السيد «بلعام بن باعوراء» هو «مواطن» يهودي عاش في زمن سيدنا موسى عليه السلام وكان بلعام هذا من المؤيدين والمتشددين في ولائه لنبي الله موسى.. ويقال إنه كان من أحد أقربائه وإنه كان ابن عمه «لزم» ولهذا فإن سيدنا موسى كان يختاره للمهام ذات الطبيعة الخاصة والمهام التي تحتاج إلى مؤهلات بدرجة عالية من المسؤولية ولهذا فإن سيدنا موسى عليه السلام قد قرر في إحدى المرات أن يرسل إلى فرعون ملك مصر أحد الأشخاص للتفاوض معه وإقناعه بوجهة النظر التي يحملها النبي موسى.. وقد وقع الاختيار على «بلعام بن باعوراء» لكي يكون هو مندوب الرسول للفرعون نظرًا لما يتمتع به من المؤهلات وصلة القرابة مع النبي إضافة إلى قوة المنطق وحسن البيان مما اشتُهر به وسط اليهود وبني إسرائيل. وذهب المندوب «ابن باعوراء» إلى بلاط الفرعون حاملاً معه هموم المجموعة التي تركها من ورائه والتي كانت تنتظر منه أن يعود إليها بعد جولة التفاوض المذكورة ببعض الإنجازات وتحقيق المطالب «الفئوية والعرقية» لبني إسرائيل ويبدو أن الفرعون كان قد درس نفسيات المندوب الإسرائيلي وقرر أن يغدق عليه المال ويغرقه فيه حتى «يشرق» ويغطس إلى أخمص قدميه.. كما قرر أن يعرض عليه إحدى الوظائف الهامة في القصر ويبدو أن «ابن باعوراء» كان جاهزاً للبيع والشراء حيث قبل بالمنصب وقبل أن يبيع نفسه للفرعون وأعلن «انسلاخه» عن المجموعة وأعلن أنه قد صار من أتباع الفرعون.. وصار مناوئاً لمجموعة سيدنا موسى ومن أهم المقربين للفرعون ومنذ ذلك اليوم صار كل من «ينسلخ» عن القطيع ويقبل الوظيفة عند «الحاكم» يُعرف بأنه «ولد باعوراء» وتعرف حالته بحالة «البَعْرنَة».. وتختلف درجة «التَبَعُّر» من منسلخ لآخر حسب الوظيفة التي تُخصَّص له وحسب المال الذي يصل إليه.. والآن أيها القارئ الكريم هل لاحظت أي حالة أو أي حالات من «التَبَعُّر» أو «الانبعار» أو «البَعْرنة» في المسرح السياسي الراهن في بلادنا الآن. وهل يمكنك أن تتوقع عدد «أولاد باعوراء» القادمين مضافاً إليهم ناس باعوراء القدامى؟! وهل يمكنك أن تقوم بتقدير عدد المجموعات المتبعرنة سواء من الحركات المسلحة أو من الأحزاب المعارضة أو من الجبهة الثورية أو من التجمع الديمقراطي سابقاً والذي صار اسمه الآن أحزاب الإجماع الوطني.. وما هي معدلات التبعرن لدى الزعماء.. وكم يبلغ عدد البعران التي يقبضها المعارض حتى يسكت و«ينطم» { كسرة؟ ورد في صحيفة ألوان يوم الأحد الماضي تصريح من أحد الزعماء الجنوبيين اسمه «جيمس أقوير»..يعمل عضوًا برلمانياً ورئيس حاجة اسمها لجنة سيواك في دولة الدينكا بجنوب السودان.. وهذا الزول صرح بأن هناك خمسة وعشرين ألف جنوبي يعيشون كعبيد في السودان وموجودون الآن على حد قوله في جنوب كردفان وجنوب دارفور وأنهم من النساء والأطفال وأنهم ينومون مع الأبقار في موسم الخريف والشتاء.. طيب يا جماعة لابد أن نقرر أن مسألة «العبودية» قد انتهت في السودان منذ أزمان سحيقة جداً.. وليس هناك إنسان في السودان يمتلك إنساناً آخر.. وانتهت مظاهر العبودية حتى عندما كانت مستشرية في بريطانيا وأمريكا. ولا نحتاج أن نذكر الناس بأن كل الزنوج الأمريكان والأوربيين ما هم إلا أحفاد العبيد المنقولين براً وبحراً من إفريقيا. وأما إشاعة أن هناك خمسة وعشرين ألف «عبد» في السودان فهذه أطلقها من قبل باقان أموم حتى يستجدي بها عواطف الغربيين ويثير بها الدخان والنعرات العنصرية ويجعل منها خميرة عكننة. ولا ندري لماذا قام الزعيم الجنوبي أقوير بإنقاص العدد إلى خمسة وعشرين ألف عبد بس علماً بأن باقان أموم كان قد أعلن أن هناك اثنين وثلاثين ألف عبد في السودان.. طيب يا جماعة بنفس طريقتكم بتاعة «الورقة» وكتابة التعهد سوف نكتب لكم ورقة بأنه لا يوجد أي عبد مملوك في السودان لأي من قبائل بني أمية وبني حابس وبني عابس وبني النضير وبني المقوقس وبني داحس بن الغبراء.. وبهذا نتعهد لكم بإرجاع أي عبد من الخمسة والعشرين ألف عبد المذكورين إذا ما وجدنا أنه لا يزال يتحاوم «بي جاي».. ونرجو من «السيد» جيمس أقوير أن يحضر لاستلام العبيد المذكورين وترحيلهم إلى بلادهم حيث «السيادة» إذا كان يعرف أماكن وجودهم.. ثم أخيراً نذكر السيد جيمس أقوير أنه ليس جديداً أن ينام رعاة الأبقار مع أبقارهم سواء في الصيف أو الشتاء والجنوبيون بطبعهم رعاة أبقار..