هناك صفات ترسخت في مجتمعنا بمهن معينة أصبحت يضرب بها المثل ومنها عزومة المراكبية وبنية النجار وشلوت الترزي ولقمة الطيانة، والطيانة من المهن التي هي شبه مندثرة نسبة لتغير الزمن والانماط الاجتماعية في المباني الا ما ندر وكان الطيانة مشهورين بالأكل الكثير ونحول الأجساد ولذلك يوصف الشخص الاكول والنحيل في نفس الوقت بالطياني، لكن الطيانة رغم الطين والزبالة والرئحة غير المحببة وتأفف البعض منها لكن الطيانة يعتبرونها كرائحة الورد فهم يُقبلون على عملهم بمعنويات منفتحة ونشاط واضح الملف الاجتماعي التقى عددًا منهم فكانت هذه الإفادات كتب : صديق علي العم الجزولي وبالرغم من سنواته السبعين لكن مازال قادرًا على العمل في مهنته ومهنة آبائه واجداده الترابلة كما يسميها فحدثنا عن مهنته قائلاً انا اتعلمت من ابوي عليه الرحمة، ففي زمننا المزارع او النجار او الحداد اي واحد بيعلم اولادو عشان يمسكو من بعد وشغلنا من الشغل المجهد والحار وده البخلي الواحد بيجوع بسرعة مثلاً انا باصحي الفجر اصلي وامشي مكان شغال عشان اوصل بدري ولمن الساعة تكون ثمانية تسعة نكون قطعنا شوط كبير في البنيان، فلازم يكون الفطور جاهز عشان نفطر بسرعة ونرجع نشتغل لانو يومنا بينتهي الساعة واحدة ظهرا ونمشي نقيل ونجي راجعين العصر لانو الشغل في الشمس صعب ومن هنا الناس بتقول نحن اكالين لانو طبيعة عملنا بتخلي الواحد ياكل قبل الناس وبسرعة. العم الضحوي تحدث ايضًا عن مهنته حيث قال: كنا نمشي مناطق بعيدة نغيب عن اهلنا شهور زي المغتربين والواحد فينا كان ما عمل ليه قروش كويسة ما برجع ومرات كثيرة نمشي يومين في الخلاء ما تلقى ليك نفر اما عن الاكل ما كل الطيانة أكّالين وبحبو الاكل زي ما الناس فاكره انا ابوي كان طياني وكان بياكل بسيط ما بزيد خمسة لقمات طوالي بيقوم من الاكل ومهما الناس حلفتو ما برجع وكتير من الطيانة كانو ما اكالين لكن طبعن الناس ما عارفة عنهم حاجة. طه من الطيانة المعاصرين الذي مازالوا متمسكين بمهنتهم اجاب ضاحكًا والله فعلاً نحن بناكل وبعجبنا الاكل السمح لانو نادر ما تلقى ليك ناس بيعملو حاجة كويسة للطيانين فالواحد لو جاب ليه طياني معناها يكتر الدقيق والويكة عشان ما يخسر كتير لانو اذا حاول يفطرنا بي رغيف وفول وطعمية الاكل ده ما بيعمل للطيان حاجة بالنسة ليهو زي حلاوة قطن وعشان كدة ما بتقدر عليهم الا العصيدة وكمان الا تكون من الدخن وبرضو القراصة، وعن عملهم في الوقت الحاضر قال انحصر في الزبالة لبيوت الجالوص المبنية اصلاً وبعض العمال زي الطوب الاخضر وتغير الاسقف وقال لسة في ناس مابقدرو يبنو حديث لكن مابقدرو يدفعو لينا كتير لكن برضو امورنا ماشة والحمد لله اما الخال حسن فقال الشوايقة من امهر الطيانة كانو يحضرو من الشمالية الناس في الحلة بيدوهم بيت فاضي يسكنو فيه ولو الواحد عايز يبني يمشي ليهم وكانو براهم بيعملو قراصتم وملاحم ولو في زول عايز يودي ليهم فطور او غداء ما بحرجوه ومرات في واحدين بعرسو من الحلة وكان حاج حمد الشايقي ده من اشهر الطيان زمان جاء حلتنا وهو صغير وما رجع بلدو الا وهو عندو اولاد وكان الناس في الحلة عارفين نظامو اذا اشتغل في بيت لازم يعملو ليه قراصة وسمن بعد داك يملحوها ليه بي اي حاجة ما مشكة لكن لازم السمن وكان بياكل كتير عشان كده قبل ماتتفق معاهو لازم تجهز ليك قمح تدققو وجيب ليك باقة سمن! الطياني يعتز بمهنته وسمعته في الاكل تسبقه دائمًا وهي مهنة ستظل لها ذكرياتها حتى لو اختفت بيوت الجالوص تمامًا لأنهم اشخاص عشقوا الزبالة وشيدوا منها المباني الواسعة التي معظمها تم تجديدها او باتت اطلالاً.