قدّم المبعوث الخاص بالسودان بريلستون ليمان استقالته من منصبه واصطحب مع الاستقالة عدة تصريحات لم يجرؤ على الإدلاء بها حينما أتى إلى السودان أهمها رهنه تطبيع العلاقات بين السودان وأمريكا بتنفيذ »خارطة طريق« تركز على ضرورة إكمال تطبيق اتفاقية السلام، وعاد وأكد أن واشنطن لن تطبِّع العلاقة مع الخرطوم، تصريحات مبعوثي واشنطن جلّها تبعث تفاؤلاً قد يبرز في العلاقة بين البلدين، لكن ما أن تنتهي مهمة المبعوث إلا ويأتي برأي مغاير. وكأنهم ينفذون أدوارهم بحسب ما هي موضوعة لهم والتي يراها مراقبون بأنها ربما تكون ضغوطاً أكثر من كونها ضوابط، وبحسب السفير محمد أحمد عبد الغفار خلال حديثه ل«الإنتباهة» فإن تعيين المبعوثين الأمريكيين لدى السودان يتم من قبل الإدارة الأمريكية بوضع خطوط عريضة لا يجب أن يتخطاها المبعوث وأن لا يخرج منها ويتعرّض لأوامر أشبه بأن تكون ضغوطاً لوجود اختلافات بين الإدارة الأمريكية والكونجرس الأمريكي واللوبيات الموجودة داخله. ورجح عبد الغفار وقوف ليمان عند هذه النقطة أنجز ما استطاع أن ينجزه إلى هذا الحد وبالتالي فإنه قد يكون طلب إعفاءه في الغالب.ويرى البعض أن سياسة واشنطن تجاه الخرطوم لن تتغير بتغيُّر مبعوثيها وحتى من كانت له آراء إيجابية تجاه السودان كان يجد انتقادات حادة كالمبعوث السابق سكوت غرايشن الذي تم تعيينه في العام 2009 فقد صرح في مؤتمر صحافي بواشنطن. «ما نراه في دارفور هو من مخلفات الإبادة الجماعية». وأردف في العبارة الثانية بقوله «مستوى العنف الذي نراه الآن هو في المقام الأول بين الجماعات المتمردة، والحكومة السودانية، وهناك بعض أعمال العنف بين تشاد والسودان». وقد وجدت هذه التصريحات انتقادات لم تثنه في الإدلاء بشهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس وقال إن سياسة المقاطعة الأمريكية للخرطوم لا تسهم في إحلال السلام في دارفور، والجنوب، وبقية أنحاء القطر، مطالباً بضرورة رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان. وقال غرايشن إن أجهزة وكالة الاستخبارات لم تقدِّم على الإطلاق أي دليل ملموس على أن السودان «دولة داعمة للإرهاب»، وأن العقوبات المفروضة على الخرطوم «تأتي بنتائج عكسية» للجهود الرامية إلى إحلال السلام وأكثر من ذلك فاجأ غرايشون المراقبين بتصريحاته حول مفوضية الانتخابات، وما تبع ذلك من ردود فعل حكومية ومعارضة للدرجة التي وصف بأنه أصبح يمارس مهمته كعضو في المؤتمر الوطني. فقد قال إنه «واثق» من أنها ستجري حسب الموعد المقرر ومن أنها ستكون «نزيهة وشفافة قدر الإمكان» ولم ينسَ أن يقول إن أعضاء المفوضية منحوه الثقة بالعملية الانتخابية. لكن يبرز غرايشن واحدًا من بين المبعوثين القلائل الذين لهم آراء قد تتقاطع مع السياسة الأمريكية وعادة ما يتم الاستغناء عنهم بطلب منه بالاعفاء او تقديم الاستقالة . الأمر الذي يؤكده السفير محمد أحمد أن كثيراً من الأحيان يواجه المبعوثون بواقع مخالف كثيرًا عن التوجيهات التي صدرت لهم. مشوار المبعوثين وصل عدد المبعوثين إلى ستة منذ العام 1998وإلى الآن وبرز الاهتمام الأمريكي بتخصيص مبعوث رئاسي للسودان منذ عهد الرئيس الأسبق بيل كلنتون، الذي عين أول مبعوث وهو السيناتور هاري جونسون، الذي اطلع بمهمة تقريب وجهات النظر بين البلدين بعد قطيعة استمرت طويلاً انتهت بضرب أمريكا لمصنع الشفاء بالخرطوم في أغسطس 1998، ليأتي تعيين هاري جونسون بعد يوم واحد من بدء تصدير النفط السوداني في أغسطس 1998.وذهبت آراء كثير من المراقبين إلى فشل هاري جونسون في إحداث تقارب بين البلدين إلى التشدد الذي كانت تتسم به الأنظمة في الدولتين تجاه بعضهما. وتعد إدارة بوش الابن الأكثر اهتماماً بالسودان حيث شهدت تعيين ثلاثة مبعوثين بدءًا من السيناتور جون دانفورث الذي عُيِّن في العام 2001، ، الذي استطاع ومن خلال اضطلاعه بمهام تحقيق السلام من دفع جهود السلام في السودان. ونتيجة لاندلاع حرب دارفور وتعثر خطوات تنفيذ اتفاقية السلام قام الرئيس جورج بوش بتعيين أندرو ناتسيوس مبعوثاً خاصاً له إلى السودان في سبتمبر 2006، في محاولة للمساهمة في إنهاء النزاع الإقليم، وبعد جولات كثيرة قادها ناتسيوس من أجل تحقيق السلام في دارفور باءت جهوده بالفشل بحسب كثير من المراقبين، وقد اتسمت فترته بقيادته جهود واشنطن لإقناع الخرطوم بقبول القوات الدولية التي رفضتها في دارفور، ليغادر منصبه دون أن يذكر أي معلومات عن أسباب الاستقالة. وفي 2008 تم تعيين مبعوث جديد هو السفير ريتشادر وليامسون الذي كان سفيرًا لبلاده في الأممالمتحدة للشؤون السياسية الخاصة، وفي لجنة حقوق الإنسان التابعة للمنظمة الدولية.