كتب الشاعر المبدع محمد المهدي المجذوب قصيدة (شحاذ في شوارع الخرطوم) وهي من أخريات ما كتب من شعره الجميل، من بعد المجذوب العطوف، كيف اليوم حال الشحاذين في شوارع العاصمة؟ (الإنتباهة) التقت اليوم بعضهم بالقرب من الجامع الكبير بسوق أم درمان، وفي موقف المواصلات (كركر). فكان المواطنون متعجبين من حوار (الإنتباهة) مع الشحاذين، فتجمهروا حول المحررة في شكل دائري وهم يجيبون، فتعجبوا من الأسئلة التي كانت تطرحها المحررة، فكان منهم من يتحلق حول الدائرة لمعرفة ما يدور، فيسأل من كان قبله عن سر تجمهر المارة حول الشحاذين. يذكر أن الأديب الكبير أبو حيان التوحيدي كان فقيرًا يعيش وسط المتسولين. ومن حيث لا يحتسب الشخص فإن محنة (التسول) يمكن أن تحدث لأي إنسان محترم جارت عليه الأيام وخذلته، أما العبارات التي يستعطف بها الشحاذون فهي (كرامة لله.. يا محسنين.. وأحيانًا يمدحون أو يقرأون القرآن)، وقد حار بهم الدليل فلا يستطيعون حيلة إلى رزق حلال ولا يهتدون سبيلاً للخروج من دائرة الفقر، فمنهم من مضى عليه قرابة (30) عامًا وهو في تلك المحنة الاقتصادية التي تحيط به إحاطة السوء بالمعصم. ٭ حنان محمد متسولة بالمسجد الكبير بأم درمان تسكن مربع (30) دار السلام تقول: إنها متزوجة وأم لثلاثة أطفال، وأنها جاءت إلى العمل بالتسول منذ ثلاث سنوات بغية الحصول على المساعدات التي تأتي من المواطنين. وتقول إن وجودها في السوق مع زميلاتها، خفف عنها الخوف من الشارع ومآلاته. ٭ أما آمنة آدم والدة حنان فتقول إنها عملت في مجال التسول قرابة ست سنوات، وأن لديها سبعاً من البنات تحت رعايتها، مؤكدة أن زوجها خرج بعد إنجابها البنات السبع، ولا تدري الجهة التي خرج إليها، مشيرة إلى أن جيرانها يعاملونها بطريقة مهذبة، وأن ديوان الزكاة يقوم برفع أسمائهم بغية الحصول على منحة شهرية إلا أننا في النهاية لم نحصل على أي شيء، مطالبة الجهات الحكومية بمساعدتهم وذلك بمنحهم قطعاً سكنية يسكنون بها ومنحاً شهرية لكل متسول حتى يستغني عن التسول. ٭ أما عائشة قسم السيد فتسكن قرية الفطيناب حي المدينة، فقد ذكرت أن لديها بنتين وولدين. البنتان متزوجتان. مشيرة إلى أنها ليس لديها أحد يقوم بدعمها، لذلك خرجت إلى الشارع للتسول، وتشير عائشة إلى أنها ليس لديها منزل ملك، مطالبة زكاة ولاية الخرطوم للنظر في أمر المتسولين بالعاصمة. ٭ أما (ع. و) فتقول إن لديها سبعة أيتام لذلك فكرت في الخروج إلى الشارع لامتهان التسول منذ قرابة (12) عامًا، مشيرة إلى أنهم في بعض الأحيان يحصلون على أموال وفي أحيان أخرى لا يحصلون على شئ، مضيفة أن المتسول في الماضي كان يجد تعاطفًا من المواطنين لدرجة تصل إلى أن المتسول يقوم بتوفير لقمة عيشه، إلا أن تلك الظاهرة اندثرت، فأصبح الناس لا يتعاطفون كثيراً مع المتسولين، مما اضطر بعضهم إلى إرسال أبنائه إلى عدد من الأسواق ومواقف المواصلات. وطالبت المواطنين بدعم المتسولين الذين خرجوا من منازلهم بحثاً عن لقمة العيش بعد أن ضاق بهم الحال. ٭ أما سارة من سكان الدمازين فتقول إنها تعول خمسة أيتام، ولجأت إلى التسوّل بعد وفاة والدتها، وليس هنالك أحد يشرف على رعايتها. مطالبة المواطنين بالتعاطف معهم. ٭ أما يعقوب إبراهيم فيعمل متسولاً قرابة (30) عامًا يقول إن مهنة التسول أصبحت ليست ذات عائد، فقديماً كان الناس يقومون بمنحهم أموالاً طائلة، أما حاليًا ومع ضغوط الحياة فالمتسول يحصل في اليوم الواحد على قرابة ال (5) جنيهات أو جنيه تقريبًا مما أدى إلى عزوف عدد من المتسولين الذين كانوا يترزقون من المهنة. وقال إن ظاهرة التسول كانت تقتصر على الرجال باعتبار أن المرأة لا يحبذ أهلها خروجها إلى الشارع، أما حاليًا فأصبح الرجال والنساء والصغار الذين تقوم الأسر بقذفهم للشارع بغية الحصول على الأرزاق. ويقول يعقوب إنه عمل وتجوّل بعدد من الأسواق ومواقف المواصلات والمساجد بالعاصمة غير أن المساعدات مع مرور الأعوام أصبحت قليلة. ٭ وفي موقف المواصلات (كركر) التقينا عددًا من المتسولين.. فاطمة أحمد من سكان مايو تعمل في مجال التسول ومعها أبناؤها الذين يساعدونها في المهنة وذلك بالدخول إلى الكافتيريات التي تجاور الموقف بغية الحصول على الأموال والمساعدات.. تقول فاطمة إنها امتهنت المهنة قرابة ال (15) عامًا وهي ما بين المواقف والمساجد وتقول إن بعض المواطنين يتعاطفون مع المتسولين ودائمًا يقومون بمنح المتسول ذي الإعاقة أو المكفوف، مشيرة إلى أن عدم السيولة أدت إلى قيامها بإيقاف أبنائها من المدارس ومساعدتها في العمل مؤكدة أن زوجها توفي منذ خمسة أعوام وترك لها الأبناء. أما سارة عبد الله من سكان الشاحنات فتطالب ولاية الخرطوم بمنح المتسولين منحة شهرية ومن المواطنين التعاطف الوجداني معهم وذلك ببسط أيديهم لهم وذلك لأن المتسول شخص أخرجته ضغوط الحياة.