الأغنية الوطنية الرائعة (مرحبتين بلدنا حبابا) من ألحان وأداء الفنان حسن خليفة العطبراوي. شاعر الأغنية الوطنية ذائعة الصيت هو الشاعر شمس الدين حسن الخليفة من أم درمان حي الموردة شارع الفيل. كان ميلاد القصيدة عام 1971م. كان (الشاعر) يعمل بوزارة الصحة بقسم (الصحة المهنية) بمدينة عطبرة، حيث افتتح ذلك القسم في مدينة الحديد والنار. كان الفنان حسن خليفة العطبراوي متعهد (بوفيه) المستشفى. الصدفة المحضة هي التي تسبَّبت في لقاء الشاعر والفنان. كان مكتب الشاعر شمس الدين في مستشفى عطبرة، لا يوجد حاجز بينه وبين (بوفيه) المستشفى الذي يشرف عليه الفنان حسن خليفة العطبراوي. فكان ذلك سبب التعارف بين الشاعر والفنان. ونسجت الصداقة خيوطها المتينة بينهما. وكلاهما يتمتع بموهبة الأنس وأدب الحديث. في عام 1971م غادر الشاعر (شمس الدين) عطبرة إلى الإسكندرية في بعثة استغرقت ستة شهور. كانت ترافقه في البعثة عائلته التي تتكوَّن من زوجته السيدة (وداد عبد الحميد إمام) وطفليهما (حنان) و(أحمد). يقول الشاعر بروحه اللطيفة إن إضافة اسم الجد (إمام) إلى اسم زوجته مهم جدّاً، إذ أن هناك ثلاث سيدات فضليات يحملن اسم (وداد عبد الحميد) في منطقتهم الأمدرمانية وهي شارع الفيل في حيّ الموردة. وتلك ظاهرة ينفرد بها (شارع الفيل) دون أي شارع سوداني، أو أي شارع آخر في أي مكان في العالم. عاش الشاعر شمس الدين ستة شهور، هي فترة بعثة العمل، في مدينة الإسكندرية بجمهورية مصر. كانت أيام الإسكندرية زاهية نضيرة بطقسها الرائع وشواطئها الجميلة على البحر الأبيض المتوسط. بعد انتهاء البعثة عاد الشاعر برفقة العائلة إلى عطبرة مقر عمله. وتصادف العودة مع موسم الغبار و«الكتاحة». عاد الشاعر إلى السودان يغمره الحنين والشوق والحب إلى السودان. لكن عند وصولهم عطبرة ومشاهدة الغبار و(الكتاحة)، وقبل أن يهبطوا من السيارة التي حملتهم إلى المنزل، سرعان ما قال الطفل أحمد (ابن الشاعر) وعمره أربع سنوات (إنت ليه يا أبوي جبتنا من البلد السمحة ديك للبلد الكلَّها تراب وكتاحة). وتفاجأ الشاعر من تعليق طفله واحتارت مشاعره المتدفقة بحبّ السودان وعطبرة فأجابه (يا ولدي مادي بلدنا). ثم نزل الشاعر من السيارة ودخل المنزل وقبل أن يفعل أي شيء، بدأ يكتب قصيدته الشهيرة (مرحبتين بلدنا حبابا... كان بسمومها... كان بترابها). ثم عدّل الشاعر المطلع إلى (مرحبتين بلدنا حبابها... حباب النيل... حباب الغابة). وأكمل الشاعر كتابة القصيدة وسط مشاعره المتدفقة بحبّ الوطن وفرحة العودة إليه. كان يكتبها وتعليق ولده الصغير (أحمد) لا يزال يرن في خاطره. واكتملت كتابة القصيدة. كان ذلك عام 1971م. بعد عامين من كتابة قصيدة (بلدنا حبابا) أي عام 1973م. قال الفنان حسن خليفة العطبراوي في جلسة أنس مع (شمس الدين) لقد أخبرني أحد الأصدقاء أن لديك كراسات خاصة مخطوطة عليها أشعارك، وأنا أريد أن أطلع على هذه الأشعار. وفي اليوم التالي أحضر (الشاعر) كراستين ولفتت نظر حسن خليفة العطبراوي قصيدة (بلدنا حبابا)، فقال للشاعر أنا أريد أن أقوم بتلحين هذه القصيدة. ثم أضاف العطبراوي (3) مقاطع من كلماته إلى القصيدة وأصبحت جزءًا منها. وفي نهاية القصيدة يجد القارئ مقطعين عن المقاطع الثلاثة التي كتبها حسن خليفة العطبراوي. وفي عام 1974م قام الفنان بتلحين (بلدنا حبابا). ثمّ نقِل الشاعر شمس الدين إلى الخرطوم. وخطر