ما أن تطل قضية فساد أو تبديد أموال الدولة إلا ويعلن أن جهات حكومية نافذة فى الدولة تكون طرفاً فيها. ويكتفي المراجع العام بالكشف عنها وعن الأرقام المالية الكبيرة التى ملكاً للدولة وتم تبديدها بطريقة الشيكات المرتدة، ويمسك عن الأسماء، فبالأمس كشف تقرير المراجع العام عن أرقام ضخمة من أموال الدولة بلغت «44» مليون دولار إضافة إلى «14» وحدة بلغت جملة متأخراتها «135» مليوناً للضرائب أبرزها سودانير والبنك الزراعي ومستشفى الخرطوم وجامعتا النيلين والسودان، ويرجع السبب بحسب تقرير المراجع العام إلى ظاهرة ارتداد الشيكات، وبسبب عدم انفاذ القانون تجاه العاملين والممولين.التقرير كشف عن تجاوزات خطيرة طالت الكثير من الجهات الحكومية، فقد كشفت نتائج مراجعة الشيكات المرتدة فى إدارتي الجمارك والضرائب عن عدم وجود تسجيل ورصد وقيودات ومفردات للشيكات المرتدة بوحدات الجمارك تعود لسنوات سابقة، والأمر الأخطر أن هذه الشيكات المرتدة غير مطابقة لرصيد العهد، تقرير المراجع العام كشف عن الخطر الكبير الذى تسببه هذه الشيكات المرتدة على اقتصاد البلاد، له آثار كبيرة وذلك بحسب الوكيل السابق بوزارة المالية الدكتور شيخ المك الذى أوضح ل«الإنتباهة» الأثر الخطير على اقتصاد البلاد بهذه الشيكات المرتدة، وطالب بضرورة إعادة النظر فى إصدار تراخيص أي معاملات من قبل مسؤولين ونافذين التى قد تحد من تمويل هذه الشيكات. وأوضح المك بعدم وجود قانون يعفي هؤلاء من المساءلة أو المحاسبة، حديث المك يوضح حجم خطور هذه الممارسات التى أدت إلى تبديد أموال الدولة. وليس ببعيد عن الواقع الذى يؤكد أن استغلال نفوذ وسلطات وحصانة لدى الكثير من المسؤولين مستخدمين صلاحيات منصبهم، فقد كشف تقرير سابق للمراجع العام عن ارتداد شيكات «71» نائباً برلمانياً بسبب مديونيات خاصة بعربات تسلمها النواب من البنوك ولا يملكون القدرة على السداد. وهؤلاء النواب الآن مواجهون بدخول السجن ورفع الحصانات عنهم بسبب ارتداد شيكاتهم، يذكر أن النواب تسلّموا عربات من البنوك والآن لا يتمكنون من السداد. تقرير المراجع العام لم يكشف النقاب فقط عن جملة هذه الأموال فحسب، بل كشف عن وجود جهات ومصالح حكومية تتهرب من سداد شيكاتها المرتدة، وذلك بسبب عدم انفاذ القانون تجاه العاملين، فقد كشف التقرير جملة الشيكات المرتدة للمجلس الأعلى للثقافة والإعلام «59.2» مليون جنيه لم يتم تحصيلها ولم تتخذ أية إجراءات قانونية حيالها يعود بعضها للعام 2006م. وبحسب إحصائية صادرة من نيابة مخالفات الجهاز المصرفي، فأن البلاغات التي وصلت النيابة العام الماضي بلغت «2847» وبلغ حجم المال المعتدى عليه «348,425,925,24» جنيهاً، وأن البلاغات المشطوبة بسبب السداد بلغت «647» والبلاغات في المحكمة «135» والبلاغات تحت السداد الجزئي للتسوية مع الشاكي «204»، والبلاغات قيد التحري «1864» بلاغًا، وأن هذه البلاغات رُحِّلت لهذا العام بجملة مبالغ أكثر من «166» مليون جنيه، وكشف التقرير أن جملة المقبوضين في هذه البلاغات بلغت «1219» منهم «179» أنثى و«1140» رجلاً من بينهم «69» مصرفيًا والبقية عملاء. خبراء الاقتصاد يرون خطورة هذا الأمر، واعتبروه كارثة اقتصادية كبيرة، والمتضررون في المرتبة الأولى هي البنوك، وبحسب الخبير الاقتصادي حسن عبد الوهاب قال إن الخطر من تأثير هذه الشيكات لأن أغلبها لصالح البنوك نظير عمليات تمويل، وغالباً في عمليات التسديد الضمانات للبنوك تكون غير كافية، أو على أصول قيمتها لا تعادل القروض، وكثير من البنوك تواجه صعوبة في السيولة، والأزمة تكون من عدم السداد، وأصبح أغلب الناس يتحايلون على البنوك بأن تأتي بشخص يمكن أن يدخل السجن بدلاً عن المدين الأصلي، وهذه العملية تسمى في البنوك باسم الجوكية. الأمر الذى أدى إلى انهيار بنوك، واضطرت الحكومة لدعم بعض البنوك، بجانب الدفع لمؤسسات حكومية الضرائب كجزء أساسي في ميزانيات الدولة، وكل الجهات الحكومية التي تتعامل مع الجمهور تتأثر بذلك، وأثر الشيكات على الاقتصاد تراكمي.