«قوش قال لي النظام بلا رأس تعال قودنا».. كلمات جرت على لسان رئيس حزب الأمة القومي، الصادق المهدي «دون أن يطرف له جفن» عقب إحباط المحاولة الانقلابية الأخيرة، وهي محاولة صريحة للتنصل من أي تهم قد تمسه أو تنال حزبه، وإن كان المهدي قد عاد وتراجع عن وشايته بمدير المخابرات, ولكن بعد كل ذلك جاء نائب رئيس الوطني د. نافع علي نافع أمس الأول في برنامج تلفزيوني واتهم الأمة صراحة بالضلوع في الانقلابية وبعلمه بساعة الصفر!! وهو بالقطع اتهام خطير وإن كان واضحاً أن نافع يملك معلومات بذات الخصوص رغم أن التسريبات التي خرجت من غرف التحقيقات مع أصحاب الانقلابية بالقيادة العامة لم تشر لا من قريب أو بعيد لتورُّط الأمة القومي في العملية. المؤكد أن العلاقة بين «الوطني» و«الأمة» ليست على ما يرام منذ وقت طويل، ولم تشهد تهدئة إلا إبان اتفاق التراضي الوطني الذي تم إبرامه في العام 2008 الذي سرعان ما انهار وتوالت مواقف كثيرة أوصلت الطرفين لطريق مسدود حتى أن نافع في حديثه الأخير وصف حوار حزبه مع قوى المعارضة بحوار الطرشان والذي أمن عليه المهدي في مداخلته في اللقاء التلفزيوني الذي اُسُتضيف فيه نافع بشأن قضية الحوار بينهما بل ومضى المهدي في «خربشة» وجه «الوطني» كدأبه عندما نوه إلى أن النظام يفتقر إلى جودة التشخيص لعدم اتفاقه مع الآخرين ويستعمل البندول والإسبرين. حزمة من العراقيل تحول دون حدوث أدنى تقارب بين «الوطني» و«الأمة» على الأقل في الوقت الراهن بدءًا من حالة عدم الثقة التي توطنت لدى المهدي تجاه الحزب الحاكم الذي عمل على تفتيت الأمة إلى عدة أحزاب بغرض إضعافه حسبما يقول المهدي وأنصاره بجانب اتهام الأخيرين ل«الوطني» بالتراجع عن التراضي الوطني الذي دافع عنه المهدي دفاعاً مستميتاً داخل حزبه حتى اتهم بموالاة «الوطني» سرًا بجانب تسفيه الحزب الحاكم لكل مبادرات حزب الأمة الكثيرة ربما لدرجة الملل مثل التي تدعو إلى تشكيل حكومة انتقالية أو مؤتمر جامع بدليل أن المهدي قال : « إن النظام لا يحلم أحلام يقظة». في الجانب الآخر فإن «الوطني» ينظر بكثير من الريبة لحزب الأمة وزعيمه كون المهدي يدعو للاعتصام والتظاهر السلمي وفي ذات الوقت يضع السلاح في صدغ المؤتمر الوطني، إذ لديه خط مفتوح مع المعارضة المسلحة ممثلة في وجود نائبه نصر الدين المهدي ضمن زُمرة الجبهة الثورية وإن كان قد تبرأ من ذلك لاحقاً بجانب التواصل الدائم بين كريمته مريم وحركتي مني أركو وعبد الواحد نور الدارفوريتين، علاوة على رسم المهدي لصورة قاتمة للأوضاع في السودان عندما يتحدث من خلال منبر خارجي.