إن دكتور فرنسيس دينق مندوب دولة الجنوب بالأمم المتحدة حالياً هو ابن دينق ماجوك ناظر دينكا نقوك الذي كانت نظارته بعمودياتها التسع تقع جغرافياً وتتبع إدارياً لمديرية كردفان الكبرى منذ أن رسم وحدد البريطانيون حدود المديريات والمراكز داخلها، وعند قيام مجلس ريفي بحر العرب كان أغلب أعضاء المجلس من المسيرية الحمر والمسيرية الزرق وغيرهم من بقية القبائل الأخرى من عرب البقارة ومع ذلك تم انتخاب الناظر ماجوك رئيساً لمجلس ريفي بحر العرب في دورته الأولى ورضى ناظر عموم المنطقة الشيخ الحكيم بابو نمر بأريحية وطيب نفس أن يكون في تلك الدورة نائباً لصديقه الناظر دينق ماجوك (واعتبر الحالة واحدة) وأول ناظر لدينكا نقوك في منطقة أبيي هو السلطان أروب يونق وبعد وفاته خلفه ابنه كوال أروب الذي خلفه ابنه الناظر دينق ماجوك وهو أشهر زعمائهم، وكان هناك تعاطف وود قديم بين الناظر بابو نمر والمسيرية وبين الناظر دينق ماجوك وهم الذين ساندوه ووقفوا معه وساهموا في توليه النظارة بعد وفاة والده وكانوا يحبذونه على المرشح الآخر للنظارة فقد أراد الناظر كوال أروب في أخريات أيامه أن يوصي بأن يتولى الخلافة في النظارة من بعده ابنه دينق أبوت لحبه له أكثر ولأن من عاداتهم أن يتولى خلافة السلطان أو الناظر الابن الكبير للمرأة التي تزوجها أولاً وذكره كبار السن من المسيرية بأن المرأة الأولى هي أم دينق ماجوك لأن كوال أروب خطبها أولاً وأرسل لأهلها البقر وعندما حدث خلافًا بين الطرفين أعاد أهلها البقر قبل إتمام مراسم الزواج وأبقى كوال عندهم بقرة واحدة وتزوج كوال أروب والدة دينق بوت وبعد فترة تصافى وتصالح مع الآخرين وأعاد البقر وتزوّج والدة دينق ماجوك وذكره المسيرية مستعينين ببعض كهول وشيوخ الدينكا بهذه الحادثة التي تعني بأن ترك تلك البقرة الواحدة يؤكد بأن والدة دينق ماجوك هي الأقدم وبعد حسم هذه القضية في إطار العادات والتقاليد القبلية لصالح دينق ماجوك تم إقناع الحكومة والسلطات المسؤولة بأن دينق ماجوك هو الأوسع أفقاً والأكثر مرونة في التعامل مع الآخرين وتم تعيينه ناظراً لدينكا نقوك بمنطقة أبيي. وإن أبيي هي منطقة تداخل قبلي بين دينكا نقوك والمسيرية وغيرهم، وظلت نظارة وعموديات دينكا نقوك تتبع لكردفان، وفي ثمانينيات القرن الماضي طالب قلة من أبناء دينكا نقوك بأن ينضموا لبحر الغزال وتمسك الكثيرون بأن تكون تبعيتهم لكردفان كما كانت ولذلك كون الرئيس الراحل جعفر نميري لجنة قومية عهد رئاستها للشيخ بشير الشيخ وكيل وزارة الحكومات المحلية وقتئذ وضمت اللجنة دكتور فرنسيس دينق ماجوك ومولانا دفع الله الرضي القانوني الضليع ونائب رئيس القضاء في ذلك الوقت والأستاذ دلدوم الختيم أشقر المحامي عضو مجلس الشعب القومي وقتئذ والأستاذ مارتن ماجير وأن عدداً من مثقفي دينكا نقوك وعلى رأسهم زكريا أتيم وماتيد أيوم وآدم دينق ماجوك وبتال بلو واشيل أبوليق وغيرهم سعوا لإقناع أهلهم بضرورة أن يكونوا تابعين لكردفان وسعى نفر آخر من المثقفين لإقناع أهلهم بضرورة أن يكونوا تابعين لبحر الغزال وأسفرت نتيجة الانتخابات التي أجرتها اللجنة القومية وسط العمد عن فوز الاقتراح الذي يطالب بتبعية دينكا نقوك بأبيي لكردفان إذ صوت لهذا الاقتراح سبعة عمد وصوت عمدتان فقط مع الاقتراح الذي يطالب بضم هذه المنطقة لبحر الغزال.. ومن هنا يتضح أن