يرى أكثر من خبير اقتصادي أن حكومة السودان بدت عاجزة حتى الآن على الأقل عن التوصل لوصفة علاجية تمكِّنها من المحافظة على قيمة الجنيه مقابل الدولار الأمريكي والعملات الصعبة الأخرى، وعلى الرغم من إعلان الحكومة لإجراءات كثيرة للحيلولة دون التدهور المستمر للجنيه السوداني، إلا أنها لم تفلح في كبح جماح السوق الموازي بوقف صعود الدولار الذي تجاوز السبعة جنيهات كسعر غير رسمي بحسب ما تناقلته وسائل الإعلام المحلية اليومين الماضيين، وبحسب الحكومة فإن السعر الرسمي للدولار لم يتجاوز الخمسة جنيهات كسعر في كل البنوك التجارية بالبلاد، وكانت الإدارة العامة لشرطة الجمارك قد جدَّدت تأكيدها تطبيق القوانين واللوائح المنظمة لحركة النقد الأجنبي بصحبة المسافرين وفقًا للقانون وسياسة التحرير الاقتصادي، ووفق تصريحات مديرها اللواء سيف الدين عمر سليمان في سمنار ضبط النقد الأجنبي فإن تهيئة بيئة الاستثمار وجاذبيته وإزالة العوائق من طريقه وتسهيل سرعة الإجراءات يمكنها أن تساهم في معالجة المشكلة، وفي المقابل أطلقت الحكومة حملات متفرقة لضبط ومحاصرة تجار السوق السوداء أسفرت عن قبض «110» من تجار العملة. فوضى السوق وأرجع الأمين العام لاتحاد الصرافات جعفر عبدة تدهور العملة المحلية إلى فقدان البلاد لكثير من الموارد المقدَّرة خاصة من النقد الأجنبي، وقال إن عدم حصول السودان على النصيب المتفق عليه من عبور نفط الجنوب خطوة غير موفقة وأثر سلبًا على وارد البلاد من النقد الأجنبي، لافتًا إلى أن الطلب على الدولار أصبح في تزايد وأحدث فجوة خاصة أن فاتورة الاستيراد أعلى من قيمة التصدير لجهة أن عملية الصادر في فترات سابقة تناقصت نسبة لبعض الإجراءات التي حدت من، وأبدى عبده تفاؤله بتحريك عجلة البترول بدخول الحقول الجديدة في قائمة التصدير لعلها تعيد الفقدان الذي حدث في الأعوام السابقة وتشهد تحسن في العام «2013م»، وعول على الحكومة في ضبط السوق الموازي وحسم الفوضى بتحديد التجار المرخص لهم وعدم السماح لكل «من هب ودب» في العمل، مشيرًا إلى ضرورة وضع عقوبات رادعة، ووصف السوق الموازي بالخطر على البلد. لا يوجد مبرر ويرى الخبير الاقتصادي د. إبراهيم قنديل أن الدهب يستطيع تعويض الدولار من فقدان بترول الجنوب، وأوضح أن الصادرات في حالة تحسن خاصة وأن القروض التي أفصح عنها بنك السودان من عدد من الدول الصديقة والتي بلغت قيمتها ملياري كفيلة بتغطية فاقد البترول، ووصف الوضع الذي تشهده البلاد من ارتفاع سعر الدولار «بالحالة النفسية» الناتجة من مضاربات السوق وهلع التجار، وقال إن الصورة ليست قاتمة كما يبدو ولا يوجد سبب خاصة أن الاستيراد في حالة انخفاض. مصدر العملة وتفيد تقارير صادرة من جهاز المغتربين أن تحويلات المغتربين في السودان بلغت خلال عام «2009م» «3 مليارات و100 مليون دولار»، إلا أنها تراجعت في الآونة الأخيرة، في وقت بلغت فيه تحويلات السودانيين إلى بعض دول الجوار أكثر من أربعة مليارات دولار خلال عام واحد، كما بلغت التحويلات التي تصل إلى أمريكا سنويًا حوالى «37» مليار دولار، وإلى مصر حوالى «14» مليار دولار خاصة بعد أن اجتهدت جمهورية مصر في عمل «صكوك للمغتربين»، مما حدا جهاز المغتربين دعا الدولة إلى ربط التحويلات طواعية بالاقتصاد الداخلي للحد من مشكلات تدهور العملة المحلية، وأكد الخبير الاقتصادي الوزير السابق لوزارة المالية عز الدين إبراهيم أن تحويلات المهاجرين في السابق كانت بمبالغ كبيرة، وأشار إلى آخر تقرير للبنك الدولي قدرها بحوالى «3» مليارات دولار وهذا يجعل المغتربين أكبر مصدر للعملة الأجنبية في السودان وهم في الوقت الحالي أهم من البترول والذهب، وأكد أن الصادر الرئيس للبلاد ليس البترول ولا الذهب بل هو القوى العاملة المؤهَّلة.