قيادة الدولة الانفصالية الجديدة في الجنوب، وهي قيادة من الأقلية المسيحية، يجب أن تُسقط من حسابها الأجندة الأمريكية الملغومة ضد المسلمين الجنوبيين. يجب أن تفكر مرّتين قبل الإذعان إلى تلك الإملاءات الأمريكية ضد الأغلبية الجنوبية المسلمة. لأن تداعيات ذلك الإذعان ستُحيل جنوب السودان إلى ساحة حرب خطيرة دامية شاملة، ينشط فيها المقاتلون الإسلاميون الأمميّون، الذين سيفدون إلى جنوب السودان قادمين بخبراتهم القتالية الكبيرة التي اكتسبوها من مشاركاتهم في حروب أفغانستان والصومال والبوسنة والعراق وليبيا وسوريا ومالي. قهر الأغلبية الجنوبية المسلمة بالإقصاء والتهميش والإبادة، يؤدي إلى (صوملة) جنوب السودان. إذا تمت صوملة جنوب السودان ووصلت الأحداث درجة الغليان، ستتخلّى السياسة الأمريكية (البراجماتية) عن (الحركة الشعبية)، كما تخلت عن حلفائها سوموزا في (نيكاراغوا) ومحمد رضا بلهوي في (إيران) و(ماركوس) في الفلبين و(باتيستا) في كوبا و(هيلا سيلاسي) في اثيوبيا وغيرهم. اضطهاد الأغلبية الجنوبية المسلمة، سينجم عنه واقع خارج حساب قيادة الدولة الانفصالية ومَن وراءها. سينجم واقع جديد ليفيض جنوب السودان بالمقاتلين الإسلاميين الأمميّين من (بوكو حرام) في نيجيريا إلى (القاعدة) في أفغانستان إلى (الشباب المجاهد) في الصومال وغيرهم، لتصفية حساباتهم مع السياسة الأمريكية. سيمتلئ جنوب السودان بالمقاتلين الأمميّين يرفعون رايات الفتوى التي أصدرها ستون عالماً من كبار العلماء المسلمين، في طليعتهم الدكتور يوسف القرضاوي والشيخ عبد المجيد الزنداني. تلك الفتوى التي أعلنت أن انفصال جنوب السودان حرام. لكن يمكن تفادي ذلك السيناريو الدامي في جنوب السودان، إذا ما احترمت قيادة الدولة الانفصالية الحقوق الدينية والسياسية والإنسانية للأغلبية الجنوبية المسلمة. علاقة (الحركة الشعبية) بالإدارة الأمريكية هي حتى الآن علاقة (التلميذ) ب(الأستاذ). لكن أخطاء (الأستاذ) سيدفع فاتورتها (التلميذ) وكل أبناء الجنوب. لذلك من الحكمة أن تعمل قيادة الدولة الانفصالية على فصم تلك العلاقة في جزئيتها المتعلقة باضطهاد الأغلبية الجنوبية المسلمة. وذلك قبل أن تتورّط في تنفيذ المخطط الأمريكي في جنوب السودان. يجب أن تفهم قيادة الدولة الآن تداعيات وأبعاد اضطهاد الأغلبية الجنوبية المسلمة، وذلك قبل فوات الأوان. إذا كانت الشركات متعددة (الجنسيات) تطمع في إخلاء جنوب السودان من الوجود الإسلامي، إذا كانت ستضطهد الأغلبية الجنوبية المسلمة، لتُحيلها إلى كمّ كبير مهمل يعاني الإقصاء والتهميش والإبادة، فإن ردّ الفعل سيكون (جهاد متعددّ الجنسيات) ومقاتلين قادمين من كل أنحاء العالم الإسلامي. حروب البوسنة وأفغانستان والعراق والصومال وسوريا ومالي، تفيد بأن الجهاد كذلك (شركة متعددة الجنسيات).