عندما هبطت المروحية التي كانت سرعتها تبدو وكأنها سرعة بص قديم في منطقة «قبقبة» النائية بمحلية أبو حمد ولاية نهر النيل كان الغرض من رحلة وفد وزارة المعادن (التمرُّد) على العمل المكتبي، وللمفارقة أن الوفد كان يقوده (متمرِّد) سابق انحاز للسلام وها هو يسهم في مسيرة التنمية وهو وزير الدولة سراج علي حامد الذي كان قياديًا بالحركة الشعبية، فكانت الزيارة التي ضمَّت وكيل الوزارة وآخرين في إطار السياسات العامة للوزارة في إنفاذ البرامج الميدانية، وبغرض إعمال مبدأ الرقابة على الشركات العاملة في مجال التنقيب الذي هو هدف رئيس للوزارة التي بات التعويل الحكومي عليها كبيراً، ووزير المالية يعلن أمس الأول أن الحكومة صدرت نحو (41) طنًا من الذهب. في (قبقبة) كانت شركة مناجم العالمية للتعدين تعمل كما النحل ولعل الوزارة لو لم تكن تعلم جيدًا إمكانات ومقدرات الشركة المغربية لما منحتها تلك المساحات الشاسعة التي تحتلها في عراء نهر النيل التي تقدر بنحو (26) ألف كلم في كل من جبيت وبربر والشريك ولذلك كانت ضخامة كلفة المشروع التي تقدر بنحو (183) مليون دولار، وهو الأمر الذي مضى فيه الوزير سراج واصفاً زيارتهم للموقع بالتنسيقية، وللوقوف على الأعمال الميدانية لجهة التأكد أن ما تم الاتفاق عليه على الورق هو ذات ما يتم إنفاذه على أرض الواقع. وقدر مدير عام مناجم أن يكون الاحتياطي في مربع واحد فقط نحو (45) طنًا من الذهب، إذ أن العقد الأولي للشركة مع الوزارة ينحصر في مجال الذهب.. وقفنا على عمل مناجم في مجال الحفر بواسطة آليات متطوّرة من الممكن أن تحفر لعمق (500) متر وتحلل الشركات في اليوم مئات العينات من التربة وتملك مصنعًا تجريبيًا للصهر. وكان اللافت في العمالة أن السودانيين نالوا نصيب الأسد وهو الأمر الذي شدَّد عليه الوزير وسأل عنه أثناء طوافه في الموقع ووقوفه على منشآته فوجدنا (22) مهندسًا جيولوجيًا، (19) منهم سودانيون بينما المهندسون الكيميائيون (6) نصفهم سودانيون و(4) مهندسين سودانيين من أصل (6) وابتعاث ثلاثة مهندسين وطنيين إلى المغرب بغرض التأهيل وإجمالاً نحو (95%) عمالة محلية، كما وقف الوزير سراج على أدق التفاصيل وكان يدوِّن الملاحظات ولعله انتقلت إليه تلك العدوى وبسرعة من الوزير كمال عبد اللطيف الذي لا يفوِّت شاردة أو واردة، فاطمأن سراج إلى التأثيرات البيئية جراء التنقيب على المنطقة بجانب مدى استفادة مواطني المنطقة من الخدمات الاجتماعية التي تقدمها مناجم، وقد شهد معتمد أبو حمد طارق الذي كان بمعية الوزير على التزام الشركة وتنقيبها في حقول الشأن الاجتماعي بالإسهام في تطبيب العيون وترميم المدارس والمساعدة في ترحيل الطلاب، بجانب مشروعات أخرى تم الاتفاق عليها مع حكومة نهر النيل. عقب شرح مسو لي مناجم لعملهم أثنوا على الوزارة العمل الذي قامت به مؤخرًا من خلال احتضانها فعاليات المؤتمر الدولي الثاني عشر للمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين الذي شارك فيه وزراء التعدين العرب. ظفرت نهر النيل بمناجم التي أعلن الوزير سراج تسخير كافة إمكانات الوزارة لهم، وأوضح أن الوزير أصاب كبد الحقيقة بعد أن أكدت الشركة أنها كبير،ة ونذكر هنا أن الوزير كمال عبد اللطيف في ختام مؤتمر المعادن قال إن وزارته تنطلق من أربعة مسارات هي مسار الشركات الكبيرة ودفعها للعمل في تنوع الاستثمار في المعادن ومسار تنوع قطاع خدمات التعدين ومسار تطور قاعدة بيانات عن المعادن بالسودان من حيث الكمية والاحتياطي بالإضافة لمسار تأهيل وتدريب الكوادر العاملة في قطاع الجيولوجيا.