في ظل تفاعل الأحداث من حولنا في العالم العربي خاصة في مصر الجارة وليبيا الشقيقة وتونس، نشاهد الحراك الإعلامي وكيف تتم معالجة قضايا الإعلام في هذه الدول.. أين تقف حرية الصحافة والإعلام، ما هي الحدود الجغرافية للسياسة وأين يقف الفرقاء.. في مصر تجري عملية الاستفتاء على الدستور الجديد بصورة هادئة حيث سيقرِّر الشعب ما إذا كان يريد هذا الدستور الجديد الذي جاء عقب ثورة الخامس والعشرين أم لا.. السياسيون يقولون ما يقولون ولكنهم يخضعون لمخرجات اللعبة الديمقراطية باللجوء إلى صناديق الاقتراع وما يقوله الشعب.. أما عندنا نحن هنا فإن بعض النخب والسياسيين لا يؤمنون بالديمقراطية ولا يضعون أي اعتبار أو احترام لرأي الشعب بينما كلمة (الشعب) هذه تصير مضغة في خطبها وأحاديثها والصورة التي يرسمونها للآخرين عبر الكلمات والعبارات المنمقة.. شخص يمارس السياسة منذ عقود طويلة.. يملأ وسائل الإعلام يومياً بعبارات التحوُّل الديمقراطي ومحاربة الدكتاتورية والقهر.. يقف وبوجه الاتهامات والأكاذيب والاتهامات غير الموثقة أو الحقيقية على الآخرين.. في وقتٍ يُعرف عنه أنه لا يؤمن ولم يؤمن ولن يؤمن بالديمقراطية ولا بالتداول السلمي للسلطة ولا علاقة له بالشعب.. وعندما سنحت له الفرصة للقفز على السلطة مارس مع حزبه أسوأ أنواع البطش والوأد لخصومه السياسيين والمصادرة والتأميم للممتلكات الخاصة ونهب أموال الشركات والمطاعم والشركات الصحفية.. هؤلاء هم اليوم الأعلى صوتاً وبكاءً على الديمقراطية والتحوُّل الديمقراطي كما هو الحال لأمثالهم وأشباههم في مصر وتونس.. ينادون بالديمقراطية ولا يعترفون بقاعدة الديمقراطية الأساسية (حكم الشعب بالشعب) والاحتكام للصندوق. غير أنني أعود وأقول إن الحكم في البلاد اليوم كاد يبلغ ربع القرن ومارس التوقيع على اتفاقية السلام لعبة الديمقراطية ومرانها.. وخلال الدستور الانتقالي جرى تطبيق أوراق للاختبار.. الأمر الذي أربك بعض دعاة التحوُّل الديمقراطي وجعلهم يتردَّدون ما بين ممارستها.. والنأي عنها لكي يجدوا لأنفسهم الذرائع برفع الشعار الدائم للخاسرين في مباراة اللعبة الذي يقول (إن الانتخابات قد جرى تزويرها!!).. وهو شعار نعايشه اليوم.. ولكن الملاحظ أن هؤلاء المتشدقين بالديمقراطية والتحوُّل الديمقراطي لا يمارسون في ممارساتهم ومفاهيمهم الراسخة الأسلوب الديمقراطي.. فلا نجد مؤتمرات ولا نظمًا داخلية تحدِّد العلاقات بين مفاصل تلك الأحزاب إن كانت أحزاباً تحترم تعددية الآراء والشورى والديمقراطية، فالمناصب والمواقف المفصلية والقيادية ثابتة لأصحابها (مدى الحياة) فليس هناك حزب.. مارس الديمقراطية عن إيمان وقناعة.. وخرج على التقليد وغير قيادته وتبادل الموقع معه قيادات أخرى أو جديدة أو شابه.. فلا تغيير إلا بالانتقال للآخرة.. وهذه ليست كما تقول قواعد اللعبة الديمقراطية إن كنا نقصد بذلك الديمقراطية الغربية بحذافيرها.. وعلينا أن نسميها باسم آخر يتناسب وواقع الحال.. في المادة (49) من الدستور المصري جاء ما يلي: (حرية إصدار الصحف وتملكها بجميع أنواعها، مكفول بمجرد الأخطار لكل شخص طبيعي أو اعتباري).. هذا ما جاء بشأن حرية الصحافة في الدستور المصري وينظم ذلك بالضرورة قانون يجمع عليه الناس.. وليس قانونًا تدسّ فيه بعض المواد من وراء ظهر اللجان التي تشاورت وقرَّرت وأوضعت كما هو الحال عندنا من بعض الذين ينصبون أنفسهم أوصياء على الآخرين دون وجه حق.