بتجميع كثير من التصريحات والتأكيدات والتنبؤات ما بين الخرطوموجوبا وأديس أبابا وبلاد النوير، تبدو القصة أقرب للخيال، وليست عنواناً سياسياً مناسباً للعلاقة بين السودان ودولة الجنوب، حتماً انقضت الكلمات الأولى دون تفصيل كثير، وترتيب لفهمها، لكن ما أكده وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين أن الجولة المقبلة في 13 يناير ستحسم مسألة فك الارتباط بين الفرقتين التاسعة والعاشرة بالجيش الشعبي مع جوبا، وارتباط قوله بتنبؤات الزعيم الروحي للنوير داك كويث دينق أن أيام 5 من كل شهر مقبل حتى تاريخ «5 - 5» المقبل ستزيل كثيراً من العقبات بطريق دولته الجديدة، بما فيها «أن المطر لن يهطل على راس كير» أو بما يقصده أن اسم «سلفا كير» يتكون من جزءين حيث سلفا هي الكنيسة أما كير فهو اسم رئيس دولة الجنوب. ويتوقع الكجور كويث أن تحسم أمور كثيرة للغاية لا يوضحها في حديث جمعة ب«الإنتباهة» قبيل أيام، لكنه يقول: «في النهاية النظام لزوال والقضايا بتمشي تمام». كل هذا وذاك يتخلله عنوان آخر، بتطرق جوبا كثيراً عبر كبير مفاوضيها باقان أموم إلى الحديث عن ضرورة الذهاب للتحكيم الدولي أو بما يعني«فضوها سيرة» ونمشي قدام أحسن. بحسب تصريحاته السابقة لوكالة «رويترز» أن التفاوض والتباحث مع الخرطوم بلا فائدة. الخرطوم تطرح بقوة مسألة فك الارتباط بين قطاع الشمال وجوبا أحد أهم الأجندة والاشتراطات التي تضعها على طاولة التفاوض أو التباحث الخاصة بالآلية الإفريقية رفيعة المستوى، وربما تكاد الخرطوم وفق تقديرات بعض المتابعين لا تحمل كثير هم بشأن بقية ما يجمعها بجوبا بغير أمر القطاع المثير للأعمال القتالية بجنوب كردفان والنيل الأزرق، وفي كل الجولات السابقة طلبت الخرطوم من جوبا فك الارتباط، وبسطت على الطاولة أهمية تنفيذ العملية عبر آلية الرقابة على الحدود وتلقي الشكاوى والتحقق والمراقبة أحد أهم بنود الاتفاق الأمني الموقع بين البلدين، في خواتيم سبتمبر الماضي، وبتنفيذ البند هذا سيهدأ بال الخرطوم. ورغم الاتفاق على البند السابق غير المفعل بين الجانبين مما يعني عملياً فك الارتباط باعتبار أن الآلية هي من تراقب الحدود وتحدد أية حركة عليها، وتقوم بتقديم تقارير لمجلس السلم والأمن الإفريقي، وتلقائياً تعني قطع الدعم وطرد الحركات من أراضيها وعدم توفير الحماية لها وقطع الدعم عنها، ستضعها في موقف أضعف، يؤدي بها إلى الهلاك أو الاتفاق بحيث تطبق نظرية«الاتفاق أو الهلاك». إلا أن جوبا توصد باب وضع المسألة الارتباطية بينها وقطاع الشمال على أجندة العمل الفعلي مع الخرطوم، كما تتهمها الأخيرة، وبالفعل تحقق الآلية السابقة مسألة فك الارتباط النهائي رسمياً مع جوبا، وتذهب بالقوة المسلحة المعارضة أو المتمردة حسبما تفصلها الأنظمة الحاكمة إلى وادي الحسم النهائي. ويصف محللون عملية فك الارتباط ب«جوهر العلاقة» بين الخرطوموجوبا أو النظامين الحاكمين، ويعتقدون أن جوبا لن «تفرط بالساهل في كرت ضغطها الوحيد»، ويلفتون الإنتباه إلى أن الحركة الشعبية تشهد تنازعاً كبيراً داخلياً بين مجموعات مختلفة، بعضها يدعم قطاع الشمال لاعتناقه فكرة ومشروع الحركة، وأخرى تمارس السياسة عبر الدعم، وأخرى تعتنق أهمية تغيير النظام الحاكم في الخرطوم. ويؤكدون وجود«ثلاثة تيارات تتصارع حول قطاع الشمال»، وهذا ما يعرقل عملية التفاوض الأمني بين البلدين. ويرون أن الخرطوم ربما تتكئ على حائط أو سند كما يسميه، يجعلها موقنة أن الجولة الجديدة في 13 يناير ستضع حداً لقطاع الشمال ومسألة فك الارتباط بينه وجوبا، ويجزمون أن الخرطوم ترسم إستراتيجية جديدة ومختلفة لتحقيق هدفها في المسألة، ويقرنون قولهم بتصريحات باقان الأخيرة التي قال فيها«إن الخرطوم تتبع إستراتيجية جديدة في المباحثات»، في المقابل توقع مراقبون أن تتم إبان الجولة المقبلة، تفعيل عمل الآلية الخاصة بالحدود وتنشيط عمل اللجنة المشتركة للرقابة وتلقي الشكاوى، والتحقق بصورة فاعلة مما يعجل بفك الارتباط فعلياً.