هذا هو انتهاك الديمقراطية. هذه هي ديكتاتورية الأقلية المسيحية ضد الأغلبية المسلمة. أفادت (إيكونومست إنتلجنس يونت) البريطانية عند تناولها الإحصاء السكاني للجنوبيين، بأن عدد الجنوبيين المسلمين يزيد عن عدد الجنوبيين المسيحيين، لكن آلة الدعاية الأمريكية والبريطانية والغربية عكست الصورة. حيث ظلت تثابر بصورة منهجية طوال عدة عقود في رسم (جنوب السودان المسيحي). وقد نجحت في تثبيت تلك الصورة في الأذهان، نجحت في تثبيتها دولياً وإقليمياً، وحتى سودانياً. صورة (الجنوب المسيحي) و(مسيحية جنوب السودان)، ليست هي حالة الواقع، بل هي (جنوب السوداني المستقبلي) الذي صممته الإستراتيجية الأمريكية، وتعمل على تنفيذه. بالرغم من أن عدد الجنوبيين المسلمين أكثر من الجنوبيين المسيحيين، إلا أن عدد أعضاء برلمان الجنوب في الفترة الانتقالية من الجنوبيين المسلمين، كان يبلغ سبعة أعضاء فقط، من جملة أعضاء البرلمان الذين يبلغون مائة وسبعين عضواً. تلك هي ديكتاتورية الأقلية الجنوبية المسيحيّة ضد الأغلبية الجنوبية المسلمة. ذلك تصميم أمريكي صليبي بحت الدولة الانفصالية في جنوب السودان تعكس ديكتاتورية الأقلية الجنوبية المسيحية ضد الأغلبية الجنوبية المسلمة. بعد انفصال الجنوب آلت مقاليده، بترتيب أمريكي، إلى الحركة الشعبية، التي ترعى الأجندة الأمريكية لإقصاء الأغلبية الجنوبية المسلمة وتهميشها. سيطرة (الحركة الشعبية) على الدولة الانفصالية تعكس هيمنة الأقلية المسيحية في الجنوب على الأغلبية الجنوبية المسلمة. يُشار في هذا الإطار إلى أن واشنطن عملت أكثر من مرّة على نشر تقارير المنظمات الاستخبارية الأمريكية، بأن هناك مذابح ستجري في الجنوب في الخمسة أعوام القادمة. ذلك يعني أن الأغلبية الجنوبية المسلمة تنتظرها مجازر التطهير الديني، ستتمّ المجازر والتطهير الدينّي وفقًا ل(التصميم) الأمريكي لجنوب السّودان. أي (جنوب السودان المسيحي). ذلك (الجنوب السوداني المسيحي) الذي رسمته آلة الدعاية الأمريكية، وتنشط في صنعه على أرض الواقع، عبر آلية (الحركة الشعبية) أو قيادة الدولة الانفصالية من الأقلية المسيحية. الإستراتيجية الأمريكية بتسليم دولة جنوب السودان الانفصالية إلى الأقلية المسيحية (الحركة الشعبية)، خطر يهدِّد الأغلبية الجنوبية المسلمة المستضعَفة، ليس بالإقصاء والتهميش فحسب، بل يهدِّد وجودها، حيث ستُذبح على الهُوية بمجازر قادمة، كمجازر زنجبار في السّتينات ومجازر البوسنة في التسعينات، لكن ما لم تتبصَّره السياسية الأمريكية وقيادة دولة الجنوب الانفصالية، أن قهر الأغلبية الجنوبية المسلمة، سيحيل جنوب السودان إلى ساحة دامية لتنظيمات (القاعدة) الدولية، التي ستهرع لنصرة الجنوبيين المسلمين وهي ترفع شعار (وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا. الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ. إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) سورة النساء الآيتان (75 76).