الأخ الدكتور عبدالحميد قرناص إعتاد أن يتحفني من وقت لآخر بمجادعة غيبونية غاية في الطرافة ولكني لا أتركه يتفسح على كيفه فأنا أيضاً لي كيفي الذي أنبري به لصديقي الدكتور قرناص. قال د. قرناص لا جف قلمه: يا اخواني البنات الجري ده «حقى». هنالك في افريقيا اسد يستيقظ كل صباح يعرف أن عليه ان يجري ويجري ليفترس أول غزالة يلتقيها والا فانه سيقضى عليه من الجوع. وهنالك في افريقيا ايضاً غزال يستيقظ كل صباح ويعرف ان عليه ان يجري ويجري والا فإنه سيصبح فريسة سهلة لأسد جائع. والمهم هنا ليس أن تكون أسداً ولا غزالاً ولكن المهم جداً ان تعرف كيف تجري وتجري وتجري. هذا هو قدرنا الإفريقي لأنه في ظل الشموليات والدكتاتوريات هناك ايضاً عسكري احتياطي مركزي يعرف أن عليه ان يجري ويجري خلفك في أي مظاهرة ليقبض عليك بيديه فان لم يستطع فبعكازه فان لم يستطع ألقى عليك قنبلة مسيلة للدموع وهذا أضعف الايمان!!! وتسألني ما هي علاقة الطلح بالاحتياطي المركزي؟!! والإجابة واضحة جداً فلقد أثبتب التجارب والبحوث الديموقرافية السريرية «اكلينيكية» أن معظم الذين يقعون فريسة سهلة في قبضة عسكري الاحتياطي هم الطلاب الذين تعودوا على تنفس «الاكسجين المذاب في الطلح» فهؤلاء نفسهم قصير ولا يتقنون مهارة الجري ولعلك «يا رعاك الله» قد تلاحظ أن معظم العدائين الفائزين في مسابقة الأولمبياد هم الافارقة الذين يعيشون في مناطق بعيدة عن «منخفض الطلح السوداني». أو حزام السافنا الطلحي الذي يمتد في مساحات شاسعة. وهي سانحة نهتبلها لنضرب مثلاً ب«نعومي كامبل» «الكولا المتموجة» - لا شافت طلح لا اتغرغرت بملح- ولكنها نعمة الجري وأية نعمة ساعدت في تكوين هذه الرشاقة فلقد كانت راعية غنم صومالية تجري وراء السخلان والأغنام والخراف في صحراء الصومال العريض!! والتقطها الفرنجة صدفة فمزجوها ورجوها مع الصابون والكريم وتكنولوجيا المكياج فصارت وبانت وكمبلت!! ثم ان هناك اعراضًا اخرى جانبية للطلح اكثر خطورة من مشكلة «عدم الجري» .. فلقد اكتشف العلماء في معهد ابحاث «فاجارا» في غامبيا ان النساء الحوامل هن أكثر عرضة للاصابة بالملاريا من النساء العاديات.. ذلك لأن درجة حرارة الحامل تكون أعلى قليلاً نسبياً «لأن الاستقلاب عند الانثى الحامل أسرع من غيرها ولذا تكون درجة حرارتها اعلى نسبياً» مما يساعد على جذب بعوض الانوفلس المسبب للملاريا وعليه فان التسخين الطلحي يكون اكثر تأثيراً في رفع درجة حرارة الجسم مما يجعلها اكثر اغراءً لبعوض الانوفلس ومن ثم التعرض للملاريا وعليه من المفروض على وزارة الصحة أن تمنع بيع اية حزمة طلح إلا بعد أن تكون مختومة بالعبارة التالية:- «الطلح مضر بالصحة لأنه قد يجعلك اكثر عرضة للملاريا». ولما كان الجري وعلاقته بالطلح هو محور حديثنا في هذا المقال فهذه رواية أخرى تؤكد أهمية مهارة الجري وفوائده:- فلقد كان حاج «أبكر» سعيداً بغزالته التي اصطادها وجاء ليبيعها في سوق الابيض قد وصل هناك مع أوان صلاة العصر فربط الغزال أمامه ودخل في تكبيرة الاحرام كانت هذه اللحظة المناسبة للحرامي «ابو سريع» ليختطف الغزال ويهرب بأقصى سرعته.. الا ان الحاج أبكر أكمل صلاته بكل خشوع ثم جلس أيضاً وأكمل تسبيحه ودعاءه ثم انطلق في اتجاه «ابو سريع» لا يلوي مخلفاً وراءه غباراً كثيفاً كدخان الطلح. استمرت المطاردة لأكثر من ثلاث ساعات بين الحواري والأزقة والميادين وحول دار الرياضة عشر مرات والاستبالية «خمسطاشر مرة».. كل هذا وحاج ابكر يطارد في همة وحماس لا يجارى فما كان من «ابوسريع» الا أن استسلم وسقط أرضاً وهويلهث:- يا حاج أبكر ما معقول ياخي عشان غزالة تعمل مطاردة ثلاث ساعات ما تقيف؟ فرد عليه حاج أبكر:- أول انت قايل انحنا غزال ده مسكناه بي نشاب؟ «...وما زال الليل طلحاً يحبو» د.عبد الحميد قرناص عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. وأقول للأخ الدكتور عبدالحميد قرناص وهو من أهل الشمال القصي: ألم تسمع قصيدة الشاعر محمد ودالرضي رحمه الله: الطابق البوخة .. قام نداه يهتف نام من الدوخة.. إيدوعاقباهو جدلة مملوخة وفي معالق الجوف موسو مجلوخة وطبعاً يا سعادة الدكتور فإن الذي طبق البوخة لابد أن ينام من الدوخة لأنه يكون قد استنشق كمية كبيرة من ثاني أكسيد الكربون ولو حاول «يتلت» لمات من الاختناق. ٍSmoke Inhalation ذلك الذي قتل عدداً كبيراً من رجال المطافئ في حادث مركز التجارة في نيويورك. ولكن بما شمل الأمة السودانية من «تقدم» بضم التاء والدال مع تسكين القاف، فقد جاءنا الحمّام المغربي والساونا الإيطالية والجاكوزي الصيني أما الطلح فقد انزوى في أبوروف يتفرج على العربيات الطالعة ونازلة.