هنالك بعض الناس يعانون من سيطرة فكرة بعينها على رأسهم مع إيمانهم التام بسخافة تلك الفكرة وتفاهتها مثل اعتقاد شخص بأنه مكروه وغير مرغوب فيه وأن الناس يتحدثون عنه بصورة سيئة أو أعتقاده بأن أيديه متسخة أو أن وضوءه ناقص، وقد تترجم تلك الأفكار في شكل تصرفات قهرية مثل غسل الأيدي بصورة متكررة أو إعادة الصلاة لمرات عدة أو حرص الشخص على عد أعمدة الكهرباء في طريق سيره وكذلك عدد درجات السلم .. كل تلك الأعراض إضافة لأعراض أخرى دليل على إصابة الشخص بالوسواس القهري.. استعنّا بحالات من بعض العيادات النفسية لعرضها دون ذكر أسماء.. كما ختمنا برأي علم النفس.. كتبت: سحر بشير سالم «س. أ. ع.» تشكو من وسواس ينتابها حال وقوفها لأداء الصلاة فيشوش عليها تركيزها في عدد الركعات فتضطر لإعادة الصلاة مرارًا وتكرارًا مع ثقتها التامة بأنها أدت صلاتها على أكمل وجه. حاله أخرى تمت معالجتها عبر الزاوية النفسية «م، ب، س» يقول مشكلتي تؤرقني، فإذا ماصافحت أي شخص اقوم بغسل يدي بالماء والصابون مرارًا وإذا جلس شخص على سريري أقوم بغسل السرير والملاءة والأعجب من ذلك إذا زرت شخصًا مريضًا بالمستشفى أقوم بغسل ملابسي التي كنت أرتديها بمجرد وصولي للمنزل، وحقيقة أنا أعاني معاناة مبالغة من تصرفاتي تلك ولكن لا أقوى على مقاومتها. «و. ع. ه.» حالة أخرى فهو يعاني من وسوسة عدّ درجات السلم في مكان عمله بالطابق الثاني، وهو يعرف عدد درجاته ويحفظها عن ظهر قلب، ولكنه إذا أخطأ في العد فإنه يعاود نزول درجات السلم والصعود مرة ثانية للتأكد من عددها. «ص.ح.» مشكلتها تكمن في أنها تعتقد بأنها شخص غير مرغوب فيه وأنها منبوذة وغير محبوبة من الجميع مما يجعلها في حالة كدر وقلق دائمين. «ه. م.» مشكلته مع الوسواس أنه يؤرق نومه كل يوم فإنه يعتقد أن وصلة الكهرباء غير مؤمنة وأن أنبوب الغاز غير مغلق فيهب من نومه فزعًا ليجد أن كل تلك الأفكار مرض وساوس لا أساس لها من الصحة. الأختصاصي النفسي مواهب محمد علي عباس أفادتنا بقولها: الأمراض النفسية تنقسم إلى قسمين عصابية وذهانية، والوسواس القهري مرض عصابي وتعريفعه: أنه فكرة تسيطر على المريض وهو يعلم علم اليقين بعدم صحتها. ويأتي المرض عادة في شكل أفكار أو اندفاعات أو مخاوف وقد يكون في هيئة طقوس حركية مستمرة أو دورية مع يقين المريض بتفاهة هذه المخاوف وعدم معقوليتها وعلمه الأكبر بأنها لا تستحق منه هذا الاهتمام وتكون هناك محاولة مستمرة من المريض لمقاومة هذه الوساوس وعدم الاستسلام لها ولكن مع طول مدة المرض قد تضعف درجة مقاومته وقد تترتب على إحساس المريض وقوتها القهرية مشكلة اجتماعية وآلام نفسية وعقلية. تنقسم أعراض المرض إلى قسمين أولها الوساوس والشكوك الفكرية والعادات والسلوكيات، فيما يختص بالقسم الأول فيكون في شكل أفكار أو صور ذهنية أونزاعات تتكرر وتتطفل على العقل بحيث يشعر الشخص أنها خارجه عن سيطرته وتكون هذه الأفكار مزعجة ويتمنى مغادرتها من رأسه وفي ذات الوقت يشعر المصاب بتفاهة وسخافة تلك الأفكار التي تراوده مصحوبة بعدم ارتياح والشعور بالخوف والكراهية واستحواذ تلك الأفكار مثل فكرة الاتساخ والنظافة والاهتمام الزائد بنظافة الجسم مع تكرارها بصورة روتينية.. أما القسم الثاني من الأعراض فيتمثل في العادات والسلوكيات التي تترتب على هذه الوساوس ويعلم الشخص الموسوس أن القيام بتلك العادات يجعله غير مرتاح ولكنه يعمل بها لمجرد الحصول على راحة مؤقتة ويقوم بها مرات بطريقة مبالغ فيها مثل غسل الأيدي والأسنان وإغلاق الأبواب والتأكد مرارًا من إغلاق الأجهزة الكهربائية. وللشخصية الموسوسة صفات نذكر منها العناد وعدم المرونة في التعامل وحب النظام الشديد والتدقيق في التفاصيل والتزمُّت الزائد والجدية كحرمان النفس من النزهة والترفيه كما أنه شخص جاف مقطب الجبين لا يضحك إلا نادرًا ولا يجيد التعبير وشكّاك لأبعد الحدود ويهتم بالنظافة بشكل مبالغ فيه ومتشائم وعلاقته بالآخرين رسمية وصداقاته قليلة وتكاد تكون معدومة وغير متواصل اجتماعيًا ويغيب عنه الشعور بالأمان فهو شخص قلق وغير آمن ولا يجيد التصرف في بعض المواقف خاصة المواقف الطارئة. بالنسبة للعلاج هناك عدة طرق منها العلاج النفسي عن طريق تفسير طريقة الأعراض وطمأنة الموسوس بأن حالته بعيدة عن الجنون والتقليل من خوفه على ملكاته العقلية ومحاولة الكشف عن الأسباب والعوامل التي أدت لظهور أعراض المرض وكذلك العلاج البيئي والاجتماعي في نفس الوقت والعلاج السلوكي وهو الأول في علاج الوسواس «المخاوف الطقوس القهرية» عن طريق التحصين البطيء والتعرض المباشر ثم الامتناع ويجب التدخل بالعلاج الجراحي حال فشل العلاج السلوكي والعلاج التدعيمي عن طريق رفع الذات والثقة بالنفس والعلاج الديني ككثرة الاستغفار والدعاء . وختامًا أوصي المريض بالصبر والتأني في استمرارية العلاج وعدم التنقل من طبيب لآخر لأن ذلك من شأنه زيادة تأزم الحالة.