبني إسرائيل بكل ما استطاع الحصول عليه من معلومات مباشرة أو غير مباشرة في فترة الخمس سنوات الانتقالية التي عمل في جزء منها وزيراً لمجلس الوزراء.. ولهذا فمثل هذه الشخصية يجب «محاصرتها» في نطاق حدود العمل ومساحته الجغرافية.. ويجب أن يكون مفهوماً أن التعامل المرن مع باقان ليس بسبب أنه مرحب به بل على العكس في اعتقادنا أنه «بيرسونا ننقراتا» وهو لفظ يوناني يعني الشخص غير المرغوب فيه ولكن هذا ما تفرضه ظروف التعامل باللياقة الدبلوماسية.. والتعامل الدبلوماسي فيه أشراط وقيم وضوابط أهمها «التعامل بالمثل».. ووفدنا الذي ذهب إلى جوبا للتفاوض برئاسة وزير الدفاع لم يجد فيما سمعنا وقرأنا ترحيباً من الجنوبيين عموماً ومن باقان على وجه الدقة والتحديد.. بل قالت بعض التسريبات إنه كان لئيماً جداً كما هي عادته الملتصقة به في كل الأحوال.. وإذا كانت الأعراف الدبلوماسية والمعاملة بالمثل تقضي بأن من «يحدر لك» برضو «تحدر ليهو» ومن «يَصُرَّ ليك وشُّو» برضو «تصرَّ ليهو وشيك» ومن يبتسم لك تبتسم له بحسب لون الابتسامة إن كانت ابتسامة صفراء أو بيضاء أو سوداء.. وإذا جلس أمامك الدبلوماسي بكل قلة الأدب و«خلف كراعو» «ورفع ليك جزمتو» فما عليك إلا أن تريه باطن حذائك مثلما فعل الرئيس الروسي عندما ضرب طاولة الأممالمتحدة بالجزمة.. أما إذا جلس مهذباً ووضع يديه على حجره وقبض على كفه اليسرى بكفه اليمني فاعلم أن الرجل يريد أن يقول لك إنه يتعامل «بالأتيكيت» المتعارف عليه دبلوماسياً. ولكل هذا فمن الواجب أن يظل باقان أموم رهيناً بالمساحة الجغرافية التي تمكنه فقط من أداء الواجب القادم من أجله وفقاً للأعراف الدبلوماسية ولن نرضى أن نسمع من يقول إنه زار «خالتو» التي تسكن في حي مايو أو في القماير أو أن «حبوبتو» عيانة في نيفاشا أو أن «عمتو» مريضة في «حي أنقولا» أو بت أخوهو ولدت في «كرور» أو أن «نسوان أبوهو» في دار السلام والحاج يوسف.. ولن نأمن أن تكون إحدى مهام باقان هو تحريك الخلايا النائمة المكونة من الجنوبيين وعملائهم من الحركة الشعبية وقطاع الشمال المتمرد. ولعلنا نذكر الدبلوماسيين من أهلنا بأن التعامل بالمثل ربما يقتضي أن نقوم بإنشاء حركة مثلما للجنوبين «حركة» ونسميها «الحركة السودانية لتحرير الجنوب».. وهذه بالطبع دبلوماسيًا تقابل «الحركة الشعبية لتحرير السودان».. وهنا نلاحظ المقابلة الكاملة بين كل كلمة وأخرى مع أختها في المسمى الآخر.. وإذا كان باقان أموم يأتينا وهو ممثل دبلوماسي لبلد «أجنبي» يقوم مقام العدو ويحتل أرضنا وفي ذات الوقت ينتسب إلى حزب يسميه «الحركة الشعبية لتحرير السودان» وإذا كان باقان يلح ويصر إلحاحاً على تحرير السودان حتى بعد أن انفصل عنه فليس أقل من أن نعامله بالمثل وننشئ الحركة الإسلامية أو الحركة السودانية لتحرير الجنوب ونرسل لهم وفود التفاوض تحت هذا المسمى.. ويكون لدينا فرع تابع اسمه قطاع الجنوب مكون من جنوبيين ما يعرفوا الواو الضكر.. ثم نستمر في هذا التعامل إلى أن يتوقفوا عنه.. وربما أجد أنه من الأوفق أن أقترح على المؤتمر الوطني أن يفصل جزءاً منه يسميه «المؤتمر الوطني لتحرير جنوب السودان» ونفاوض به باقان وعرمان وسلفا كير.. ومعه فرع لقطاع الجنوب وما داموا أنهم يصرون على تحريرنا فنحن أيضاً نصر على تحريرهم. وهذه هي المعاملة بالمثل. { كسرة: رئيس الوفد الجنوبي صرح أمس قائلاً إنه فوجئ بسهولة التفاوض مع السودانيين في الخرطوم التي أعلن فيها أن البترول سوف يتم ضخه في هذا الشهر وعلى عينك يا تاجر وهناك سؤالان ينتظران الإجابة.. السؤال الأول هو لماذا كانت المحادثات سهلة زي السكين في الجبنة حتى فاجأت باقان حتى انخلع بكل لؤمه، والسؤال الثاني أين موقع الترتيبات الأمنية وأين فك الارتباط مع عرمان وعقار وأين قصة الفرقة التاسعة والعاشرة وأوعكم تجيبوا سيرة الحريات الأربع؛ لأنها قاعدة تجيب لينا الحساسية وترفع ضغطنا.