لا يخلو محل دكان أو بقالة مهما كان صغيرًا او كبيرًا من دفتر للديون لأن معظم الأسر تعتمد في بقية ايام الشهر على الجر من الدكان بعد ان تقل او تنعدم السيولة المالية في ايديهم، وكذلك اصحاب المحال التجارية يرون في الجر بالدين مخرجًا لبضائعهم بدلاً من ان تتلف في الدكان وتخسر فهم يعلمون ان معظم الناس لا يملكون الكاش للشراء ليكون الحل الذي يرضي الطرفين ويخرجهما الى بر الأمان.. ولكن هل يرى اصحاب الدفاتر ان الامر فيه جرح لكبريائهم او كرامتهم وخاصة اذا الح عليهم صاحب الدكان في سداد ديونهم وخاصة في حال الغي حساب المشترك وجاءه ليتوسل اليه باعطائه الأساسيات وحظر الكماليات!! البيت الكبير» توقف مع اصحاب الشأن ليرى وجهات النظر.. قال احمد انا شخصيًا لا اسمح بأي تجاوز في حقي او كرامة اولادي لانه في النهاية سوف ادفع ما عليّ من دين كاملاً دون نقصان، فاذا سمحت له باهدار كرامتي لا ينقص ذلك من الدين فلماذا أسمح له بان يهين كرامتي وسط أهل الحي ويهدرها وفي النهاية يأخذ حقه ويسكت دون ان يرجعها اليّ امامهم! اما سعد فكان موقفه لايقل عن احمد حيث قال ان مسألة الكرامة تعتمد على الموقف الذي مررت به، فاذا نكثت بوعدك لصاحب الدكان ولم تسدد ما عليك تستحق التجريح، فهو في النهاية لديه حسابات، اما اذا كان يتعمد ذلك لإحراجك لا اسكت، ولو اوقف التعامل معنا فهناك من اصحاب الدكاكين من يرغب في التعامل بالجر دون تجريح او اهانة. اما ابو القاسم فيرى ان الدين والجر من اصحاب الدكاكين من الأشياء الصعبة عليه نفسيًا يقول: فأنا اتألم كلما طالبني او ذكرني بديونه وفي بعض الأحيان يقوم صاحب الدكان بتصرف جارح للكرامة مثل ان يرفض اعطائي قرضًا بحجة ان الدين كتر او هذا ليس في قائمة السلع المجرورة فشراؤها بالكاش فأشعر حينها بأن كرامتي قد فقدتها ولكن اسكت عن ذلك حتى اسدد له ما عليه. يقول التجاني ان التاجر الذي يسيء لزبائنه سواء كان بالمطالبة امام الناس او التجريح هو غير شاطر وسوف يخسر ويفقد زبائنه واحدًا تلو الآخر، وفي النهاية سوف يقفل دكانه ويذهب لانو نحن السودانيين ما بنرضى الذل والإهانة الواحد يموت من الجوع ولا ينذل لأحد، انا القدامك ده رجعت من السعودية لمن حسيت انو الكفيل اهانّي. وايضًا اضاف ان الظروف هي التي تضعنا في تلك المواقف مع اصحاب الدكاكين، الواحد فينا بكون عايز يدفع العليه لكن البيحصل ما معروف يمكن يمرض ليك ولد او اي فرد اوتحصل ليك ظروف مثل السرقة او ينشلو منك راتبك، ففي هذه الحالة الواحد بيستحمل اي كلام يقوله صاحب الدكان فهو برضو عندو حسابات ويمكن يكون عليه ديون نعم الواحد كرامتو في اللحظة دي بتنزل شوية ويستحمل لانو هو الغلطان! وترى عائشة وهي ربة منزل ان التعامل بالجر لا يجرح كرامة الشخص فهو تعامل بين التاجر والزبون فكما ان الزبون يستفيد في تأجيل السداد كذلك التاجر يستفيد من تصريف بضاعته ولا يتعرض لخسارتها واي شخص يرى غير ذلك تكون المشكلة عنده هو لا في التاجر. ويشاركها الرأي احد اصحاب الدكاكين حيث قال انه ايضًا يكون مديونًا لتجار آخرين يطالبونه بأموالهم فانا لا ارى ان كرامتي اهدرت واذا طالبت احدهم لا أهدر كرامته ولكن بعضًا منهم ياخذ الامر على انه اهانة له او اني قصدت احراجه وهم دائمًا يكونون من الذين يرون انفسهم اعلى من المطالبة من تاجر دكان وتلقى رد بعضهم جاهزًا فيقول لك انك عربي مقطع متين انت عرفت القروش فهل اسكت عن المطالبة بحقي او أحترم هذا الشخص. يرى الأستاذ عوض ان هناك مجموعة من الاضطرابات تسمى اضطرابات التكيف والتي تاخذ اشكالاً من القلق والاكتئاب ناتجة عن سوء التكيف لظروف معينة ومنها ان الشخص يكون مديونًا مما يسبِّب له قلقًا واكتئابًا ويتخيل ان هذا الدين سوف ينقص من مكانته الاجتماعية ويكون في حالة نفسية سيئة بسبب ذلك الدين فيكون في حالة اكتئاب شديدة حتى يسدده ويرى انه قد رد ما سُلب منه بسبب ظروفه المعيشية.