أربعة من الصحافيين الألمان العاملين في محطة فضائية وإذاعة وصحيفة ومجلة قطعوا المسافات البعيدة من فرانكفورت حتى مدينة الدلنج «قرية النتل» في جنوب كردفان لتغطية فعاليات تراثية وفلكلورية بقبائل «الأما» أو النمانج في جبال النوبة بينما تثاقلت خطى وأقدام الإعلام المرئي السوداني في تغبيرها، لوجه الحقيقة وخدمة للتراث والفن وذلك بالانتقال لمدينة الدلنج التي شهدت أكبر مهرجان تراثي وثقافي واجتماعي يوم الجمعة والسبت والاستثناء هنا لقناة الشروق وصحف آخر لحظة والانتباهة والسوداني التي آثرت الاسهام في حدث تداعى إليه المهتمون بالتراث النوبي من أوروبا وأمريكا واستراليا. ü في العهود الغابرة كانت احتفالية «السبر» وجمعها أسبار تأخذ أبعاداً عقائدية وثنية في وجود آلهة «الكجرة» أو الكجور الذي يحكم بأساطيره المجتمعات المحلية ويدعي القوة الخارقة لجلب المطر ودرء الخطر وشفاء المرضى ومع تغلغل الإسلام في جبال النوبة وتنامي حركة الإسلام الحديثة أخذ «الكجرة» في التلاشي والإنزواء دون حملات تكفير أو بطش سلطوي بأصحاب المعتقدات المحلية.. الذين كانوا يتجمعون في مثل هذه الأيام ويقيمون احتفالات «السبر» سنوياً ويدعى سبر «اللوبيا» أي بداية حصاد الزراعة حيث ترتدي جبال النوبة ثياب الفرح وتنزع ثياب الزراعة والأعمال الشاقة وتبدأ الاحتفالات بالألعاب التراثية التي تظهر قوة القبيلة وشكيمتها وجمال فتياتها ويمتد الاحتفال لاسابيع من الفرح الخرافي بيد أن الحرب التي ضربت المنطقة صادرت أفراح الناس. وانتهى عهد «الكجرة» سلمياً وأصبح الاحتفال له دلالات ثقافية واجتماعية وأطلق عليه عيد «حصاد اللوبيا» وفي حقبة مولانا أحمد هارون التي اهتمت بأجندة التنمية المحلية والتوافقات السياسية بين الشريكين تم إحياء التراث القديم في مشروع لم يجد من وزير الثقافة الاتحادي حتى تشريف الفعاليات بالحضور لأن وزير الثقافة الاتحادي لا يؤمن بغير ثقافة المديح والطمبو والحقيبة ولا يلقي بالاً لثقافات النوبة والبقارة في الجبال ولا الهدندوة في الشرق ولا يعترف بثقافة الزغاوة أو المساليت وإلا فكيف نفسر غياب وزير الثقافة من مهرجان النتل يوم السبت الماضي وتعطيل الدعم المادي لمهرجان القوز الثقافي في سبتمبر من هذا العام.. وإحياء الثقافات مهمة ليست حكومية ولكنها مهام مجتمعية تنتظر الدعم الحكومي بالحضور والمشاركة على غرار مولانا أحمد هارون الذي ظل يتجول في مدينة الدلنج لمدة ثلاثة أيام لإنجاح «سبر النتل» وعندما تمنح الدولة المهرجانات الثقافية اعترافات ينظر الناس لهذه الدولة بعين الرضى التي تكف عن بلادنا الحروب والفتن. ü احتفالية «سبر النتل» التي انتهت أمس بمحلية الدلنج وجدت زخماً إعلامياً من الخارج أكبر من الزخم الإعلامي الداخلي وتقاطرت إليها الوفود من استراليا وأمريكا وكل ذلك شهادة لصالح اتفاقية السلام وشهادة لمصلحة التصالح والتص