هناك قول شائع يتكرر وروده في أغلب المؤلفات عن الإرهاب مفاده أن الإرهابي في نظر البعض هو محارب من أجل الحرية في نظر الآخرين وفي وقت من الأوقات وليس في الماضي البعيد كان معنى كلمة إرهاب واضحاً لدى أغلب الناس لأن الإرهابيين كانوا يعلنون عن أنفسهم وأهدافهم وعلى سبيل المثال فإن الفوضويين كانوا يسمون أنفسهم ويعلنون للكافة أنهم كلهم إرهابيون يتبعون في خطواتهم التراث المستمد من الثورة الفرنسية كما أن تروتسكي لم يكن يتورع عن الحديث في شأن مزايا الإرهاب الأحمر ولكن على العكس الآن فإن هذا المعنى قد أسيء استخدامه مما يجعل المنظمات المختلفة تحاول وبكل وسيلة التبرؤ من هذا الوصف وكذلك إلقاؤه على خصومهم ويختلف الوصف الذي يطلقه المسإولون ورجال الإعلام على المنظمات وذلك باختلاف الموقف السياسي الذي يتخذونه حيالها ومن ثم استخدمت الفاظاً لغوية لإطلاقها عليها فهم إما إرهابيون أو مخربون أو عصاة أو منشقون أو مجرمون أو جنود تحرير أو محاربون من أجل الحرية أو مناضلون وأحياناً لدى بعض الأطراف فإنهم خصوم أو معارضون أو راديكاليون وكما يختلف الوصف الذي يطلق على الأشخاص فإنه يختلف أيضاً بالنسبة للأفعال فهي في نظر البعض عملية إرهابية أو أفعال إجرامية دنيئة وغادرة وفي نظر البعض الآخر هي عملية فدائية أو عمل من أعمال المقاومة أو التحرير لذا فإن تعريف الإرهاب قد أصبح هو مشكلة تصعب على الحال إذ أنه من العسير التوصل إلى تحديد مجرد للإرهاب دون إدخال أية عناصر خارجية عنه تتمثل في الآراء المتباينة حول شرعية أو عدم شرعية التنظيمات ونشاطاتها وبهذا أنتج عن ذلك كل صعوبة التوصل إلى اتفاقيات أو معاهدات دولية لاختلاف مصالح الدول ومحاولة كل مجموعة منها فرض وجهة نظرها التي تتفق مع مبادئها ومصالحها وخلفياتها التاريخية الأمر الذي يجعل أهداف ومضمون الاتفاقيات محل اختلاف واختلاط صور العنف السياسي المختلفة بالإرهاب بحيث أصبح الفاصل غير واضح بينه وبين صور الجرائم السياسية والجريمة المنظمة بل تجاوز الأمر إلى اختلاط مفهوم الإرهاب مع بعض صور الحرب أو حتى الجرائم العادية واختلاط مفهوم الإرهاب ومعنى الإرهاب كظاهرة في الصراع السياسي مع أنماط أخرى من العنف السياسي وذلك مثل حركات التمرد والعصيان والانقلابات حتى وصل الأمر أحياناً إلى اعتبار بعض وسائل الضغط السياسية نوعاً من الإرهاب ونتيجة لهذا فإن بعض الكتابات تخرج عن النطاق العلمي للظاهرة لذا كان من المواجب تحديد هذا المفهوم في الدراسات السياسية بما ينفي عنه الإبهام والغموض والاختلاط وهناك دراسات واسعة في هذا المجال حيث توجد اتجاهات فقهية متعددة وتعريفات متناقضة في التشريعات الوطنية لبعض دول العالم وبعض المعاهدات الدولية واتجاهات شتى توضحها مناقضات اللجنة السادسة القانونية بالجمعية العامة للأمم المتحدة وهنا يمكن وباختصار شديد القول بأن هناك في الفقه نظريات مادية للتعريف تركز حول مضمون الأفعال التي يتضمنها الإرهاب وكذلك نظريات موضوعية تركز على جوهر الإرهاب وذلك بصرف النظر عن أساليبه أو ما يحيط به من شرائط أو ظروف لا تتعلق بالجوهر وعلى هذا يمكن القول بأن جميع التعريفات تنقسم عموماً إلى اتجاهين منهجيين وهما اتجاه حصري يضيق مفهوم الإرهاب إلى حدوده الدنيا بصورة تخرج فيها عن هذا المفهوم أعمال من الصعب بل من المستحيل استبعادها من مدلول الإرهاب ومعناه واتجاه شمولي تندرج تحت تعريفاته أعمال ومظاهر عنيفة لا تندرج ضمن مفهوم الإرهاب بالعنى النوعي لهذه الظاهرة، ومن العناصر في شأن تعريف الإرهاب عنصر المشروعية ويعنى به المشروعية الموضوعية أي أن يكون الهدف من الأفعال مشروعاً باعتباره دفاعاً عن حق أو انتصاراً لرأي في نظر القائمين به أو مؤيديهم وإن كان الفعل يطابق النموذج الإجرامي المنصوص عليه في القوانين السارية وهذا العنصر يتعلق بالدرجة الأولى بالإرهاب المحلي.