يقول علماء التربية والباحثون والمختصون بالشأن التربوي إن الأطفال يتعرضون للاعتداء منذ الأزل، لكن هذا الاعتداء لم يحصل على تسمية معترف بها رسميًا إلا مؤخراً. والاعتداء على الأطفال أشبه بآفة تهاجم عقل الأفراد وشخصياتهم فتؤثر على سلوكهم، وهو أشبه بفيروس عضوي معدٍ يتوالد ويتكاثر وينتقل من شخص إلى آخر فيما يشبه حلقة مفرغة عبر أجيال متطاولة.. ويرى آخرون أن الأطفال الذي يتعرضون للاعتداء يكبرون بمخلفات سقيمة لا بد أن تؤثر سلباً على الوسط الذي سيعيشون فيه وبعدة أشكال.. فالاعتداء الذي يتعرض له الأطفال سرعان ما ينفك عن نطاق الأسرة ليملأ المجتمع بأسقام السلبية والتشاؤم والغضب والعنف والجريمة والمخدِّرات والمرض. ولعل السودان قد شهد في الآونة الأخيرة تطوراً سلبياً في الاعتداء على الأطفال صاحبه تقدُّم ملحوظ وإيجابي في الحد من هذه الظاهرة، ويتضح ذلك من خلال التطور التشريعي وتأهيل شرطة حماية الأسرة والطفل ومدها بعناصر من الكفاءات المقتدرة. * قانون الطفل من خلال وقائع السجلات اليومية فإنه تكاد تقع يومياً ما بين ثلاث إلى أربع جرائم تُرتكب ضد الأطفال تحت المادة 45 من قانون الطفل للعام 2010م ولنتعرف على هذه المادة وغيرها لنا إعادة قراءة نص هذه المادة الواردة في الفصل التاسع وعنوانها «استغلال الأطفال فى البغاء والمواد الإباحية وأعمال السخرة» حظر استخدام الأطفال في البغاء والمواد الإباحية 45 يعد مرتكباً جريمة كل من: «أ » يختطف أو يبيع طفلاً أو ينقل عضوًا أو أعضاء من أي طفل. «ب» يغتصب أي طفل. «ج» يتحرش أو يسيء جنسياً لأي طفل. «د » ينتج أو يوزع أو ينشر أو يستورد أو يصدر أو يعرض أو يبيع أو يحوز أي مواد إباحية متعلقه بالطفل، «ه» يستخدم أي طفل بغرض أنشطة جنسية لقاء مكافأة أو أي شكل من أشكال العوض، «و» يشجع أو يصور بأي وسيلة أي طفل يمارس ممارسة حقيقية أو بالمحاكاة أنشطة جنسية صريحة أو يصور أعضاء جنسية لأي طفل لإشباع الرغبة الجنسية. * بلاغات تحت المادة 45 فُجعت معظم محليات الخرطوم خلال الأسبوع المنصرم ببلاغات تحت هذه المادة وتفاصيل البلاغ رقم 196 بشرق النيل: أبلغ والد أن ابنه «4 سنوات» اغتُصب وتم تحويل المجنى عليه للاختصاصي النفسي والاجتماعي بينما خضع الضحية للعلاج بعد تأكيد وقوع الجريمة عليه، وأهم ما يتلقاه الضحايا في مثل هذه الاعتداءات هو امتصاص الصدمة النفسية التي تحتاج لقدرات عالية من المعالجين النفسيين وتحتاج كذلك لوعي كبير من أولياء الأمور. * بلاغ مؤلم وقعت جريمة مؤلمة بوسط أمدرمان، وفي موقع معني بالتربية والترفيه ورفع قدرات الطفل، وكان هذا الموقع قد نظم احتفالية ترويح للأطفال المرضى، والجاني والفضل لله لم يك ضمن المنظمين للاحتفال، ولم يك ضمن العاملين في هذا الموقع، بل هو غريب حتى على من ينتسب إليهم مهنياً، وبعد تسلله المشين لهذا المجتمع الطفولي البريء راودته نفسه المريضة ليتحرش بطفلة في الثامنة من عمرها ويعبث باغشيتها الرفيعة ويصيبها بالاحمرار الدامي وتنقذ هذه الصغيرة صرخاتها المفجعة بعد رعاية الله وحفظه .. السؤال من هو المريض؟ * فشل محاولة الاختطاف أحالت النيابة البلاغ 302 تحت المادة 45 من قانون الطفل للمحكمة بعد تعديل مادته إلى 143 من القانون الجنائي لسنة 1999م، وتعود تفاصيل البلاغ التي وقعت بأمبدة عندما تحرش متهم بطفلة 12 سنة، وتقدم والدها بعريضة من النيابة وجاء في البلاغ أنه سبق من التحريات أن المتهم تسلل لمنزل أهل القتاة ووضع سكينًا على عنقها وأُصيبت بهلاويس، وقال المتهم إن الأولاد بالحي طلبوا منه أن يلمس المجنى عليها إلا أن التحريات أكدت أن هؤلاء الأولاد هم من أنقذ القتاة. * ردع قانوني بالرجوع لقانون الطفل للعام 2010م نجده وقد عالج إشكالية تفاقم الظاهرة بما حواه من عقوبات رادعة وجاء في المادة 86 يعاقب كل من يخالف أحكام «ه» المادة 45 «أ » بالإعدام أو السجن مدة لا تجاوز عشرين سنة مع الغرامة، «و » المادة 45 «ب» بالإعدام أو السجن مدة عشرين سنة مع الغرامة، «ز » المادتين 45«ج» و«د» و«ه» و«و» و46«1» بالسجن مدة لا تجاوز خمس عشرة سنة والغرامة، «ح» المادة 46 «2» بالسجن مدة لا تجاوز عشرين سنة والغرامة، «ط» المادتين «45» و«46» بالإضافة إلى السجن والغرامة حجز ومصادرة الممتلكات مثل المواد التي تستخدم في ارتكاب الجريمة أو تسهيل ارتكابها وإغلاق المباني المستخدمة في ارتكاب هذه الجرائم ويجوز للمحكمة تخصيص جزء من الغرامة للمتضررين على سبيل التعويض. * من المحرر مما تقدم تقع المسؤولية الأولى على الأسرة في المحافظة على الأطفال، ويقول الباحثون في هذا الشأن: إن التحرش الجنسي بالأطفال، شأن كل سلوك إدماني آخر، له طابع تصاعدي مطّرد. فهو قد يبدأ بمداعبة الطفل أو ملامسته ولكنه سرعان ما يتحول إلى ممارسات جنسية أعمق..