في ظل الظروف الاقتصادية بالغة التعقيد من جراء تداعيات الأزمة المالية العالمية وآثار انفصال الجنوب والتي ألقت بظلالها السالبة على عمليات التوسع في التجارة المحلية بما أدى للتعامل بالشيكات الآجلة وأسفر عن ذلك الشيكات المرتدة وحبس الكثير داخل السجون.. هذا الأمر دعا أهل الاختصاص من المصرفيين والخبراء في المال إلى عقد ندوة «المدلولات الاقتصادية والمصرفية والقانونية للشيكات والكمبيالات»، وتأتي الندوة لإلقاء المزيد من الضوء على القضية وبحث وجهات النظر المختلفة والتفاكر حول وضعية الشيكات الآجلة، وأكد ممثل محافظ بنك السودان المركزي د. بدر الدين قرشي اهتمام البنك بمعالجة كل السلبيات والمعوِّقات التي تواجه القطاع المصرفي والمالي، وأضاف رئيس اتحاد المصارف السوداني مساعد محمد أحمد أن مسألة الشيكات الآجلة والمرتدة قضية تشغل بال الدوائر المصرفية والعدلية خاصة بعد تزايد أعداد المحبوسين في قضايا الشيكات المرتدة. ويرى محافظ البنك المركزي السابق د. صابر محمد الحسن أن للشيك مهام تتمثل في السداد لتنفيذ معاملات تجارية وسداد الالتزامات الآجلة مشيرًا لأهمية معالجة ظاهرة التمدد للتعامل بالشيكات، وقال إن الشيك أُعطي مهام أخرى مثل استخدامه كوسيلة للضمان وآلية لسداد الالتزامات الآجلة والتقسيط، وتم تكليف الشيك بما هو فوق طاقته، لذا ظهرت المشكلات والتعقيدات مطالبًا بإصدار قانون جديد للشيكات وسحب بعض الأشياء والنظر في موضوع الكمبيالات في إطار الشريعة للمساعدة في مزاولة الأعمال التجارية وتحديد سقف محدَّد للشيك حتى لا تكون المبالغ المعتدى عليها كبيرة، وتقليل مضار البنوك، بجانب البحث عن البديل لعقوبة «لحين السداد»، مناديًا بإصدار قانون جديد للشيكات يحدد من خلاله مهمة الشيك بصورة قاطعة ويجرِّم استخدام الشيك لأغراض أخرى، وداعيًا إلى ضرورة النظر في مسألة الكمبيالات عبر إصدار بديل لها أو تطويرها بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية. وقال عثمان سراج الدين من نيابة مخالفات الجهاز المصرفي إن الفرق بين الشيك والكمبيالة أن الأول أداة وفاء والكمبيالة أداة ائتمان مبينًا أن الشيك أقوى الوسائل لضمان التمويل المصرفي. وقال مولانا عز الدين فضل الله من نيابة مخالفات الجهاز المصرفي إن البلاغات التي وصلت النيابة العام الماضي بلغت «2847» وبلغ حجم المال المعتدى عليه «348,425,925,24» جنيه، وأشار إلى أن البلاغات المشطوبة بسبب السداد بلغت «647» والبلاغات في المحكمة «135» والبلاغات تحت السداد الجزئي للتسوية مع الشاكي «204»، والبلاغات قيد التحري «1864» بلاغًا، مبينًا أن هذه البلاغات رُحِّلت لهذا العام بجملة مبالغ أكثر من «166» مليون جنيه، وكشف أن جملة المقبوضين في هذه البلاغات بلغت «1219» منهم «179» أنثى و«1140» رجلاً من بينهم «69» مصرفيًا والبقية عملاء. وقطع بأن أكبر الإشكالات التي تواجه النيابة عدم توفر العناوين للعملاء مشدِّدًا على ضرورة تطبيق معرفة عميلك. وقال الخبير القانوني د. عبد الله إدريس إن الإشكالية الرئيسة تتمثل في عدم وجود قانون خاص للشيكات مبينًا أن عدم وجود القانون أدى لزيادة الأعداد في السجون، وقال إن عقوبة «يبقى لحين السداد» تتطلب المراجعة مشيرًا إلى امتلاء السجون بالمقبوضين دون فائدة الأمر الذي قد يعود بتكاليف باهظة للدولة داعيًا إلى ضرورة معالجة قضية «يبقى لحين السداد». ويرى قنديل إبراهيم عضو مجلس إدارة البنك المركزي أن التعامل بالكمبيالة قائم على الثقة مع التجار، وأشار إلى أن البنوك وبسبب زيادة الديون بسبب الشيكات اتجهت إلى المرابحات مبينًا أهمية السعي والبحث عن دور جديد للشيك والكمبيالة مع إعادة الثقة بين العملاء والبنوك والتجار، ووصف ما يحدث في الأسواق حاليًا ب «الهرجلة» مشيرًا لانتشار الشيكات المرتدة ودخول عناصر غير معروفة من التجار إلى عالم التجارة.