جاء فى صحيفة «السودانى» الغراء العدد «2477» بتاريخ بتاريخ «7/2012» خبر سحب السلطات المصرية كتبًا مدرسية تؤكد سودانية حلايب وذلك بناء على تعميم صادر عن مديريات التعليم وطالبت بتضمين منطقتى حلايب والشلاتين بخط عرض «22» درجة شمالاً وذلك ضمن حدود مصر؟! إلى هذه الدرجة حرصت السلطات المصرية على إخفاء الموقع الحقيقى ل«حلايب» فى حدود السودان على الخريطة ناهيك عن الحقائق التاريخية التى ظل السودان متمسكًا بها باعتبار أن الشعبين المصري والسوداني شقيقان لاتفصل بينهما الحدود التي رسمها الاستعمار البريطاني ليفرق بينهما. هذا الخبرالذي نشرته صحيقتنا يطرح قضايا هامة ظلت معلقة بين البلدين الشقيقين منذ زمن مما أدى الى حدوث الكثير من المشكلات للمواطنين السودانيين والمصريين فى مناطق الحدود وهذه المسائل تبرز فى وسائل الإعلام من وقت لآخر لعدم حسم مسألة الحدود بين البلدين اعتمادًا لافتراض حسن النوايا بين الأشقاء فالسودان سبق أن اعلن على لسان رئيس الجمهورية.. بأن حلايب سودانية إلا أنه لم يدخول فى نزاع مع اشقائه في شمال الوادي ولم يلجأ لسحب خرائط أو رسم وفرض خرائط في مدارسه حتى لا تتشرب الأجيال الحالية بروح الشقاق والخلاف تاكدًا من السودان بالوحدة مع مصر. ولكى يطلع ابناء الشعبين الشقيقين على الحقائق التاريخية.. رأينا أن نسرد الحقائق المتعلقة بمسألة حلايب التى ظلت معلقة منذ استقلال السودان الذى ورث حدودًا واسعة وممتدة بين تسع دول فى افريقيا لم ترسم نهائيًا بين دول مثل إثيوبيا وكينيا وليبيا بصفة نهائية الى أن جاء الانفصال مع دولة الجنوب وأخذ معه تبعية الحدود مع كينيا المتمثلة فى مثلث «أللمبي» وظلت الحدود مع إثيوبيا تراوح «منطقة الفشقة» فى مكانها تحت الترسيم والتسوية على اساس من التفاهم بين اللجان المشتركة بين الدولتين الجارتين وذلك بعد ان تنازل السودان عن «قمبيلا» التى كانت تحت إمرته فى عهد الاستعمارحيث تنازل عنها طوعًا وبإرادته الحرة بينما ظل مثلث حلايب على حاله الذى تركه فيه المستعمر. إذن لماذا ظل مثلث حلايب على حاله حتى بعد الاستقلال؟؟ حسب علمنا ومتابعتنا للمسألة يرجع ذلك لأسباب تاريخية صاحبت الظروف التى احاطت باستقلال السودان نفسه والذى أصلاً كان يتمسك بالوحدة مع مصر لمطالبة وتمسك الحزب «الوطنى الاتحادى» الذى شكل أول «حكومة وطنية» والذى أسسه الأشقاء للاتحاد مع مصر تقابله من الجهة الأخرى الكتلة الاستقلالية التى كان يتزعمها «حزب الامة» إلى أن اعلن الاستقلال من داخل البرلمان لاسباب ترجع لإرادة الشعب السودانى وما احاط بها من متغيرات سياسية استجاب لها الزعيم «الازهري» فى تلك المرحلة خاصة وقد ساعدت الثورة المصرية التى قادها اللواء «محمد نجيب» وهو من أم سودانية حيث اطاحت ثورة الضباط الاحرار بالنظام الملكى الذى كان يحكم البلدين تحت «التاج المصرى» إلا أن التبعات السياسية والقانونية لهذا الاستقلال نتج عنها وضع «مثلث حلايب» الذى حسب الحدود الدولية وقع فى خط عرض 22 وبالتالى اتبع لحلايب للدولة المصرية حسب الحدود التى رسمها الاستعمار البريطانى الذى كان يحكم مصر والسودان بينما اعادت اتفاقية 1902م إدارة المثلث تحت إمرة الحكومة السودانية وذلك لامتداد القبائل التى تسكن فى المنطقة إثنيًا وعرقيًا وثقافيًا وإداريًا إلى جذور قبائلها داخل السودان وبناء على تبعية حلايب وضعت حكومة السودان الوطنية الأولى خريطتها التى تبين حدودها الدولية لتشمل «مثلث حلايب» حتى الشلاتين حيث لم تعترض عليها حكومة الثورة المصرية فى ذلك الحين بل اعلنت الاعتراف بها وكذلك الحكومة بريطانية الشريكة فى الحكم الثنائى وأصلاً لم يسجل السودان من قبل إعلان استقلاله تحفظه على حدود خط 22 التى ورثها من الحكم الثنائى وهو أمر قد كفله له القانون الدولى وذلك فى بداية اجراءات إعلان الاستقلال وترتيبات إيداع خريطة حدوده بما فيها «مثلث حلايب» لاعتمادها من الأممالمتحدة كدولة مستقلة حديثًا وهى تشمل «الاسم - العلم الخريطة والشعار» والمعروف فى القانون الدولى أن السودان أو أي دولة لا تتحمل تبعة اى إجراء أو رسم للحدود لم تشارك فيها أو تجيزها بعد نيلها لاستقلالها