إن المعارضة الوطنية، هى تلك التى تعارض وفقاً لبرنامج وطنى يستهدف حسب وجهة نظر المعارضين، الإصلاح لما يرونه معوجاً وطريق الخير للبلاد والعباد إذا ما رأوا أن بالسياسات انحرافاً، وبالمناهج عشوائية وأن الإنجاز تحيط به العقبات، والأداء تحول دون جودته العقبات والإجراءات. ولكن الكثير من الزاعمين بأنهم يعارضون من أجل الوطن، تتكشف نواياهم عندما تتجه انتقاداتهم، وتتوجه سهامهم نحو بث الرعب فى أجواء الحياة وتحريض النَّاس للخروج عن النظام الأمني، وإشاعة حالة للفوضى، وعدم الاستقرار. ومن الذين يلبسون لبوس المعارضة، ومن يسعون بالفتنة بين النَّاس، يشعلون ناراً لإحراق ممتلكات الشعب، ويبثون الخوف بانتهاج أسلوب تدمير المؤسسات وتخذيل القائمين بأمر الأمن وبسط الطمأنينة، ومواجهتهم بالفوضى العارمة، وإيغار الصدور للأحداث والطلاب لرميهم بالحجارة حتى لا يضطلعوا بمهمتهم، ثم من بعد يرفع دعاة المعارضة عقيرتهم باتهام من يحفظ الأمن، علماً بأنهم هم الذين ينبغي أن يوضعوا فى قفص الاتهام. والنوايا التدميرية لا تجد لها مكاناً فى قلوب الشرفاء، كما أن الحقد على المجتمع لا يتولد إلا فى النفوس المريضة التى تلاحقها عقدة النقص، وضعف التربية بسبب نموها فى منابت السوء. والفرق شاسع بين الوطنيين، الذين يسعون لإشاعة الخير، والتنافس فى ميادينه، وبين أولئك الذين يأكل شغاف قلوبهم الحسد، ويكرهون النعمة ويعملون ضدها عندما لا تكون من نصيبهم، والأسوأ من ذلك أنهم قد يعملون عكساً لمصلحتهم، فترتد إليهم سهامهم، وتخترق إلى نحورهم، فيصبح أغلبهم خاسئ الطرف حسيراً. وعندما أتأمل أشكال المعارضة التى يدّعيها بعض الرافعين لشعاراتها، لا أجد صعوبة فى التمييز بين الغث والسمين والطيب والخبيث. ومن أشكال معارضات التدمير والتخريب، أولئك الذين ينهبون القوافل التجارية ويروِّعون أهل القرى، ويستولون على حصادهم وأموالهم، باسم المعارضة المفترى عليها. وشكل من أشكال معارضات الخيانة، وهو شكل ينضح بشاعة وخيانة، عندما ينبري رجل ليشيد بمن رفع السلاح فى وجه الآمنين، وجند الأطفال وقتل فى عيونهم البراءة وأحال مستقبل أيامهم وأعمارهم إلى رماد. ولقد حدثني أحد الشرفاء الذين التحقوا بالمعارضة فيما بعد 1989، وهو كان يعتقد بأنها معارضة نظيفة، لكنه فوجئ أمام جمع بأن شخصاً ينتفش هذه الأيام، يطالب الأمريكان والبريطانيين بمنحه قنابل وصواريخ لتدمير القيادة العامة، وحرق كل المناطق المأهولة بالسكان بما فيها العاصمة الخرطوم وكذلك أم درمان. ومما أدهشني أن هؤلاء جميعاً، يعيشون اليوم بين ظهرانينا كما كان يعيش المنافقون فى عهد الصحابة عليهم الرضوان. وصدق الحق تبارك وتعالى فى قوله«وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ *وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ» ولا نملك إلا أن نقول نعوذ بالله من شر النفاق ومن خطر المنافقين.