أوائل مايو الماضي والجميع في ردهة «راديسون بلو» مقر التفاوض بين الخرطوموجوبابأديس أبابا في انتظار ما ستسفر عنه يوماً آخر من العملية التفاوضية بين السودان والجنوب تفاجأ الجميع يومذاك وفي السابعة من مساء ذلك اليوم وصول رئيس قطاع الشمال مالك عقار وبرفقته ياسر عرمان إلى مقر التفاوض ليُعلن بذلك رسمياً بداية التفاوض المباشر بين الحكومة والقطاع، وعقب صدور القرار «2046» بمجلس الأمن الدولي عادت العملية من جديد هذه الأيام بدعوة رئيس الآلية الإفريقية رفيعة المستوى ثامبو أمبيكي لقادة القطاع للحضور إلى أديس أبابا لاستئناف التفاوض مع الخرطوم، ووسط تسريبات بمغادرة رئيس وفد الخرطوم المفاوض د. كمال عبيد ووالي جنوب كردفان أحمد هارون إلى العاصمة الإثيوبية اليوم أو غدًا، قال عضو الوفد المفاوض بشأن المنطقتين اللواء مركزو كوكو ل«الإنتباهة» أمس الأول إن الوساطة لم تدْعُ الخرطوم حتى الآن للحضور إلى أديس أبابا لاستئناف التفاوض أو غيره، لكن وعلى الاتجاه الثاني في أديس أبابا عقد أمبيكي ثلاثة اجتماعات مع قادة القطاع المقيمين بفندق«إنتركونتنتال» بوسط العاصمة الإثيوبية ناقشت حسبما قال عرمان للصحفيين فرص استئناف الحوار مع الخرطوم وذكر أن وفده جاهز للجلوس مع الحكومة بيد أنه قال إن القرار الآن بيد الخرطوم إن شاءت التفاوض، ومن جوبا راجت أنباء تتحدث عن مذكرة أعدها ضباط بالجيش الشعبي تسلمها الرئيس سلفا كير تدعو لتسليم قادة القطاع للخرطوم أو دولة صديقة لإنهاء الارتباط رسمياً بين القطاع وجوبا، وهذا ما نقلته صحافة الخرطوم بشكل آخر يقول إن جوبا سوف توقف عقار، وفي المقابل بدأت حمى الرفض للتفاوض مع قطاع الشمال تدبُّ في الجسد السياسي والإعلامي السوداني وسارع رئيس تحرير «الإنتباهة» الأستاذ الصادق الرزيقي في مقاله الراتب أمس إلى التساؤل: هل وجود قادة قطاع الشمال مع كل جولة تفاوضية بين الخرطوموجوبا بمبادرة منهم أم تتم دعوتهم من قبل الوساطة الإفريقية؟ ويضيف الرزيقي إذا كان تسجيل الحضور على جناح السرعة مع أول صافرة لانطلاق تفاوض وتباحث بين الخرطوموجوبا، محاولة من قيادات قطاع الشمال إقحام أنفسهم في المفاوضات الثنائية والبحث عن مواطئ قدم لهم.. حتى لا تفوتهم السوانح والفرص وحتى يضمنوا أن وفد الجنوب لن يبيعهم على الرصيف، فهذا في حد ذاته مؤشر سياسي على أنهم يتامى يبحثون لهم عن كفيل وإعانة وعناية، فيما يعتقد الخبير في العلاقات الإفريقية د.نادر عبدالعليم في حديث سابق ل«الإنتباهة» أن المشكلة الأساسية تتمثل في المفاوض السوداني نفسه، في وقت بعث فيه الرزيقي باتهامات مباشرة للوساطة بالتعاطف مع قطاع الشمال وقال:« أما إذا كانت الوساطة هي التي تدعوهم وتصرُّ على حضورهم وتلحُّ على الحكومة أن تجلس معهم، فهذا يعني أن الوساطة متعاطفة معهم وتسعى لإدراجهم في التسوية السياسية التي تتم بين السودان والجنوب، وتعمل على تدويل التوترات في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وجعل هذا الثلاثي واقعاً موجوداً لا بد من التعامل معه، وتضعهم على واجهة الأحداث وتنفخ فيهم الروح وتوقظهم من مراقد النسيان» بحديث الرزيقي وتأكيدات د.سعيد على جانب آخر تبدو الصورة التي ترسمها الوساطة للعملية بأديس أبابا ذات ثلاثة أبعاد وفق ما حدثني به مسؤول دبلوماسي باعتماد القرار الأممي وتنفيذه بعيدًا عن السياسات الرافضة هنا وهناك للتفاوض مع قطاع الشمال أو إكمال ما ذكره القرار بإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين بالولايتين كعملية لدعم المنطقيتين لا تحمل صفقات للحلول بين الجانبين، أما الشق الثالث بحسب حديث الدبلوماسي فإن العملية برمتها مرتبطة ببعضها ارتباطاً وثيقاً وهذا ما دعا الوفد السياسي الأمني السوداني للمطالبة في قمة أولوياته بإعلان جوبا فك الارتباط مع قطاع الشمال رسمياً مع اقتران خبر إرسال جوبا لشحنات عسكرية وأسطول «لاندكروزرات» إلى قطاع الشمال أمس الأول. أما نواحي القطاع وحسبما تظهر القراءات فإن قيادته تعيش تخبطاً كبيرًا في السياسات والأولويات التي تطرحها على طاولة الوسيط، فتارة تطلب وقف إطلاق النار وتارة تطالب بإسقاط النظام وتارة أخرى تدعو إلى نيفاشا ثالثة على طريق الجنوب الجديد مثلما ذكر الأمين العام للقطاع ياسر عرمان سابقاً، ومع ظهور شمس اليوم تبدأ الأمور في إيضاح نفسها بذهاب وفد الخرطوم للتحاور مع القطاع من عدمه لكن مقابل ذلك تبدو فرص الحوار مفتوحة الآن بحسب ما نقله الوسيط الإفريقي لقادة القطاع بسعيه لاستئناف التحاور مع الحكومة.