في هذا التوقيت من كل عام ينتظر إنسان جنوب كردفان وبشغف جارف شهري نوفمبر وديسمبر لحضور ومعايشة احتفالات أعياد الحصاد «الأسبار» التي تمثل موسماً للأفراح والتعايش والتواصل و«السبر» هو قيمة اجتماعية وثقافية واقتصادية يكون نهاية كل موسم زراعي حيث تتجمع كل مكونات المجتمع والقبائل لتمارس الألعاب والطقوس فرحاً بانتهاء موسم زراعي طويل من زراعة ونظافة وحصاد ويمثل «السبر» عيد الحصاد ظاهرة اجتماعية مثل الأعياد الكبرى لتوافد الأهل والمعارف من جميع مدن السودان بغرض التمتع بهذه الأوقات والزيارات وحضور الأعراس التي غالباً ما يختار شريك الحياة بها.. جبال النوبة هي منبع «الأسبار» وهي جزء من ثقافة الإنسان وعاداته وتقاليده وذات إرث مرتبط بوجدانه حيث تناقلته الأجيال من الأجداد، بعد أن حذفت منه بعض الممارسات والعادات التي تنافي الدين الحنيف والشرع الإسلامي. كل هذه الاحتفالات و«الأسبار» لم تعد الآن موجودة في محلية الدلنج، فتوقفت بفعل الحرب وامتدادها إلى ساحات الاحتفالات، فلم نشهد قوة المصارعين في ساحة النتل الساحرة ولا تمتع الأعين برقصة الكرنك في ساحة مدرسة المندل و الصبي ولا وقف المشاركين متأملين سحر وطبيعة الفندا والفوس ولا ارتحال سكان الدلنج إلى كركراية لتناول عصير التبلدي والقضيم والعرديب، حيث فقد إنسان المنطقة موسماً ترفيهياً ثقافياً حافلاً بالألعاب والثقافات والفلكلور في مسرح طبيعي قوامه الجبال والخيران والغابات والساحات، حتى قبيلة الدلنج التي تقطن داخل مدينة الدلنج لم تحتفل هذا العام بعيد حصادها كما أفادنا المك سليمان جبر الدار المك الإداري للقبيلة والمدينة، وأضاف قائلاً ل«الإنتباهة» إن «الأسبار» أو «أعياد الحصاد» بالمسمى الحديث هي نقطة انصهار وتعايش اجتماعي وإثني فريد بين مكونات المجتمع، وأوضح أن الأسبار هي عدة أنواع كل منطقة حسب مسماها حيث توجد أسبار«ورق اللوبا، الجداد والنار وغيرها»..ختاماً نقول: من أوقف هذه الأعياد وقتل الفرح داخل المواطن ونشر الحرب والقتال؟ إنها الحركة الشعبية بتمردها التي سلبت المنطقة السلام والتنمية والاستقرار والرفاهية، فهذه دعوة صدق لترك الحرب والانخراط في السلام، فلنتعايش جميعاً في وطن يسع الجميع وليسعد المواطن البسيط بالتعبير عن مابداخله من فرح صادق ونداؤنا إلى الإدارات الأهلية والأمراء والمكوك بضرورة إيقاد شمعة أعياد الحصاد فهي جذوة للتواصل ورتق للنسيج الاجتماعي وموسم للتزاوج ومنبع للأفراح وعكس لثقافة المنطقة والولاية.