المتغيرات التي طرأت على حياة الأفراد و التطور في كافة مناحي الحياة انعكس سلباً على صحتنا النفسية و الجسدية وأصبح عصرنا هذا يشهد أمراض فتاكة لم تكن معروفة من قبل والمعروف منها كان محدودًا وبالرغم من التطور التقني والطبي الا ان ذلك لم يخلص البشرية من آلامها وهمومها. ويُرجع الخبراء أكثر الامراض القاتلة شيوعًا الى مشاعر الغضب والقلق والخوف وهي مشاعر نفسية تنتج عنها منها امراض ارتفاع ضغط الدم واضطرابات القلب والقرحة الهضمية وغيرها من الأمراض المرتبطة بالتوترات النفسية. الغضب هو ردة فعل عاطفية نتيجة للإحساس بالقلق من تصرف يمس شخص الغاضب وهو أكثر المشاعر الانسانية وضوحًا ومن اعراضه ازدياد معدلات ضربات القلب ويرتفع ضغط الدم وتزيد سرعة التنفس وبعد ذلك يتم فرز المزيد من المواد وهرمونات الادرينالين التي تطيل مدة بقاء الإنسان في حالة توتر. هنالك عدة انواع للغضب: الغضب المحمود وهو الذي يكون لله تعالى عندما تُنتهك حرماته وهو من ثمرات الايمان قال تعالى عن موسى عليه وعلى نبينا افضل الصلاة السلام بعد علمه باتخاذ قومه العجل «ولما رجع موسى الى قومه غضبان اسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي اعجلتم امر ربكم والقى الالواح واخذ برأس اخيه يجره اليه قال يا بن ام ان القوم استضعفوني وكادوا يقتلوني فلا تشمت بي الاعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين» الآية 150 الأعراف. كثيرون منا يندفعون خلف مشاعرهم في لحظات الغضب ويمطرون محاوريهم بوابل من الكلمات القاسية والتي قد تنسف جسور المحبة والتلاقي وتجعل عودة العلاقات الى طبيعتها بعيدة المنال. فكم لحظات غضب عابرة تسببت في تشريد اسر بعد تحكم شيطان الغضب في العلاقة الزوجية، هنالك صداقات كانت مثالاً للوفاء والإخلاص اصبحت من الماضي نتيجة لثورة غضب من احد اطرافها وكم من دماء سالت وارواح أزهقت وحياة دمرت بكاملها في لحظة فوران الغضب وعمى القلب فقادت اناسًا الى حبل المشنقة وآخرين الى القبر فتيتم ابناء وثكلت نساء وفُجعت امهات في فلذات اكبادهن وفي كل الحالات كان الشيطان حاضراً ومحفزًا. العاقل من تعلم من تجاربه كيفية التعرف على مكونات شخصيته وطرق التعامل معها ومن الافضل كذلك تبني استراتيجيات تجاهها وتهدئة النفس بحيث لا يتفاقم الغضب أو يصل الى درجة لا يمكن التراجع عنها. هنالك عدة طرق للتعامل مع الغضب منها الاسترخاء وتغيير الشخص لنوعية افكاره وحل المشكلة التي اثارت غضبه والتفكير الجيد قبل اصدار رد الفعل وبعض الناس يلجأ الى الدعابة الساخرة لتلطف من حدة الغضب و«كسر الحالة» وهي عبارة تعني الخروج من الوضع القائم الى وضع آخر يساعد في عودة الاتزان.. وفي السنة المطهرة اوصى الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلم الشخص الغاضب بالوضوء حتى يسكن غضبه. وهنالك طرق اخرى يلجأ اليها الذين تضيق بهم انفسهم للترويح والتنفيس وهي التنزه والاطلاع والاستماع والرياضة وآخرون يلجأون الى عادات سيئة كشرب الخمر والتدخين واللهو بأشكاله المختلفة بحجة الخروج من الاوضاع التي تمر بهم وهم لا يعلمون ان ذلك يعمق من اسباب الازمة ويعرقل وسائل حلها. اخيرًا: عندما تغضب تذكر ان الامر بيد الله وهو لا يريد لك الا الخير وان قصر ادراكك عن ذلك.. تذكر دومًا أن لك ربًا رحيمًا ودودًا فالجأ اليه تجده فاذا وجدته وجدت كل شيء.