النسخة الثانية من النفط كشف وزير النفط عوض الجاز في برنامج «مؤتمر إذاعي» في الحلقة قبل الماضية عن أن «40%» من مساحة السودان متهمة خيراً بالنفط، في الواقع ظل النفط منهمرًا لفترة عشر سنوات تقريبًا خمس منها خالصة للحكومة قبل اتفاقية نيفاشا «2005» وخمس أخرى مناصفة مع حكومة جنوب السودان إبان الفترة الانتقالية ولم يفتح الله على الحكومة التي تتحرج عن الحديث حول الخطة ربع القرنية «2005 2031» للنهوض بأن تعمل بالحكمة الشعبية «القرش الأبيض لليوم الأسود» وما إن غادر الجنوب بنفطه حتى أفاقت الحكومة على الخزائن الفارغة وأخذت تجوب البلدان تطلب القروض أعطوها أو منعوها دون أن تكلف نفسها عناء البحث في أين ذهبت أموال النفط.. ورغم غزراة الحديث عن آليات مكافحة الفساد وإقرارات الذمة وتقارير المراجع العام إلا أننا لم نسمع يومًا بمحاسبة المسؤول الفلاني عن قضايا تتعلق بالفساد. ورطة أبيي حملت صحف الإثنين الماضي عن المسيرية أنهم سيحررون أبيي بالقوة ويطردون منها أي غريب، وفي تفاصيل الخبر أنهم يرفضون استفتاء أكتوبر المقبل الذي حدَّدته الوساطة الإفريقية، وفي اليوم التالي مباشرة أوردت الصحف نقلاً عن أحد قيادات المسيرية وعضو البرلمان مهدي إبراهيم أنهم باقون في أبيي صيفًا وخريفًا هذا العام استعدادًا للمشاركة في الاستفتاء وذلك عقب لقائهم بمساعد الرئيس نافع علي نافع فهل يعني هذا أن الحكومة قبلت باستفتاء أكتوبر دون أن تعلن ذلك أم ماذا؟ وبالنظر في ملف أبيي نجد أن الحكومة قد فرَّطت فيها منذ أن قبلت بأن يكون لها برتوكول خاص وتاليًا عندما قبلت بتحكيم الخبراء الذي أحوجها للذهاب للتحكيم الدولي في لاهاي وتوالى مسلسل التفريط عندما اختارت مقايضة المنطقة بقانون الأمن الوطني عندما استبدلت عبارة «التمسُّك بحقوق المسيرية في التصويت» الواردة في قانون استفتاء أبيي بعبارة«يحق التصويت للسودانيين المقيمين في المنطقة» لذا ولإدراكه للثقل الدولي الذي تتمتع به دولته تجرأ كبير مفاوضي دولة الجنوب للتصريح بأنهم لا يعترفون بأن المسيرية مكوِّن من مكوِّنات المنطقة وذلك إبان انعقاد القمة الأخيرة بين رئيسي دولتي السودان.. فرَّطت الحكومة في أبيي لأنها كانت تنشد نفسها وها هي اليوم تبحث عنها لذات السبب فلو أثمرت ضغوط المجتمع الدولي وفي مقدمته أمريكا التي أبدت سعادتها لمقترح أمبيكي في أن تؤول أبيي للجنوب فلن يتوانى المسيرية في إشعال الحرب ليس دفاعًا عن أرضهم فحسب وإنما عن بلد بأكمله غفل عنهم وعن جزء عزيز من الوطن، وعندها غير بعيد أن تجد الحكومة نفسها في مواجهة البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة. دبلوماسية الرئاسة ألقت الرئاسة بثقلها نحو القارة الإفريقية، إذ توجَّه نائبا الرئيس علي عثمان محمد طه والحاج آدم يوسف في جولة مطولة تشمل عشر دول إفريقية وها هو مساعد الرئيس نافع علي نافع يدشن جولة أخرى لخمس دول بالقارة وتأتي هذه الجولات عقب قمَّة البشير وسلفا في الخامس من الشهر الجاري، وقبل قمة الاتحاد الإفريقي المنتظَرة في الرابع والعشرين من الجاري، والتي ستكون لها كلمة بشأن اتفاق التعاون المشترك بين البلدين خاصة أن مسؤول الوساطة ثامبو أمبيكي في إعلانه عقب القمَّة بأنهم ربما يلجأون لمجلس الأمن لمتابعة إنفاذ الاتفاقيات يبدو أن الحكومة لا تسأم من سياسة رزق اليوم باليوم فقادة الدول الإفريقية المؤثرة في الإقليم إذا لم تكن منحازة لجوبا تمام الانحياز فإن علاقتها بالخرطوم لا تتجاوز الحياد في أفضل الأحوال بدليل المكتوب الذي أرسلته الخرطوم لأمبيكي توضح فيه رفضها لإدراج سماحة بشرق دارفور ضمن المناطق المختلف حولها فأخفته سكرتارية لجنة أمبيكي الذي قال إن المكتوب لم يصل إليه فضلاً عن اقتراحه لاستفتاء أبيي في أكتوبر في انحياز واضح للجنوب إذا كان هذا هو موقف الوسيط الذي يفترض أن يكون محايدًا فما بالك بالآخرين. سفينة الوطن أشعلت وثيقة الفجر الجديد التي وقعها نفر من قيادات أحزاب المعارضة «المؤتمر الشعبي والأمة القومي والشيوعي السوداني وغيرها» مع الجبهة الثورية بكمبالا الأحد الماضي سجالاً جديدًا بين الحكومة والمعارضة التي لم تعترف بالوثيقة فبعض منها تحفّظ عليها وقال إنها محل نظر بينما ذهبت اخرى إلى أنها دفعت بمبعوثيها للتباحث حول البديل الديمقراطي وليس للتوقيع على مواثيق من جهته توعد الحزب الحاكم بحسم من أسماهم بالعملاء والطابور الخامس في إشارة للمعارضة التي لم تتعلم من تجربتها السابقة مع الحركة الشعبية الأم التي خدعتها أيما خديعة في اتفاق نيفاشا ولأن الأمر محير بحق سبق أن سألت رئيس مجلس شورى الحركة الإسلامية في ندوة أقامها حزبه بالخرطوم عن متى تجلس الحكومة مع المعارضة للاتفاق حول الوطن عوضًا عن هذا التجاذب الذي لن يفضي إلا لغرق سفينة البلاد فأجاب بأن الأمر يحتاج لتنازلات من الطرفين فهل يدرك الطرفان هذه المعادلة قبل فوات الأوان؟