دينكا نقوك كانوا يحبذون الانتماء لكردفان التي يقيمون فيها جغرافيًا ويتبعون لها إدارياً وأصبحوا جزءًا من نسيجها السكاني على مدى عقود طويلة من الزمان تطاول أمدها والشواهد الدالة على ذلك كثيرة والوثائق والمستندات تثبت أن لهم ممثلين في الدورات العديدة المتعاقبة في مجلس ريفي بحر العرب وأنهم كانوا مشاركين في مجلس مديرية كردفان الكبرى ولهم أيضاً ممثليهم في مجالس الشعب المتعاقبة على عهد مايو. ولأهمية هذه المنطقة قامت شركة شيفرون بالتضامن مع جامعة هارفارد بإعداد دراسات وخرط بعد إجراء مسوحات جوية للمنطقة. وبعد ظهور البترول وتنقيبه واستخراجه في المنطقة ظهرت المطامع والشد والجذب دون مراعاة للحقوق التاريخية لجميع الأطراف المتساكنة في المنطقة وهناك حقوق تاريخية للمسيرية في التحرك والرعي والذي عمق المشكلة وأشعل نيرانها أن بعض أبناء المنطقة من دينكا نقوك قد انضموا للحركة الشعبية وشغلوا فيها مواقع قيادية وتبوأوا باسمها مناصب تنفيذية وزارية ولذلك فإنهم يصرون على جنوبية كل المنطقة دون مراعاة لحقوق الآخرين مع عدم رضائهم بما أسفرت عنه قرارات لجنة التحكيم الدولية في لاهاي بخصوص أبيي لأن بعض أولئك المشار إليهم قد أكدت لجنة التحكيم أن قراهم تقع في الشمال وهذا يعني فقدهم لمواقعهم القيادية والتنفيذية بالجنوب ولذلك فإنهم يبذلون قصارى جهدهم لصب الزيت على النار لتظل مشتعلة ومنطلقاتهم ذاتية في المقام الأول ومن الواضح أن الوسطاء الأفارقة متحاملين على الشمال ومتعاطفين مع الجنوب في هذه القضية بالذات ويهددون بأن مجلس الأمن سيصدر عقوبات ضد السودان إذا لم يرضخ لطرحهم ومقترحهم ولكنهم أدركوا أن دون ذلك خرط القتاد ولعلهم في النهاية يحتكمون لصوت العقل ويتخلون عن تحاملهم وظلمهم لتتكافأ كفتا الميزان المختل بسببهم، ولكن الملاحظ أن دكتور فرانسيس دينق الذي كان من أكثر المتحمسين لبقاء منطقة أبيي في كردفان عندما كان وزير دولة بالخارجية في عهد مايو قد تغير موقفه مائة وثمانين درجة وأصبح من عتاة المنادين بجنوبة أبيي دون اعتبار للحقوق التاريخية الأصيلة للآخرين، وبدلاً من أن يصبح جزءًًا من الحل بحكم موقعه الأممي الذي كان يعتليه أصبح جزءًا من المشكلة ومن المعقدين لها.. ودكتور فرنسيس هو ابن الناظر دينق ماجوك الذي كان له وما شاء الله عدد كبير من الأبناء أنجبهم من زوجات كثيرات وأن عدداً كبيراً من أبنائه مسلمين وبعضهم مسيحيين ومن هؤلاء دكتور فرنسيس الذي درس المرحلة الأولية بالمجلد وأكمل دراسته الثانوية بمدرسة خور طقت وتخرج في كلية الحقوق جامعة الخرطوم ونال دراساته العليا بالخارج وحصل على شهادة الدكتوراه وعمل أستاذاً جامعياً وفي عهد مايو عينه النميري سفيراً ثم عينه وزير دولة بوزارة الخارجية وقد ساعده عمله الدبلوماسي هذا ومهد له لاعتلاء مواقع مرموقة بالأمم المتحدة حيث عمل في مفوضية العون الإنساني وهو متزوج من كندا وبرغم أنه عندما كان يدرس بالأولية بالمجلد سكن في منزل عمه وصديق والده الناظر بابو نمر الذي عامله كأحد أبنائه وقد أشاد به دكتور فرنسيس وكتب ونشر عنه كتاباً مجّده فيه ورغم مخالطة الدكتور للشماليين في مراحل دراسته المختلفة وسكنه معهم في الداخليات والالتقاء بهم في فصول الدرس وباحات المدارس والجامعة إلا أن رواية طائر الشؤم التي كتبها عكست ما يعتمل في نفسه من مرارات وما يختزنه