لم تصبح صحيفة «الإنتباهة» ذات رواج واسع وانتشار يحسدها عليهما الرصفاء ومن يعملون في مجال الصحافة، إلا لأنها ذات خط واضح، وكلمة لا تحتمل التفسير المبهم، أو الدغمسة كما يقول بذلك المهندس الطيب مصطفى. و لقد أعجبتني القناة الفضائية «مصر 25» لأنها قناة تصوب برامجها الإخبارية والتحليلية نحو المبادئ التي يدعو لها حزب الحرية والعدالة، دون لف أو دوران، أو ممالاة لجهة على حساب الطرح الذي راهن عليه الإخوان المسلمون، وبموجبه خاضوا الانتخابات المصرية، فحققوا ذلك الاكتساح، مما جلب لهم النصر، ففازوا برئاسة جمهورية مصر العربية، في سابقة لم يشهد بها التاريخ الحديث لحركة إسلامية استطاعت الصعود إلى الصدارة من خلال تجربة ديمقراطية تنافس في حلبتها مختلف المتنافسين، بمثل ما أنعم الله به على الإخوان المسلمين من ارتقاء وصعود. والأنظمة العلمانية التي تدعو إلى اللا دينية السياسية، لا تخفي رسالتها، أو تتدثر بعباءاتٍ لتتمسح برجال الدين، من أجل أن تحظى بعاطفة منهم، لكنها تعلن عن نفسها وعلى الملأ أنها ضد تحكيم الشريعة الإسلامية، وتنادي بإبعاد الدين عن الحياة، وتعمل عياناً بياناً لتطبيق المبدأ الذي تؤمن به، بأن ما لقيصر لقيصر وما لله لله. وعجبت جداً لما صرح به ما يسمى رئيس قوى الإجماع الوطني، الذي ادعى أنهم ليسو علمانيين، بحجة أن حلفاءهم يدعون إلى الإسلام، وهو أمرٌ يثير الاستغراب، ويقذف بكم كبير من علامات التعجب والاستفهام بحكم أننا لا نعرف منطقة وسطى بين العلمانية والإسلام، بمثل عدم وجود منطقة محايدة بين الجنة والنّار، وكان الأفضل لفاروق أبو عيسى أن يعترف ويتبنى العلمانية، إذ لا يفيد أن يكون بين بين، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. و نعوذ بالله من هذه الصفة، دعك من طرحها ليؤخذ بها كخيار من الخيارات. فالعلماني الواضح بطرحه، خير لهذه الأمة من الذي يداهن لأن الحق أبلج والباطل لجلج. أما الواقفون في منتصف الطريق، فأولئك هم الذين طمس الله عليهم الأفئدة و أعماهم بصراً وبصيرة، فأصبحت رسالتهم مرفوضة، ووجوههم تعلوها غبرة، فكشفت نواياهم، وفضح ما يسرون به وما يعلنون. و كم كنت أتمنى أن تنشأ لدينا وسائط إعلامية من صحافة وإذاعة وقنوات فضائية، ومواقع على الشبكة العنكبوتية، ليكون طرحها على الملأ واضحاً بلا غبش، وصريحاً بلا لبس، تصويباً على البرامج التي يتبناها المؤتمر الوطني، وذلك من أجل ألا يختلط الجد باللعب والجهاد بالرقص والطرب. كما أننا نطمح نحو أجهزة إعلامية خالصة ليدار في أروقتها الرأي السديد، وتجري المحاسبة على التقصير، وتطرح الرسالة الطاهرة، وتقاس الإنجازات بالقسط والقسطاس المستقيم، كي يتعرف هذا الشعب على من هو القوي الأمين ومن هو الضعيف الخائر، خاسئ الطرف حسير. والإعلام الواضح الصريح هو الذي يضمن طهارة المجتمع، واستقامة الدولة، وعندها يستطيع الكل التمييز بين الأبيض والأسود وبين الغث والسمين. وعندما نحترم أنفسنا بوضوح رسالتنا، وصراحة إعلامنا، سيفرض الاحترام نفسه، وعندئذ لسنا في حاجة لسلطة لنفرض على الناس بها هذا الإحترام.