فجأة ودون سابق إنذار اختطف ضباط صف وجنود يتبعون للشرطة مديرهم الأسبق الفريق أول شرطة محجوب حسن سعد عندما وصل إلى مكان تم تجهيزه بعناية فائقة ليكون مسرحاً للاحتفال بالعيد المئوي للشرطة في العام 2008، وتم حمله على الأكتاف وهتفوا له مثله مثل نجوم الهلال المتألقين، وكان مشهداً لافتاً ربما يكون قد أحرج بعض المديرين السابقين الذين حضروا إلى الاحتفال ولم يشعر بهم أحد، وربما يكون الموقف حالة انفعالية من بعض العساكر الذين عملوا عن قرب بجوار الرجل، لكن تكرر المشهد عندما تم الترحيب به ضمن الحاضرين، فتكرر الهتاف بصورة أقرب للهستيريا، مما أكد المحبة التي يتمتع بها محجوب حسن سعد ابن قرية قندتو بمحلية شندي ولاية نهر النيل، التي درس بها المرحلة الأولية ثم انتقل الى أم درمان وعاد وأنهى دراسة الثانوي بمدينة شندي، ومنها التحق بكلية الشرطة التي تخرج فيها العام 1976، ويعد محجوب من أكفأ الضباط الذين أداروا الشرطة، وربما سر ذلك أن محجوب تربى في كنف الشرطة حيث كان والده يعمل بالشرطة وكثيرون يقولون: «إن العسكرية واقعة لمحجوب» بمعنى أنه يعلم بكل شاردة وواردة في مجال عمله، ولمع نجمه في عدد من الأحداث أبرزها صراعه ومقاومته لوالي الخرطوم آنذاك عبد الحليم المتعافي، بل سبق وأن قال لصحافيين بمطار نيالا عندما سألوه عن قانون الشرطة يكون ولائياً أم قومياً، وكان محجوب من أنصار قوميته، عندما قال لهم: «بالقانون دا يا ذهب الوالي يا ذهبنا نحن»، وبالفعل ذهب هو لكنه أثبت موقفاً. وقد عرف عنه وفاؤه غير المحدود لعمله. ويقال كان يطوف على نقاط الارتكاز ليلاً ويتناول مع العساكر وجبة العشاء. وسبق أن قال: «الشرطة إنتماء لا خيار لنا فيه غير الوفاء له». وعمل محجوب بشرطة ولاية الخرطوم «المباحث المركزية الميدان المطار مكافحة المخدرات»، ومديراً للإدارات الشرطية التالية: الموانئ البحرية محافظة أمدرمان الكبرى إدارة مكافحة المخدرات ولايتا البحر الأحمر والخرطوم الإدارة العامة للجنايات مساعد المدير العام للتدريب. وفي عهده حدث كثير من التطور للشرطة لم تشهدها الشرطة منذ تأسيسها. ففي عهده تم تطوير طيران الشرطة كما شهد عهدة اتفاقية نيفاشا كونها قسمت الشرطة إلى ثلاثة مستويات اتحادي وولائي وشرطة الجنوب. وقد استطاع اجتياز تلك المرحلة بحنكته ما جعل منظومة الأمن الشرطية متجانسة.. وأذكر أنه عقب مقتل رئيس الحركة الشعبية الجنوبية جون قرنق الذي كان نائباً أول للرئيس، وفي تنوير شهدناه آنذاك قال محجوب وبكل صراحة: «يفترض لا نستبعد مسألة اغتيال القيادات، ويجب التحسب لها». وقد اشتهر محجوب بصراحة متناهية جعلته مادة دسمة للصحافة حتى بعد تقاعده. ففي حوار أجري معه وبكل صراحة قال: «وظيفة مدير عام شرطة يجب أن يحدد لها عمر لا يتجاوز الثلاث سنوات كحد أقصى تنقص ولا تزيد حسب الظروف وأن يكون ذلك لائحياً ومعلوماً قانوناً، وهذا يحدث استقراراً في المهنة ومنسوبيها، ويحدث استقراراً في قيادة الشرطة». بعد تقاعده برز اسم محجوب في المسرح السياسي عندما تم ترشيحه ضمن مرشحي الوطني الخمس لمنصب والي نهر النيل بجانب الفريق الهادي محمد العوض والهادي محمد علي وآخرين، وتم اختيار الفريق الهادي وبعدها لم يظهر محجوب في عمل سياسي كبير عدا حضوره مؤتمر الحركة الإسلامية الأخير بعد أن قرر حمل الطورية بدلاً عن السلاح ليفلح بها الأرض، وبات مزارعاً برتبة «فلاح أول».