عبّر الكاتب الكبير، محمد حسنين هيكل، عن سعادته بمظاهرات 4 ديسمبر، التى عرفت ب»حلم الشهيد«، قائلاً: »خروج الشباب، كان أكبر من توقعاتي، ووجدته متسقاً مع 25 يناير، كقوة حقيقية، ومستمرة للثورة، ليثبتوا أن الإخوان لم يكونوا العنصر الرئيسي لثورة يناير«. وشدد، فى حوار مع الإعلامية لميس الحديدي، أجرى قبل أحداث »الاتحادية« بساعات وأذيع أمس، على فضائية »سى.بى.سى«، على أن »الأيام الخمسة الأولى من الشهر الجاري فاصلة، لأن الأمم والشعوب لا تستقيل، ولا تنتحر، وأن علينا إيجاد حلول لأزمتنا، مدعومين بالأمل«، مطالباً مستمعيه بالنظر لتجارب الشعوب والأمم، التى قامت من عثراتها بعد الحرب العالمية الأولى. وكشف »هيكل« عن إجرائه اتصالات مباشرة مع من وصفه ب»أحد أقطاب النظام المحترمين«، ليبلغه بمخاوفه، مما رآه »طريقة إقصائية سادت عمل التأسيسية، أثناء وضع الدستور«، وأن هذا القطب البارز»كان قلقاً كذلك، ومر على مكتبي، وأبلغته بمخاوفي، وطلبت منه نقل مخاوفي للرئيس«. وأضاف: »صدمتنى أول مادة متعلقة بالهوية فى مسودة الدستور، لتعارضها مع التاريخ والجغرافيا«، وعبر عن انزعاجه من»الطريقة التى تم بها إقرار الدستور، فى الجلسة الأخيرة، أكثر من أي شىء آخر، وأن يحدد الرئيس مرسى مهلة شهرين لمناقشة الدستور، فى الإعلان الدستوري الذى أصدره قبلها بأيام، عن علم لديه بأن التأسيسية لم تفرغ من عملها، ثم يتم إقرار الدستور فى جلسة واحدة، بدت أقل من قيمة دستور نطمئن له فى المستقبل، لأنه تنظيم لمستقبل الأمة وليس عودة للماضى«. وحمّل »هيكل« أمريكا مسؤولية تداعيات الفترة الانتقالية التى أعقبت تنحي الرئيس السابق حسني مبارك، مشدداً على أن ضغوط واشنطن كانت سبباً رئيساً لتنحيه، ورأى أن »مبارك اعتقد أن أوباما خانه«، مضيفاً: »تشاتما تقريباً فى اتصالهما التليفوني«، وأن الأمريكيين اعتقدوا أن »الانتخابات أولاً، ليست مقلقة لهم، إذا أتت بالإسلاميين«، وضغطوا اقتصادياً على المجلس العسكري لإجراء الانتخابات أولاً، نافياً وجود صفقة بين العسكري وجماعة الإخوان، واستطرد:»فى لقاء لي مع المشير طنطاوي، اقترحت عليه تكليف مرسي برئاسة الحكومة، بصفته رئيس حزب الأغلبية، فأجابني: لا أريد تسليم البلد للإخوان«. فى بداية الحوار.. قال الأستاذ هيكل: لدي أسباب للاعتذار وهو خارج السياق ومن خارج التلفزيون، وفضلت عدم التحدث، لأن أهل هذا الزمان أولى بحل مشاكلهم. وأنا سعيد بهذا الحديث، وسعيد بمسمى »لحظة ديسمبر الخطرة« وهى لحظة حرجة بلا أدنى شك لكنها لا تدعو لليأس من منظور صحفي قديم لأنها طبيعية فى حياة الأمم أثناء الأزمات، والكل يملك أن يستقيل أو يعتزل ولكن الأمم والشعوب لا تستقيل ولا تنتحر ولننظر إلى تجارب الشعوب والأمم لنجد هذا واضحاً بشكل كبير بعد الحرب العالمية الأولى.. دعينا الآن نتحدث عن الأيام الخمسة الأولى من ديسمبر لأنها حافلة ودالة وموحية. منذ بداية هذا الأسبوع وعند إصدار مسودة الدستور الجديد صدمت من قراءة أول مادة والمتعلقة بالهوية وتعارضها مع التاريخ والجغرافيا، ووجدت أشياء كثيرة لم