لا يقل منصب وزير الخارجية في الحكومة الامريكية كثيرا عن منصب الرئيس و ذلك في سياق نظام الحكم الامريكي، ولهذا نرى دائما ان كثيرا من المرشحين للرئاسة يتحولون الى وزارة الخارجية بعد فشلهم في الفوز بمقعد الرئاسة، ومن هؤلاء جون كيري « صديق دولة اليهود»، والمنافح عن كل ما يعادي الاسلام والسودان وحقوق الشعب الفلسطيني في الحرية واقامة دولتهم على ارضهم التي اغتصبها اليهود، ويوم أمس الاول الجمعة اعلن الرئيس الامريكي باراك اوباما تعيين جون كيري وزيرا للخارجية خلفا لهيلاري كلينتون، محييا فيه «مرشحا كاملا» لقيادة دبلوماسية اول قوة عالمية، وكان اولى تداعيات القرار والخبر هو ما نشرته وسائل الاعلام الغربية عن ترحيب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بترشيح جون كيري وزيرا للخارجية الاميركية، مؤكدا ان «صديقه» هو «مدافع معروف عن امن اسرائيل، وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي في بيان «اهنئ جون كيري على اختياره لمنصب وزير الخارجية الاميركية. ان كيري صاحب الخبرة الكبيرة هو مدافع معروف عن امن اسرائيل، واضاف نتانياهو «جون كيري وانا صديقان منذ سنوات عديدة. لقد ثمنت كثيرا كيف انه بعيد وفاة والدي قبل ستة اشهر زارني خلال الشيفا «اسبوع الحداد على الميت عند اليهود». انا انتظر بفارغ الصبر العمل معه، وكيري الذي لم يحالفه الحظ في انتخابات الرئاسة الاميركية عام 2004 امام جورج بوش هو سناتور ماساتشوسيتس «شمال شرق» منذ عام 1985، وقد بلغ مؤخرا التاسعة والستين من العمر، وبحكم ترؤسه منذ اربع سنوات للجنة الشؤون الخارجية المهمة في مجلس الشيوخ خلفًا لنائب الرئيس الحالي جو بايدن، فان كيري يتمتع بدراية واسعة بالملفات الدبلوماسية وكان مبعوثًا لاوباما في ملفات حساسة خاصة في باكستان، ولاقى السودان عداء كثيرًا من كيري خاصة ابان ازمة دارفور 2004 ، فقد كان يبذل جهودا كبيرة لمناصرة متمردي دارفور وتأليب الحركة الشعبية في الجنوب وقتها ضد الشمال ودعمها في الكونغرس وكان اكبر الداعمين لقرارات الرئيس لفرض حصار على السودان وظل يحرص حرصًا شديدًا على تجديد هذا القرار.والآن بعد اختياره وزيرًا للخارجية لابد أن تكون هناك رؤية واضحة تجاه سياسة واشنطن وعلاقاتها مع السودان وتشابك ذلك وتقاطعه مع دعمه المتوقع لمن بقي من متمردي دارفور خارج إطار السلام، كما يجب الحذر من علاقاته القوية مع بعض قيادات الجنوب خاصة بعد أن أصبحت دولة يمكن أن تلقى دعمًا رسميًا لمعاداة الخرطوم أكثر إذا لم تتخذ الحكومة السودانية بعض التدابير التي تجعل علاقاتها متوازنة مع واشنطن، حتى لا تفاجئها الإدارة الأمريكية عقب التغيير المتوقع في سياستها خاصة تجاه السودان، وتقع على الدبلوماسية السودانية أعباء كبيرة في هذا الصدد، أهمها دراسة الاتجاه الذي قد يتخذه كيري في علاقات السودان والولايات المتحدة، والعمل على بناء مسار يكون أهم خطوطه الحوار مع الخارجية الأمريكية لا لتطبيع العلاقات إنما لبناء علاقات متكافئة ومتوازنة تحفظ للسودان حقه في إدارة شؤونه الداخلية وممارسته سيادته كدولة دون الدخول في عداء مع الحكومة الأمريكية.