عقله الباطن من ترسبات وإحساس بالتمايز العرقي والاستعلاء العنصري على حد زعمه. وكان بحكم انتمائه الكنسي من أكثر المنادين بعلمانية الدولة وعدم تطبيق الشريعة الإسلامية أو على الأقل حصرها في الجزء الشمالي من السودان باستثناء العاصمة، وقد ساهم بالقدح المعلى في وضع الدراسات التي أعدها مركز الدراسات الإستراتيجية بواشنطن عن قضية السودان ومشكلة الجنوب وقدم مقترحاً بإقامة دولة ذات نظامين في السودان وعندما عين القس دانفورث ممثلاً للرئيس الأمريكي للسودان اعتمد في مفاوضات ميشاكوس ونيفاشا على تلك الدراسة وقد أفضت اتفاقية نيفاشا عند إقرارها والتوقيع عليها والعمل بها لقيام نظامين في الدولة عندما كانت واحدة وطبق هذا النظام وسيطرت الحركة الشعبية على حكم الجنوب مع مشاركتها في الحكم بنسبة (28%) على المستوى الاتحادي في كافة المستويات السيادية والتنفيذية والتشريعية وفي الولايات الشمالية وفي نهاية المطاف اختار الجنوبيون بمحض ارادتهم الحرة الانفصال وصوتوا له بأغلبية ساحقة كاسحة وأعلنوا دولتهم المستقلة، وكان عليهم بعد ذلك أن يتركوا السودان وشأنه ويتركهم السودان وشأنهم ولكنهم حشروا أنوفهم في ما لايعنيهم وأرادوا أن يفرضوا قطاع الشمال ويجعلوه كمسمار جحا ليكون لهم مخلب قط في السودان والمعروف أن هذا القطاع كان متاحاً له ولا زال الباب مفتوحاً أمام الذين كانوا منتميين إليه ليسجلوه حزب كسائر الأحزاب الأخرى مع الالتزام بالعمل السياسي السلمي والاستعداد لخوض الانتخابات القادمة في كل مستوياتها إذا رغبوا في ذلك ومن الواضح أن كثيراً من الذين كانوا ينتمون لذلك القطاع أبرياء من الذي يحدث من جرائم وسفك للدماء وترويع للآمنين وأن هناك قلة متنفذة هي التي تتحدث باسمهم زوراً وسعت لخلق مشكلة جنوب جديدة بادعاء أنهم أوصياء على ما اطلقوا عليه الجنوب الجديد وهم سبب الفتنة بين جمهورية السودان ودولة الجنوب وتلطّخت أيديهم بالدماء في جبال النوبة والنيل الأزرق مستندين إلى الدعم الخارجي ودعم دولة الجنوب التي لا زالت تصرف على المتمردين الحاملين للسلاح بهاتين المنطقتين، وتقوم هذه القلة بالتنسيق بين حكومة الجنوب والحركات الدارفورية المتمردة في إطار ما يعرف بالجبهة الثورية مع محاولة مد الجسور مع القوى المعارضة وتسعى بشتى السبل للضغط على الحكومة لتجلس معها في مائدة مفاوضات تقتسم معها بموجبها السلطة والجاه وفي سبيل ذلك ظلوا يقومون بحرب عصابات إجرامية وأخذوا يخطفون ويروعون أهل المشروعات والمزارعين لئلا يحصدوا ما زرعوه وأن الخواجات الذين تنقصهم المعلومات يصرون على جلوس الحكومة للتفاوض معهم والمؤسف أن أصابع الاتهام تشير لأن دكتور فرنسيس دينق هو العراب المحرض والواسطة بينهم وبين الخواجات فهل يرضى ابن البيت الكبير وابن الناظر دينق ماجوك وهو الأكاديمي المرموق والقانوني والدبلوماسي الأديب أن يكون هو رأس الحية والفتنة وهو الذي لم تطأ أرجله في يوم من الأيام جبال النوبة أو النيل الأزرق إلا كموظف ومسؤول أممي ولكنه لا ينتمي وجدانياً أو جغرافياً لتلك المناطق التي تضررت كثيراً من تصرفات تلك القلة التي يسندها الدكتور والأمل أن يتبرأ من هذه الفتنة ويرفع يده عنها، وكان الجميع يأملون أن يكون سيادته داعية سلام بين الدولتين الجارتين ليتعايشا ويتعاونا في سلام ووئام مع احترام كل دولة لخصوصية الدولة الأخرى.