الرسمى حيث لم تكن للسودان الإرادة الحرة والتى بناء عليها يتحمل المسؤولية الدولية لأى تصرف تم فى ترسيم الحدود قبل نيله الاستقلال التام تلك هى الحدود التى تشملها الخريطة التى تم سحبها بواسطة السلطات المصرية كما جاء فى الخبر والتى وضعها الحكم الثنائى تحت التاج المصرى كما بينا سلفًا لرسم حدود ما كان يسمى «السودان الإنجليزى المصري» وذلك بدون تسجيل اجراء الترسيم فى اى وثيقة تثبت موافقة حكومة السودان أو من يمثلها إبان الحكم الذاتى أوحتى بعد الاستقلال .. مما يؤكد انعدام الإرادة الحرة للشعب السودانى فى تلك المدة وهذه وحدها تعتبر من أقوى الحجج امام المحاكم الدولية او التحكيم إذا ما تم!! كل هذه المسائل القانونية تم السكوت عنها فى ظل الحكومة الوطنية الأولى التى كان يقوم برنامجها على اساس «الوحدة مع مصر» بل كان وزيرها المرحوم «محمد نور الدين» ينادى ويهتف ..برمى الحيطة مع مصر؟! أي أنهم فى حزب الأشقاء لايعترفون باى حدود مع مصر ولا يريدون حدودًا مع اشقائهم أصلاً.. ونتيجة لهذه الأسباب التاريخية والمناداة بالاتحاد مع مصر مرت مسألة الحدود بين البلدين بدون أي نزاعات أو ترسيم جديد لها كما تم وما يزال مع بعض الدول الأخرى وبالتالى لم تخرج المسألة الى سطح الاحداث إلا فى فترة الاستفتاء على رئاسة «عبد الناصر» فى العام «1958» عندما ابتعث قوة من الجيش المصرى الى حلايب الأمر الذى دفع الرئيس «عبد الله خليل» لتحريك الجيش السودانى الى المنطقة دفاعًا عن سيادة السودان على أرضه وحدوده ولو لا حكمة عبد الناصر لحدثت حرب بين مصر والسودان والذى قام بسحب قواته ليظل الحال على ما هو عليه حيث قدم السودان شكوى لمجلس الأمن لم يبت فيها حتى الآن. أما ما حدث فى العام «1992» فأمره مختلف فقد حدث فى ظروف سياسية مختلفة اتهمت فيها حكومة السودان بالعمل أو الاشتراك مع حركات أصولية بمحاولة اغتيال الرئيس السابق «حسنى مبارك» مما أزم العلاقات بين البلدين وبناء على هذه الأسباب دخلت القوات المصرية مثلث حلايب بقرارمن حكومة «مبارك» الأمر الذى يعلمه الجميع خاصة والسودان كان فى حالة حرب فى الجنوب لذلك تفادى فتح جبهة أخرى فى الشمال ليس عجزًا فى الدفاع عن ارضه بل تفاديًا لدخول حرب فى مسألة يمكن حلها وديًا فى مواجهة نظام جديد كما هو الآن لذلك نأمل نحن أهل الشرق ومعنا باقى ابناء السودان فى تسوية هذه المسألة فى عهد الثورة المصرية ورئاسة «مرسى» وذلك باتباع الخطوات الآتية: * الإقرار بحق السيادة للسودان فى مثلث حلايب. * سحب القوات المصرية المسلحة من المثلث. * تكوين وحدة مشتركة لقوات مصرية سودانية «لشرطة الحدود» * حصر المنشآت والمعدات وممتلكات المواطنين التى أتلفت فى فترة الاستيلاء على المثلث وكذلك المنشآت التى شيدتها الدولة المصرية وقيمتها المادية وتكاليف إنشاؤئها خلال فترة الاستيلاء لتتم تسويتها من موارد المنطقة. * تأسيس «شركة قابضة» مصرية سودانية للاستثمار فى المثلث لصالح البلدين ترتكز هذه الشراكة فى الاستثمار اعتمادًا على «أرض وموارد السودان فى المثلث وعلى خبرة العمالة المصرية الماهرة ورؤوس الاموال المصرية الموجودة فى المنطقة- وعلى الصناديق العربية فى التمويل». فإذا ما تمت هذه الخطوات بشكل عملى نكون قد حققنا الهدف المرجو من «التكامل» بشكل عملى وقانونى وليس مجرد يافطة أوكلمة مموهة نغطى بها واقع المثلث المؤلم ومن ثم نكون قد أزلنا آثار السنوات الماضية التى عانى فيها سكان المثلث من قبائل «البشارين والعبايدة» وغيرهم من السودانيين من ضياع حقوقهم وممتلكاتهم الأمر الذى بستوجب تعويضهم التعويض المجزي خاصة وقد احتفظوا بجنسيتهم الأصلية التى تميزهم عن الآخرين قبل اتفاقية «الحريات الأربعة» حيث يتمتعون بازدواجية فى الجنسية السودانية الأصلية والمصرية المكتسبة والثابت أن القانون الدولى بأخذ بالجنسية الاصلية استنادًا لسابقة الموطن الألمانى «نوتهوم بووم» استنادا للسابقة الشهيرة فى القانون الدولى وبالتالى وضع المواطن السودانى فى حلايب يشكل «هوية تكاملية فريدة» فى المثلث وذلك بدون أجراء أى استفتاء أو نزاع امام المحاكم الدولية بين البلدين الشقيقين