له خلال الإجازة أن يسافر إلى عطبرة ليزور صديقه الفنان حسن خليفة العطبراوي، وقد نسي موضوع تلحين قصيدة (بلدنا حبابا). هناك في عطبرة ومن إذاعة أم درمان تفاجأ الشاعر بالإذاعة تقدم الأغنية الوطنية إلى المستعمين. كانت مفاجأة كبيرة للشاعر وفي انفعال كبير ظل يستمع إلى قصيدته الرائعة بلحنها الرائع تنساب إلى وجدان كل السودانيين وإلى الأبد. وأصبحت الأغنية الرائعة تتبَّوأ مكانها في سجلّ الأغاني الوطنية الخالدة. شكراً للشاعر شمس الدين حسن الخليفة على انتقائه المميَّز المرهف لكلمات القصيدة التي انسربت أيضاً إلى وجدان ملايين الشباب من الأجيال الجديدة. وشكراً للفنان الراحل الكبير حسن خليفة العطبراوي، وللطفل (أحمد) ابن الشاعر (4 سنوات) الذي كان سبباً في قدح ومضة إبداع القصيدة في وجدان والده الشاعر. فيما يلي النصّ الكامل للقصيدة، ونشير إلى أن المقطعين الأخيرين أضافهما الفنان حسن خليفة العطبراوي من كلماته. نشير كذلك إلى أن الفنان العطبراوي لم يغنِ كل كلمات القصيدة إنما اختار بعضها، مثله مثل الفنان عبد الكريم الكابلي الذي لم يغنِ النص الكامل لقصيدة (ضنين الوعد) إنما اختار بعض أبياتها للغناء. مرحبتين بلدنا حبابا مرحبتين بلدنا حبابا ٭٭ حباب النيل حباب الغابة ياها ديارنا نحن أحبابا ٭٭ نهوى عديلا نرضى صعابا نعشق شمسها الحرّاقة ٭٭ تلهب في النفوس دفّاقة نحن شعارنا حب وصداقة ٭٭ للناس الصفت أخلاقا نحن بلدنا نتحدّابا ٭٭ بي خيرا الوفير وشبابا لو ننهض جميع بصلابة ٭٭ ما بتلقونا تاني غلابه نحن بلدنا بي خيراتا ٭٭ والبلد البتشبها ياتا هِيَّ حياتنا واحن حياتا ٭٭ ما دايرين بلاها وحاتا في جوف أرضها المأمون ٭٭ كم من سرّ خفي ومدفون لو نعمل حياتنا تكون ٭٭ تقدّم وازدهار مضمون بسواعدنا راح نبنيها ٭٭ أبداً ما بنفرّط فيها لو قبّلنا من واديها ٭٭ من وين تاني تلقى الجيهة؟ نحن بلدنا طيبة أصولا ٭٭ جود وشهامة رأي ورجولة بتنا راسيه ما مبدولة ٭٭ راقية مهذبة ومسؤولة في أخلاقنا في عاداتنا ٭٭ إشراقات تميّز ذاتنا نحن حميدة سمحة صفاتنا ٭٭ من أجدادنا لي أبواتنا ما نقول القديم بطال ٭٭ نقوم نرميه بالإهمال صحيح مرات نكال ووبال٭٭ لكن في البستُر الحال وما نشوف الجديد لماع ٭٭ نقوم نبراه بالإجماع مرات ببقي فيه نفاع ٭٭ ومرات للشعوب ضيّاع نمسك في القديم كان زين ٭٭ ونخلّي الجديد كان شين مش بس نمشي عميانين ٭٭ تقودنا الناس شمال ويمين لازم نبقى سمحين سيرة ٭٭ وطنية وأمانة وغِيرَة نحن بلادنا بينا مصيرا ٭٭ وين من غيرنا تلقي نصيرا؟ حق الدولة يا هو اللينا ٭٭ حفظُوا أمانة في عينينا قولة: أنا مالي حاجة مشينة ٭٭ لا تشرِّفنا لا بترضينا والواحد بدون تقصير ٭٭ للضيف يظهر التقدير وبرَّه بلادو يبقى سفير ٭٭ تطراها الشعوب بالخير نخلص ونمشي بي روح واعية ٭٭ لي وحدتنا دايماً داعية زي كل الشعوب الساعية ٭٭ لي سمعة بلادنا مراعية بس من غير وفاق وسلام ٭٭ تب ما بنمشي لي قدَّام اعملوا للغد البسّام ٭٭ ما يكون بس عملنا كلام { إلى هنا انتهى نصّ القصيدة (بلدنا حبابا) كما كتبه الشاعر شمس الدين حسن الخليفة. ثم أضاف حسن خليفة العطبراوي ثلاثة مقاطع منها المقطعين التاليين: في تاريخا ما في مثيلا ٭٭ بي درقا وسيوفا وخيلا نتحزَّم بلدنا نشيلا ٭٭ دون أفكار علينا دخيلة بظل الوحدة اتظلّينا ٭٭ ولي كل العقد حلينا متشابكات جميع إيدينا ٭٭ وبنتمِّم جميع ما بدينا