تعجبني وتناقشت مع خبراء قانونيين فى هذا الشأن ووجدت لمخاوفي ما يبررها، ولكن ما أزعجني حقيقة هو الطريقة التى تم بها إقرار الدستور فى الجلسة الأخيرة أكثر من أي شىء آخر، وأقلقني أن يحدد الرئيس مرسي مهلة شهرين لمناقشة الدستور فى الإعلان الدستوري الذى أصدره قبلها بأيام، عن علم لديه بأن التأسيسية لم تفرغ من عملها، ثم يتم إقرار الدستور فى جلسة واحدة بدت أقل من قيمة دستور نطمئن له فى المستقبل، لأن الدستور تنظيم لمستقبل الأمة وليس عودة للماضي. هل يمكن أن تقر الدساتير فى سياق واحد وفى جلسة واحدة؟ هيكل: هناك مدرستان.. مدرسة بالإقرار فى جلسة واحدة مثل الدستور الإيطالي لعدم ممارسة الضغوط على أعضاء التأسيسية، ولكنني أعترض على الطريقة الإقصائية والمناخ الذى ساد عمل التأسيسية فى وضع الدستور، وهو ما أزعجني، وصباح هذا اليوم اتصلت بأحد أقطاب النظام المحترمين لكي أبلغه بمخاوفي. هل معنى ذلك أن سيادتكم قد شعرت بقلق شديد؟ مصر كلها بدت قلقة، وهذا القطب البارز كان قلقاً كذلك، وقال لي إنه سيمر على مكتبي وأبلغته بمخاوفي وطلبت منه نقل هذه المخاوف للرئيس. وماذا قلت له؟ قلت له إن البلد فى مأزق فظيع وقلق، لأن الدستور ليس قانوناً، بل يجب مشاركة كل أطياف المجتمع وينبغي ألا تنفرد بوضعه أغلبية ذات أقلية، لأنه تنظيم مشترك لحياة كل الطوائف معاً، فإذا غابت الكنيسة والمثقفون والمفكرون فهنا يجب أن نستشعر الخطر، لأن السرعة ليست مطلوبة فى إقرار الدساتير، لأنه سيكون بناء بدون أساس كافٍ. وما يقلقنى أنه سوف يؤخذ إلى اجتماع خاص يسلم للرئيس دون أن يعرضه على الشعب كما تصورت فى الميدان أو إلى اجتماع عام إذا أراد، وأبلغته أنني ضد ما نمى إلى مسامعي من إسقاط النظام كمطالب للمظاهرات، وأعتقد أنه شىء عبثي، فالرئيس لابد أن يستوفي مدته، لأن شرعية الأنظمة تسقط بالجرائم ولا تسقط بالأخطاء، وهذا لا يليق فى هذا الوقت لأنه ليس منطقياً لأننا قلنا ارحل كثيراً، ويسقط كثيراً من مبارك إلى الآن حوالي سبع مرات، ولكن العقل يتطلب أن تكون لدينا خطوات أخرى وحلول أخرى غير كلمة ارحل. إذن كيف استمع لسيادتكم هذا المسؤول.. وقَبِل أن يسلم الدستور للرئيس؟ يجب أن أعترف أنه استمع لي جيداً وأبدى اعتراضه على بعض ما قلت، ولكنني قلت له إن على الرئاسة أن يفتح مخارج للخروج إلى حل من المأزق مع الحفاظ على هيبتها. وهل تحدثت معه عن بدائل؟ نعم اقترحت عليه أن يؤجل الاستفتاء لمدة شهرين، واقترحت عليه أن يشكل الرئيس لجنة مستقلة من مستشاريه لفحص الدستور قبل طرحه للاستفتاء، وليكن منهم نائبه ووزير العدل كقاضيين يتميزان بالاستقامة كما أعرفهما. وهل بدا عليه أنه يشعر بقلقك ومخاوفك؟ شعرت بتجاوبه فكرياً مع ما قدمته له من حجج، لكن ما لم يعجبني هو جلسة تسليم الدستور، فقد ذكرتني قاعة المؤتمرات بالنظام السابق، والطريقة التى كانت عليها ولم أحبها، كما أن الرئيس كما حلف اليمين فى ميدان التحرير، كان من الممكن أن يتسلم الدستور فى ميدان التحرير رغم أنني لم أوجد به يوماً، لأنني شعرت أن الميدان هو صيحة جيل آخر يجب أن يتنحى عنها كل من تخطى السبعين. وماذا شعرت بعد تسلم الرئيس للدستور. هل شعرت بأنه ليست هناك فائدة؟ شعرت أنه ربما لم يستطع مقابلة الرئيس، أو أن تكون مقترحاتي قد قوبلت بالرفض، ولكنني شعرت ببعض التفاؤل بدعوة الرئيس إلى مؤتمر ثم وجدت دعوة الرئيس جاءت بعد فرض الرئيس للاستفتاء كأمر واقع، فكانت بلا فائدة، وشعرت بأننا أمام طرفين قلقين جداً.. طرف يخشى من عودة الماضي الذى يعرفه متمثلاً فى الإخوان، وطرف يخشى من مستقبل لا يريده متمثلاً فى الشباب، وهذا أمر غير مبشر. والمشهد التالي المقلق هو مشهد يوم الاثنين الماضي، حيث تحدثت مع المستشار تامر بجاتو وكان ثائراً لحصار المحكمة الدستورية وأكثر ما أقلقني فى هذا المشهد هو العودة لذكريات الماضي والتاريخ الذى استدعى لدى حريق البرلمان الألماني بعد وصول هتلر للحكم وحصول النازي على أغلبية غير مريحة فى البرلمان. وما الذى جعل سيادتكم تستدعي هذا المشهد؟ لا الإخوان هم النازيون ولا مرسي هو هتلر بكل أمانة.. ولكن المشاهد تستدعي نفسها حتى مع اختلاف الوقائع واختلاف البيئات. لكن المشهد لم يكن مريحاً، والناس ترتكب نفس الأخطاء حتى مع اختلاف الظروف، لكن بلا أدنى شك كان المشهد إلغاء لدولة القانون، لكن خروج الشباب 4 ديسمبر كان أكبر من كل توقعاتي بكثير والذى وجدته متسقا مع 25 يناير كأفضل من السابق كقوة حقيقية للثورة باقية أثبتت أن الإخوان لم يكونوا العنصر الرئيسي للثورة، وبرغم تصريحات الرئيس لمستشاريه بأن من هم موجودون عند الاتحادية هم خمسة آلاف فقط، وأعجبني نقل الثورة من الميدان إلى ميادين أخرى، وأتمنى أن يقرأ الرئيس الرسالة وهو مطالب بقراءتها جيداً، رغم معارضتي لشعارات إسقاط النظام. حضرتك، قلت إن الشرعية لا تسقط إلا بالجرائم لكنك قلت إن خروج الناس فى 18 و19 يناير فى عهد السادات شرخ شرعية أكتوبر؟ الشرخ يختلف عن السقوط ومظاهرات يناير 77 شرخت شرعية أكتوبر، وليست شرعية السادات. لكنه نفس القياس بخروج شباب ومجتمع لنفس الأسباب؟ مصر تعيش حالة ثورية فى منتهى الصعوبة الآن، لكن الناس خرجت على السادات، للمطالبة بشىء واحد فقط، هو الرجوع عن زيادة الأسعار، ومشكلة مرسي أنه لم يستطع قراءة ملفاته، وجاء إلى الحكم فى مشهد لا يعرف عنه شيئاً، ويواجه بمطالب ثورية. لكنه قدم مشروعاً للنهضة وصرَّح بأنه يعلم الكثير من المشكلات؟ من هو خارج الحكم ليس كمن بداخله، وأزعم أن لا أحد من مرشحي الرئاسة كان يعلم شيئاً عما يواجهه، ونحن أمام مشاكل معقدة تراكمت على مدى ثلاثين عاماً. هل كان الإعلان الدستوري هو القشة التى بينت حدة الانقسام بين المصريين؟ الانقسام ظهر مبكراً، لكنني أخشى أن يتحول إلى فلق، والإعلان الدستوري بمثابة قفزة فى الظلام، ونحن بصدد تأسيس دولة فى وطن غابت عنه فكرة الدولة المسؤولة عن كل المجتمع، وفتح طريق للمستقبل للمجتمع، ولا يجب أن نضع أي أحد فى ركن ونحاصره فى هذه اللحظات الحرجة، ومبارك خرج بسهولة أكثر مما تتصورين، وعمر سليمان اتصل بمبارك وأخبره بحتمية الرحيل فوافق، وبيان تنحي مبارك تم عرضه عليه تليفونياً، لكنه عدل به كلمة واحدة، وهى التنحي، ومن أخرج العسكري هو استحالة بقائه وليس قراراً من مرسي، وكذلك لا أحد يتخيل مدى دور الضغوطات الدولية، التى كانت فاعلة بشكل كبير، وأتذكر لقائي بطنطاوي، وتناقشنا حول الوضع الاقتصادي، وأبلغني بأن الأمريكان يرفضون المساعدة، ويطلبون من الآخرين عدم تقديم المساعدة، وخيار الانتخابات لم يكن خيارنا على الإطلاق. لكن هناك أقاويل بأن للعسكريين دوراً فى وجوب أن تأتي الانتخابات أولاً؟ الضغوط الأمريكية كانت سبباً رئيسياً ضمن أسباب قبول مبارك التنحي، وكان مبارك يعتقد أن أوباما خانه وتشاتما تقريباً فى اتصالهما تليفونياً، وكان الأمريكيون يعتقدون أن الانتخابات إذا أتت بالإسلاميين فهذا ليس أمراً مقلقاً، وطارق البشرى وقع عليه ظلم لأنه لم يكن يملك غير ذلك، وهو الانتخابات أولاً من خلال التعديلات الدستورية، ويجب ألا نلبس صوت الحقيقة بمؤامرات، لأن الأمريكيين أصبحت لهم كلمة سياسية واضحة بشكل غير صحي، ذلك أننا فى حاجة إلى سلاح الأمريكيين، والأشياء لا تفرض إلا على العاجزين، وكانت توقعات الجميع بمن فيهم الأمريكيون حصول التيار الدينى على 35% من مقاعد البرلمان، والأكثر تنظيماً فى رأيي هو الذى تكون له الغلبة، ورغم اختلافي معهم فكرياً، فإننى لست ضدهم إذا كان وجودهم بناء على رغبة الأغلبية، وأذكر أني التقيت »طنطاوى« وسألني ما العمل، وعرضت عليه تكليف مرسي بتشكيل وزارة باعتباره رئيس حزب الأغلبية، لكنه رفض قائلاً إنه لا يريد أن يسلم البلد للإخوان. وقلت له إنه يسلم البلد إلى من انتخبهم الآن، وأتذكر قصة حدثت فى طهران بشارع آزاد، حيث تحولت مظاهرات للاحتجاج إلى فضيحة عالمية للنظام، وهذا ما يؤكد نظريتي أن الثورات ليست بمنأى عن التدخلات الخارجية ووسائل الاتصال فى نفس اللحظة. وأعود لمقابلة طنطاوي، الذى أبلغني بمدى الضغوطات الدولية عليه فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية والدستور، وأنه لا يملك إلا أن يسير أو يرحل بجانب ضغوطات الشارع، وفكرة حكم إسلامي ليست جديدة، لأن الموروث هو الدين فى هذه المنطقة، كما يعتقد الأمريكيون منذ زمن، ومنذ تغطيتي لانتخابات الأمريكية عام 52 لاعتقادهم بأنه يملأ الفراغ أمام الشيوعية، ومن هنا جاءت فكرتهم فى ذلك الحين بإنشاء حلف يضم مصر وباكستان وإسطنبول كحلف إسلامي. ففكرة الحكم الإسلامي كحل تتسق مع مصالح الأمريكيين، كما يتصورون وأمريكا لا يهمها إلا مصالح الأقليات وإسرائيل. تحدثت سيادتكم عن أن »العسكري« رحل لاستحالة بقائه ما الذى كنت تعنيه من ذلك؟ المجلس العسكري تولى مسؤولية لم يكن مهيأً لها، فضلاً عن ضعفه وتصرفاته الخاطئة غير المقصودة فى رأيي، ولقد غادرت القاهرة يوم 26 يونيو، وأنا أعرف أن المجلس العسكري سيرحل، ومن داخله كان يدرك جيداً أنه لا يستطيع البقاء. لماذا لم يستقل بمجرد تولي الرئيس الجديد حكم البلاد؟ البشر ليسوا ملائكة، وهناك بين مستشاري الرئيس من يريدون الرحيل، لكن الناس يصعب عليهم مغادرة هيلمان الدولة المصرية، وهو أمر خطير وليس سهلاً على أي أحد أن يقتنع بالرحيل بسهولة. ألم تكن هناك صفقة بين طنطاوي والإخوان؟ لا أظن من الممكن أن تكون هناك محاولات من بعض أفراد المجلس العسكري للحصول على أدوار مستقبلية، لكن القرار كان واضحاً، والصورة كانت أوضح. هل هناك فرصة للخروج من المأزق؟ مادامت الحياة مستمرة فتوجد فرصة، لأن الشعوب والأمم لا تستقيل، كما قلت مسبقاً، ومبارك أذكى من غيره، لأنه أدرك أنه وصل إلى الطريق المسدود، الذى يستحيل معه بقاؤه، ومصر أكبر دولة حصلت على مساعدات أجنبية تقدر بتريليون دولار فى عهد مبارك وضاعت، لذلك الفصل بين الماضي والحاضر أمر خاطئ عندما نتحدث عن المعونات وتعامل الغرب معنا، ومصر تعاني عجزاً مالياً يتراوح بين 400 و600 مليون جنيه يومياً، وأنا مقتنع برأي الزعيم الهندي نهرو عندما قال لي إنه يثق فى قدرة النخبة على رفع الكتلة الكاملة، لكنه قلق على الهند بسقوط الكتلة على النخبة، فالديمقراطيات لا تنتج نخباً فى دول مثل مصر، ونحن ارتكبنا هذا الخطأ بضغط الكتلة على النخبة، ولا أريد لهذا الانقسام أن يستمر بلا إدارة، وعلينا استدعاء النخب وأفضل ما فينا، وليس أسوأ ما فينا، وكأننا نكشط كل مراحل الحضارة فى هذا البلد، والكتلة الحاكمة ليس لديها تفويض كبير بالحكم، لكنني أتمنى أن يكون لديها عقل، والناس صوتت بالرفض لأن من لا يريد شفيق صوت لمرسي والعكس، وهذا معناه أننا علمنا ما نريد رفضه لكننا لا نعرف ما نريده. ما رأي سيادتكم فى الصدام مع القضاء والصدام مع الإعلام؟ الصدام مع القضاء بسبب العجلة، وخوف كل طرف، كما قلت، على نفسه وقناعته بمحاولة إقصائه من الطرف الآخر ولا تستبعدي أى شىء عندما نتحدث عن البقاء، وأرجو ألا يتعمق هذا الشعور، والساعة تدق والأحوال الاقتصادية، مزرية كدولة عالية المخاطر، والإعلام ليس بعيداً عن المصالح، وهى من حقائق الحياة، إنني أرجو من الرئيس مرسي أن يترك الإعلام يصحح نفسه بعد دخوله فى معارك كبيرة داخلية وخارجية، وهناك من يريد استخدامنا كما يريد، كما كان يستعمل نظام مبارك، وهناك من لا يرغب فى مساعدة مصر اقتصادياً إلا من خلال مشروعات وليس معونات، وأعتقد أن الحل الأول هو وقف حالة التوتر والحمى فى هذا البلد من خلال الحوار، أقترح تأجيل ميعاد الاستفتاء، والرجوع عن التشبث بالقرار حرصاً على الوطن من التوتر، لأنه ليس سهلاً ما يحدث الآن، وهروب الرئيس من الباب الخلفي رضوخ لرأي الحرس الجمهوري، وهذا مؤشر خطير، ويجب أن نعلم أن التهديد والوعيد جزء أساسي فى خطاب التيار الإسلامي، وأن نتجاوز ذلك فى خطاب الرئيس، وأطلب من الرئيس فتح منافذ للحوار مع الجميع، ودعوة النخب ليس للتنفيس، لكن برغبة حقيقية للمشاورة والمحافظة عليها من الهروب إلى الخارج، وأطالبه بألا يضع البلد فى الطريق المسدود والانفلات. ما الرسالة التى وصلت إلى الرئيس من مظاهرات الشباب فى رأيك؟ أريد منه أن يقرأها بعناية دون مستشاريه فى هدوء، وأن يعطي مساحة لنفسه للتفكير، لأنه رجل لم يكن يتصور أن يصل إلى ما وصل إليه، وأن يتحمل مسؤولياته. رسالة للناس؟ انتبهوا لزمن وعالم كل ما يجري فيه يجري فى نفس اللحظة.